العدد 4685
الخميس 12 أغسطس 2021
banner
الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي
الخميس 12 أغسطس 2021

الذكاء الاصطناعي يستطيع معالجة المعلومات أكثر من البشر، لكنه لا يُحاكي قدرة البشر على التفكير بالقياس. قبل ابتكار الذكاء الاصطناعي كان العالم مختلفاً، إنما بعد ابتكاره تطور كل شيء في محيطنا بشكل لافت، فقد تمكن الذكاء الاصطناعي بالمساهمة في تحسين منتجات وخدمات وعمليات وبنى تحتية عديدة في هذا العالم، بل أصبح بإمكان الذكاء الاصطناعي الارتقاء بحاضر ومستقبل الدول إذا استُخدم على الوجه الأمثل وسيترك أثراً إيجابياً  يتفوق به على ابتكارات سابقة غيرت حياة البشرية كالإنترنت والكهرباء.

والذكاء الاصطناعي هو عملية تعليم الآلات محاكاة القدرات الذهنية البشرية وطرُق أدائها من أجل تسهيل حياة البشر وجعل الآلات تؤدي مهاماً كانت تستهلك جهداً ووقتاً كبيراً من البشر. ولكن السؤال هو ما مدى “الذكاء” الموجود حقا في الذكاء الاصطناعي، وبماذا يختلف عن الذكاء البشري؟ 

فبإمكان الذكاء الاصطناعي معالجة معلومات أكثر وأسرع من البشر، لكنه لا يُحاكي قدرة الذكاء البشري في التفكير بالقياس. ويعتبر هذا النوع من التفكير المنطقي المبني على السبب والنتيجة أعظم قوة للذكاء البشري، حيث يمكّن للبشر التفكير في حلول لمشكلات جديدة تواجههم قياسا على مواقف سابقة شبيهة لها حدثت في الماضي، وهذه القدرة لا تتوافر في الذكاء الاصطناعي. ففي الأصل يتقاطع الذكاء البشري مع الذكاء الاصطناعي، بل يتكامل معه، وما يجري حاليا هو السعي لاختبار الذكاء البشري في الذكاء الاصطناعي والعكس صحيح.

والأكيد أن الذكاء البشري يتميز بما يُسمّى “التفكير التناظري” المبني على القياس؛ لذا تركز الأبحاث حاليا على الذكاء الاصطناعي المعرفي وقدرته على تقليد الذكاء البشري في محاولة لاكتشاف مدى قدرة الخوارزميات على التفكير بالقياس وحل المشكلات بناء على حوادث سابقة شبيهة.

وللذكاء نوعان، المعرفة المكتسبة: وهي القدرة على إجراء العمليات الحسابية أو ما يُطلق عليه اسم “الذكاء المتبلور”، والتفكير المنطقي: وهي القدرة على حل المشكلات ويُطلق عليه اسم “الذكاء السائل”.

إن برامج وخوارزميات الذكاء الاصطناعي تتمتع بسعة تخزين هائلة، أكبر بكثير من ذاكرة الإنسان، ويمكنها استرداد المعلومات ومعالجتها بسرعة البرق، وهو الشيء الذي لا يقدر عليه البشر. وهذا هو النوع الأول من الذكاء، وهو في الحقيقة بسيط للغاية مقارنة بالنوع الثاني من الذكاء، وهو القدرة على التحليل والتفكير بالقياس.

يمكن للذكاء الاصطناعي إنتاج حلول من خلال التفكير المجرّد بعد عمليات تدريب مركزة في الجوانب التي يتم تدريبه عليها فقط، لكن الذكاء الحقيقي يكمن في القدرة على التعميم، وهو الشيء الذي يفتقده الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن. فإذا تمكّن الذكاء الاصطناعي من إتقان التفكير القياسي، فإنه سوف يدمج هذه القدرات مع قدراته الواسعة في تنفيذ العمليات الحسابية للربط بين قضايا كثيرة التنوع، فمثلا سيتمكّـن الذكاء الاصطناعي من إيجاد العلاقة التي تربط بين الأمراض وتقدُّم السن أو الأمراض وتغيُّر المناخ. 

إذن كلما نجحت الابتكارات في تعليم الذكاء الاصطناعي إمكانية القياس، فسوف يسهل حل المشكلات الكبيرة التي تواجه البشرية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .