العدد 4564
الثلاثاء 13 أبريل 2021
banner
نقطة ارتكاز د. غسان محمد عسيلان
د. غسان محمد عسيلان
رمضان شهر البر والعطاء
الثلاثاء 13 أبريل 2021

يمتلك الإسلام منظومة أخلاقية متكاملة تشتمل على الحلم والصبر والتسامح، والتواضع، والبذل والعطاء، وغيرها من القيم الرفيعة والمبادئ السامية التي تُسعد البشرية، وتُحقق الشعور بالبهجة الروحية للإنسان في كل جوانب الحياة إذا ما التزم بهذه المنظومة الأخلاقية العظيمة، وحرص على تطبيقها مع نفسه، وأهل بيته، وأصدقائه، وسائر أبناء المجتمع.


والآن ونحن نعيش دخول شهر رمضان المبارك شهر الخير والبر والإحسان ما أحوجنا إلى تأمُّلِ حياتنا الاجتماعية والأسرية؛ لأن المجتمع بكل شرائحه ينتظر من الجميع المزيد من صور العطاء والبذل والسخاء، لاسيما عطاء المشاعر والأحاسيس والعواطف الإنسانية النبيلة التي نحتاجها جميعًا كي تؤازرنا وقت الشدة، وتُرَبِّت على أكتافنا برفقٍ ورحمة، وتُشعِرنا بالتعاطف والمواساة.


وعندما يُذكر البذل والعطاء تنصرف أذهان الناس في الغالب إلى الجانب المادي ومد يد العون للفقراء والمحتاجين بالصدقات وأوجه الإحسان المختلفة، وهو بابٌ واسع من أبواب البر والخير ويحتاجه الكثيرون ولا شك، ولكن هناك أبواب أخرى من العطاء يحتاجها كلٌّ منَّا خلال مسيرة حياته حتى لو كان أغنى الناس وأكثرهم ثراءً ماديًّا! فكلٌّ منا يحتاج إلى الشعور بالحب والتقدير والاحترام، ودعم ومساندة الآخرين من حوله لاسيما في الوقت الذي تنكسر فيه القلوب وتكون الخواطر في أمس الحاجة إلى من يجبر كسرها، ويعيد إليها الثبات والاتزان والثقة في النفس.


ومن سُمُوِّ الإسلام أنه يلمس بدقة حاجة النفوس البشرية، قال تعالى: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)، ومن هنا شرع هذا الدين الرباني أبواباً كثيرة للبذل والسخاء والعطاء المعنوي التي لا يلتفت إليها كثيرون، رغم أنها أكثرَ أهمية للناس لاسيما عند الحاجة إليها، فما أجمل ونحن في هذا الشهر الكريم أن نستنهض الهمم ونتسابق في فعل الخير، ونتنافس في أوجه البر المختلفة فنحرص على مسح دمعة حزينة، ورَسْم بسمة مشرقة على وجه طفل يتيم، أو أرملة مسكينة، أو شيخ عجوز، أو عابر سبيل أعوزته الحاجة، أو إنسان موجَع، ومن لا يستطيع بذل المال، فلا يبخل ببذل البسمة والكلمة الطيبة، والنصح الرفيق.


إن الحياة المادية التي نعيشها اليوم تسحق أغلبنا تحت وطأتها، ونجأر جميعاً بالشكوى، ونكتفي بالنقد والضيق والتبرم، ولا نقدم شيئاً للمجتمع، ولعل رمضان فرصة مواتية لنكف عن الصراخ وَنُخفِّف من أنانيتنا، ونبادر بتقديم كل صور العطاء والبذل التي تنشر البر والخير بين الناس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .