+A
A-

السينما في العيد أيام زمان .. حكاية عشق وموكب فرح

كان للسينما في السبعينات والثمانينات نصيب الأسد في برامج العيد عند الكثير من الناس، ومن ثم تأتي بعدها الحدائق العامة، كالحديقة المائية، ومتنزه عذاري، وحديقة الأندلس بالسلمانية، وحديقة المحرق وغيرها، بيد أن للسينما سحرها الخاص ومقطوعتها الجميلة وضبابها الذي يغطي السماء، ومزمارها القديم الرائع، والسينما التي نتحدث عنها في ذلك الزمن الجميل تختلف عن سينما اليوم بالرغم من " كشخة سينما اليوم" ومبانيها العصرية المذهلة.
يبدأ برنامج يوم العيد بتصفح "كتيب وبرنامج العروض السينمائية"، وهو كتيب صغير قيمته 50 فلسا يباع في أماكن شراء التذاكر بالسينما ويصدر في الشهر 2، أي للنصف الأول من الشهر والنصف الثاني، وغالبا ما كانت الناس تشتريه قبل العيد بفترة وجيزة مع قرب عرض الأفلام الجديدة. وبعد اختيار الفيلم يتجمع الشباب، أو أفراد الأسرة ويذهبون في موكب يصرخ بالفرح وكأنهم يدخلون السينما لأول مرة، وعادة كان ينتظر الصغار أمام باب السينما، وتسند للكبار مهمة شراء التذاكر وذلك لمقدرتهم على تحمل الازدحام الكبير عند كابينة التذاكر، ومن بعد الدخول مباشرة يتجه الجميع إلى "المقصف" الموجود في السينما وكان يبيع المرطبات والسندويتشات وأنواع الحلوى فقط، ولم نكن نعرف وقتها "النفيش" وغيره من الأشياء التي تباع اليوم. 
بعد ذلك يتجهون إلى داخل الصالة حاملين معهم التذاكر ليقابلهم عند الباب المرشد وهو يحمل "لمبة يدويه"؛ لإرشادهم إلى الكراسي، وكان تصنيف الصالات سابقا ينقسم إلى ثلاثة...درجة ثانية بـ 500 فلس، ودرجة أولى بـ 750 فلسا، ودرجة بلكون بدينار واحد، ولم يكن من السهل على أصحاب الدخل المحدود حينها أو الشباب الجلوس على مقاعد البلكون!
كانت الدعايات والإعلانات التي تعرض قبل الفيلم في ذلك الوقت قليلة مقارنة باليوم، وما أن يبدأ الفيلم ويخيم الظلام على الصالة، حتى يبدأ الجميع بالتصفيق والتصفير، معتقدين بأن طاقم الفيلم يسمعهم، وهذه كانت عادة إلى درجة أن البعض كان ينفعل بشدة على مقاطع الأكشن ويصرخ مشجعا البطل لهزيمة وضرب الحرامية، وعموما كانت فكرة البطل والحرامية هي المسيطرة على عقولنا آنذاك، حيث كنا نعتقد أن في كل فيلم لابد وأن يكون هناك بطل وحرامية، حتى وإن كان الفيلم رومانسيا نختلق بأنفسها وحسب حكمنا على شخصيات الفيلم البطل والحرامي، وليس الشخص السيئ، فمصطلح "الحرامي" كان أصلا ثابتا وحكاية سيرة لا تحتاج إلى نقاش.
ومن الذكريات التي سمعناها ومازالت عالقة في الذاكرة كالجرس الذي يخرج من القلب، كان يعرض الفيلم المرعب "طارد الأرواح الشريرة" إنتاج 1973 للمخرج وليم فريدكين، وتمثيل ايلين بورستن، وليندا بلير في نهاية السبعينات بسينما الأندلس، وكان فيلما في قمة الرعب ولا يسمح بدخول من هم دون الـ 18 عاما حسب التصنيف المتعارف عليه، وفي منتصف الفيلم ومع اشتداد اللقطات والمشاهد المرعبة، هرب أحد المشاهدين من الصالة راكضا وكان رجلا وترك وراءه "نعاله" وتبتعه بدقائق امرأة حامل، ومازال هذا الفيلم يعتبر من أقوى أفلام الرعب التي قدمتها السينما الأمريكية في تاريخها، وتم تصنيفه في المراكز العشر الأولى ولغاية اليوم. 
ومن شدة عشق أبناء ذلك الجيل للسينما خصوصا أيام العيد، كان البعض يدخل الفيلم مرتين في اليوم، أي عرض الساعة الثانية ظهرا، والعرض الذي يليه الساعة الخامسة مساء، ولو تطوى المسافات لمعرفة سبب ذلك، فلن تعرف الإجابة.