العدد 4980
الجمعة 03 يونيو 2022
banner
“النووي الإيراني”.. اتفاق أو لا اتفاق؟! (1)
الجمعة 03 يونيو 2022

تتداول الأوساط السياسية البحثية والإعلامية في الآونة الأخيرة فرضيات حول جدوى إحياء الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015، وهل يصب ذلك في مصلحة الأمن والاستقرار الإقليمي، أم أنه يوفر غطاء لتطوير القدرات النووية الإيرانية وتوفير هامش حركة أكبر لسياسات الهيمنة والتوسع الإيرانية؟ وقد تباينت الآراء في الولايات المتحدة وغيرها من الدول والأطراف المعنية بين معارض لإحياء الاتفاق ومؤيد له، ومؤخراً، نشرت صحيفة “جيروزاليم بوست” تقريراً بعنوان “غياب الاتفاق النووي مع إيران يفرض مخاطر على إسرائيل”، نقلت فيه عن مصادر استخباراتية قولها إن عدم التوصل لاتفاق نووي مع إيران قد يفرض خطراً نووياً وشيكاً على إسرائيل، وإن تبعات عدم إبرام اتفاق تبدو أسوأ من التوصل لاتفاق سيئ، إذ إن إيران قد تكون قادرة على إنتاج أربع قنابل نووية إذا فشلت جهود التوصل لاتفاق معها.
واقعيًا، إن هذا التقدير قد يكون له ما يبرره تحليلياً، على الأقل من زاوية الإقرار بأننا نفاضل بين سيئ وأسوأ، لكن أي قياس مواز على آثار الفترة التي كان فيها الاتفاق الأصلي الموقع عام 2015 سارياً، وقبل انسحاب إدارة الرئيس السابق ترامب منه عام 2018، تؤكد كذلك أن التهديد الإيراني له أوجه متعددة ولا يقتصر على خطر “القنبلة النووية”، التي تمثل تهديداً كارثياً لا يمكن التهوين منه حال حدوثه، لكن لا يمكن كذلك التهوين من أنماط التهديد الإيراني الأخرى، وفي مقدمتها تمويل وتسليح الميلشيات الإرهابية المنتشرة في مناطق مختلفة بالشرق الأوسط مثل اليمن ولبنان وسوريا والعراق، وهي برأيي التهديد “الواقعي” الأكثر التصاقاً وتأثيراً في الأمن الإقليمي كونه التهديد الحاصل فعلياً، والجاهز للاستخدام والتوجيه ضد دول المنطقة ومصالحها.
من هنا لا يجب حصر التهديد الإيراني في الشق النووي، باعتباره ذروة الخطر المحتمل، كما لا يفترض الاستسلام لاختيار السيئ بدعوى أننا نتفادى الأسوأ، فالسيئ ليس قدرنا في هذه المنطقة الملتهبة من العالم، والأسوأ لا يجب أن يكون “الفزاعة” التي تخيف طهران العالم بها، لاسيما أن المحصلة الحقيقية تشير إلى أن الخطر الإيراني لم ينته بعد اتفاق عام 2015، بل تباطأ قليلاً، وأن المزيد من التأخير عبر التوصل إلى تفاهمات جديدة لا يعني أننا بمنأى عن الخطر، بل فقط باعدنا المسافة الزمنية بيننا وبينه!. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .