العدد 4746
الثلاثاء 12 أكتوبر 2021
banner
حقوق الإنسان بين الإنجاز البحريني والاستغلال العالمي
الثلاثاء 12 أكتوبر 2021

إن أي نجاح يرتبط بالعمل والسعي والإرادة والتخطيط المنظّم والتفكير الهادف، كما أن تحقيقه يكون مبعثًا للارتياح والسعادة ودافعًا لمزيد من النجاحات.
ولا شك أن حجم العمل ومبلغ السعادة يزداد كلما عظم النجاح واتسع مداه وتعددت منافعه وتخطت آثاره، وهذا ما حدث في النجاح الدبلوماسي المبهر والإنجاز الحقوقي العالمي لمملكة البحرين في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والذي توّج بقرار المجلس بإنهاء تفويض محققيه في جرائم الحرب باليمن، بعد أن تمكنت مملكة البحرين بتحركاتها السياسية الواعية وعلاقاتها الدبلوماسية المثمرة، وشراكاتها الإقليمية والدولية في كسب ثقة المجتمع الأممي للتصويت بالرفض على هذا القرار بالمجلس في سابقة هي الأولى في مسيرته.
عندما يتم تسييس أي ملف لحقوق الإنسان تصل الأمور إلى سحق هذه الحقوق، وهذا ما كان يحدث للأسف تحت مرأى وعيون العالم سواء الأمم المتحدة أو الإعلام أو الرأي العالمي في هذا الملف الذي يحمل عنوانًا ساميًا لكنه تحوّل في اليمن إلى سبب لسحق المجتمع اليمني وسلب حقوقه بعد أن تم استغلاله من قبل مجلس حقوق الإنسان لتحقيق أجندات لم تعد خفية لقوى ودول إقليمية وعالمية أرادت أن تجعل من اليمن بؤرة دائمة للتوتر وعدم استقرار المنطقة، وأن تجعل من ملف اليمن وقودًا تتزوّد به لتحقيق غايات أخرى في ملفات مختلفة كالبرنامج النووي الإيراني، واستنزاف قدرات دول التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن ووضع المعوقات التي تمنعه من تحقيق أهداف الشعب اليمني في الاستقرار والسلام وإنقاذه من الإرهاب الحوثي، وغيرها من الملفات التي تبتعد عن الملف اليمني لكنها تحمل كل الأضرار على الشعب اليمني الشقيق.
الدبلوماسية البحرينية التي حملت على عاتقها هذه القضية بكل مسؤولية وشجاعة، وعملت على إعادة تصحيح الأوضاع وفرض الالتزام بالبوصلة الصحيحة التي من شأنها إيصال اليمن للاستقرار، فتمكنت من إنهاء ولاية ومهام فريق الخبراء بعد أربع سنوات كان فيها منحازًا لطرف دون آخر، وسببًا في جعل الحوثيين أمرًا واقعًا في اليمن، وحريصًا على كسب ود وإضفاء “شرعية” على ميلشيا إرهابية تابعة لدولة إيرانية وحاملة لصواريخها الباليستية وطائراتها المسيرة التي تصوبها باتجاه الأهداف المدنية في المملكة العربية السعودية، وذلك في مخالفة صريحة لقرار مجلس الأمن “2216” والصادر في شهر مايو لعام 2015، والذي وصف ما حدث في اليمن بالانقلاب يفرض عقوبات على الحوثيين، فكانت النتيجة ـ المرجوة من قبل بعض القوى العالمية ـ هي إطالة أمد الصراع واستفحال الأزمة اليمنية.
هنا نطرح مجموعة من التساؤلات عمن له المصلحة في مد زمن الحرب في اليمن وعرقلة عودة الشرعية؟ وأسباب صمت المجتمع الدولي وغض الطرف عن التمويل الإيراني لميلشيا الحوثي ومده بالصواريخ والطائرات؟ ومبررات السكوت عن الانحياز والتعاطف الواضحين من المراقبين الأمميين للحوثيين واعتبارهم طرفًا رئيسا في الحل رغم أن وجودهم وأفعالهم وإرهابهم هو السبب الرئيس في الأزمة باليمن ومآسي شعبه؟
“استقرار اليمن مرفوض في الوقت الحالي، واستقرار المنطقة لم يحن بعد”، واضح أن هذا هو شعار وقناعة بعض القوى العظمى في هذه المرحلة، وواضح أن المراقبين الأمميين المعنيين في مجلس حقوق الإنسان كانوا الأداة الأهم لهم لتحقيق مآربهم.
لقد باتت الكثير من الجرائم ترتكب، وأضحت العديد من الانتهاكات تقع باسم حقوق الإنسان، بفعل التناقض ما بين الأفعال والأقوال من قبل بعض الدول العظمى، وإعلاء الأجندات الخاصة لهذه الدول فنقشت ثقوبًا سوداء في ثوب حقوق الإنسان الذي يفترض ويجب أن يظل أبيضَ ناصعًا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .