+A
A-

ريم ونوس أقوى ممثلة في تجسيد الشقاء الإنساني على المسرح

يتطلب في الممثل فهمه للنص وإجادته له، ومعرفة مكانة هذا الدور من المسرحية ككل. والممثل الذي يجيد الفهم يسهم في خلق الشخصية التي يؤديها، إذ الواقع أنه هو الذي يجسدها، وألفاظ المؤلف إنما تشير مجرد إشارة إلى الشخصية، ومن ثم ننظر إلى أي مدى نجح الممثل في مجاراته المؤلف، وإلى أي حد نجح في بعث الحياة والحركة في النص، يضاف إلى هذا الحركة والإلقاء، ويدخل في الحركة قوة الخيال الذي يحيل الصورة حقيقة، ويحرك الانفعال ويخلق أسبابه.


ومن الأمور المسلم بها أن انفعال خيال الإنسان إنما هو صدى المقدرة على تصور بواعث هذا الانفعال، ويتدخل في القدرة على الانفعال القدرة على التحكم في الجهاز العصبي للممثل. أما الإلقاء وطريقة أدائه فهو مرتبط بدرجة فهم النص، وبدرجة الانفعال وإحساسه باللغة "فلكل لفظة لون عاطفي، وحتى الألفاظ التي تعبر عن معان عقلية لابد أن نعطيها شيئا من حرارة العاطفة".

لقد استطاعت الفنانة ريم ونوس أن تثبت أنها ممثلة مسرح من الطراز الفريد، براعة في الأداء والتعبير والفهم التام لمقتضيات المسرح، ومعرفة للطبائع البشرية فضلا عن إحساسها واطلاعها الواسع، وقد لا أكون مبالغا أن قلت إنها أقوى ممثلة في تجسيد الشقاء الإنساني على المسرح، ولديها مقدرة فائقة في التحليق بالمتفرج إلى آفاق خارج حدود مملكة التراجيديا، وإشاعة الجو التعبيري في كافة أرجاء المسرحية.
وقفة ريم ونوس على المسرح تبهر الكثير من الناس بقدر ما تبهرهم قواعدها الفنية ولمساتها، وكلنا أمل أن تحرز جائزة في مهرجان قرطاج الدولي للمينودراما من خلال مشاركتها في مسرحية "حتى إشعار آخر" لمسرح أوال؛ لأنها تستحق بسبب التناسق الهندسي في أدوارها والأثر الفني الذي تتركه على جمهور المتفرجين.