العدد 4862
السبت 05 فبراير 2022
banner
ضرورة مراجعة مؤشرات الأداء لسلاسل الإمدادات
السبت 05 فبراير 2022

مراجعةً لمنحى الأداء لقطاع سلاسل الإمدادات والتوريد العالمية خلال العشرة الأعوام الماضية، واستقراءً لمعايير مؤشرات الأداء التي وضعت كمقياس للكفاءة المعتمدة على (العامل الزمني) في أغلبها، لتفيد بذلك من المصانع والشركات المرتبطة للقطاع، بحيث أصبح تقليل الزمن منسوبًا لنجاح أدائهم أو مؤشرًا لتتبع تحسينه وتطويره مع التقادم الزمني.

معيار (العامل الزمني) وضع لمراقبة مستوى الخدمة وسرعة الاستجابة والتوريد عموماً باعتبار أن السلاسل البينية تؤدي عملها وفق وقت محدد محسوب تم إدراج كل وحدة فيه حتى وصلت لحد من الكفاءة المحسوبة أيضاً، وبناء على ذلك تم تطوير الأمر بحيث اعتبر مجالا تنافسياً جاذباً بين المنافسين وعاملاً للعملاء مع منحى إمكانية تطبيق جزائي في حال انخفاض الأداء عن المستويات المتفق عليها وخصوصاً مع العقود الطويلة والآجلة.

اختصاراً، مع وجود هكذا مؤشرات تشكلت لتعطي انطباعاً تحفيزياً للأعمال وسرعة وتيرة الأرقام في رفع المداخيل وتقليل التكاليف والسماح بالتقييم الكمي والنوعي على أساس مواءمتها مع أهداف نشاط أي مؤسسة كأرقام حقيقية ومستنداً بدل التخمين لاستقراء أي سبب طارئ في زمن عرف بوفرة الموارد والسلع والخدمات ضمن مجموعة متكاملة ومترابطة في طبيعة مقاطع وحدات سلاسل الإمدادت.

ذلك الواقع الذي عشناه من قبل الجائحة تقريباً، يختلف عن حال اليوم وقد لا يتغير بسهولة في ظل التحديات الراهنة من نقص الموارد وانحسار خيارات المصادر وسبل الشحن حول العالم، ساهمت فيه المعايير السابقة في خلق مشاكل كامنة كالتي نعيشها اليوم من تعطل العجلة التي أفترض لها ألا تتأثر أو تضعف بمستويات منخفضة من أدائها مع التضخم المستمر في كل مكان. هذا التركيز السائد في التكاليف والكفاءة والمعيار الزمني أدى لتفرد بلدان التصدير في جهة الشرق من العالم بدل الاستثمار في توفير البدائل من المصادر في جهات أخرى حتى وصل الحال باعتماد أغلب مناطق العالم على الموارد القادمة من الشرق بنسبة لا تقل عن 65 % (بحسب الإيكونومست) وهو ما خلق تكدساً وتشابكاً مربكاً للعالم بأسره بعد العجز الحاصل في الشرق في تأمين سلاسل التوريد العالمية.

الإشكاليات الحاصلة في عالم الأعمال اليوم ليس بدقة وقت الطلبية ولا حتى بزمن وصول شحنتك، بل هو في إمكانية الطلب من المورد أو المقدرة على توفر الحاويات المناسبة للشحن.. فوصولها تحصيل حاصل لو تحركت عجلة الإمدادات أصلاً بغض النظر عن تكاليف التحميل والمناولة التي كان ينظر لها كعائق للكفاءة ومؤشر الأداء لأي مؤسسة.

من ذلك أجد أن المراجعة لمؤشرات الأداء واستبعاد العامل الزمني من الآن حتى تستقر الأوضاع ضرورية لاختبار وحدات بينية أخرى وتعزيز مكانتها ضمن سلاسل الإمدادات، بل أجدها فرصة اليوم للمخاطرة المحسوبة بتحمل تكاليف المناولة والتحميل ولو تكررت مقابل وفرة الموارد والمخزون لضمان استمرار النشاط دون اضطراب رئيسي يؤدي لانتكاسة في تلبية طلبات السوق. وحدة (المخزون) التي كانت محل تساؤل في السابق منذ بروز مفهوم JIT. المخزون يمثل حلاً جذرياً اليوم مع تصاعد الأسعار ومعوقات وفرة الموارد والتضخم المتفشي الحاصل، فما تشتريه اليوم هو حتماً أرخص من يوم غدٍ في تقدير مستمر يتغلب بتكلفته على مخاوف تكاليف التحميل والمناولة.

وعليه، فلابد من تبسيط خط العمليات وتقييد مؤشرات الأداء الرئيسية لتلبية الحاجات واستبعاد التطبيقات الدقيقة والنظر للتفاصيل في كل منها. وبسبب هذه الضرورة الحاصلة، فإن تطوير مؤشرات الأداء الأساسية لحساب العامل اللوجستي واتخاذ توفر الموارد أساساً سيؤدي لحفظ النشاط بعد التخلي للتسلسل الهرمي لمؤشرات الأداء الرئيسية للمؤسسات ووفق التباينات الحاصلة من إدارة لأخرى والتي تكون في المؤسسة ذاتها أحياناً. درجة الدقة ليست مناسبة الآن ولا تفاصيلها ولم يعد من الحكمة أن يكون هناك عدد كبير من المستويات في التسلسل الهرمي لقياس أداء المؤسسة فيما يتعلق بمؤشرات أداء سلاسل الإمدادات.

هذا التوجه يتطلب الإفصاح اليوم والدعوة بالتركيز أكثر في إنشاء وحدات التوزيع ورفع مستوى المخزون في مناطق من العالم دون غيرها لتأمين تدفق الموارد من جهة والحد من أي انتكاسة لطلب السوق من جهة أخرى. ومنه يمكن التدرج بحساب الأولويات للنشاط فمخزون قطاع الإنشاء والصناعة مثلاً والسلع المترابطة ذات الأجل الطويل تمثل أثراً أفضل من تطبيقه في قطاع الأغذية والأدوية ذي الأجل القصير والمشروط.

خليجياً، يمكن الاستفادة من هذا التوجه عموماً وتأمين السلع كسوق استهلاكي وحتى يمكن تفادي الإرباك الحاصل في أغلب الدول الأوربية والولايات المتحدة.. بل إن طرح خط الحركة التجارية ضمن المثلث الرئيسي: (جبل علي – الجبيل – جدة) يجعل تركيز الاستيراد والتصدير والعمليات البينية للمناطق الأخرى الداخلة فرصة للتموضع في الوسط والمساهمة لتقليل الاعتماد على الخطوط اللوجستية سواء من شرق العالم أو غربه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية