العدد 4502
الأربعاء 10 فبراير 2021
banner
ألبيرتو مورافيا... ونعمة السل!
الأربعاء 10 فبراير 2021

على عكس الأدباء جورج أورويل وأنطون تشيخوف وفرانز كافكا وإميلي برونتي الذين قضوا بالسل، نجد أن الروائي والشاعر الإيطالي ألبيرتو مورافيا تمكّن من النجاة منه بعد سنوات، حُرم خلالها من الدراسة ورفقاء الطفولة والحياة بصورة طبيعية، حيث أصيب بحالة نادرة من السل وهو في التاسعة من عمره، فاستغل وقته للتعليم الذاتي، متحديا المرض وأوقات العزلة السرمدية، ليتشافى منه بعد خمس سنوات ليست بالعجاف، تعلم فيها الصبر والاجتهاد و3 لغات حية هي الفرنسية والإنجليزية والألمانية، وانغمس بكل حواسه في قراءة الأدب لكبار الأدباء مثل دوستويفسكي وجيمس جويس وموليير وشكسبير، دون أن يعلم أنه كان يشق طريقه ليكون روائيا خالدا مثلهم.

ولد مورافيا لعائلة يهودية من طبقة اجتماعية متوسطة، علقت حول رقبته آمالها وأحلامها بأن يكون مهندسا أو محاميا أو رجل أعمال، لكنه خالف كل التوقعات، وتوجه بقلبه وروحه نحو الأدب والرواية والمسرح متخليا عن لقب العائلة.

بعد تماثله للشفاء التام، نشر مورافيا روايته الأولى تحت عنوان “اللامبالون” والتي لفتت الأنظار إلى هذه الموهبة الفذة والعميقة، إذ امتاز أسلوبه بالعمق والقدرة على سبر أغوار النفس البشرية وتحليلها، وتوالت روايات مورافيا وتُرجمت إلى العديد من اللغات وتحولت إلى أفلام سينمائية.  يُعتبر مورافيا اليوم واحدا من الشخصيات الأدبية البارزة بين أدباء القرنِ العشرين بمبيعات تقارب مليار نسخةٍ من كتبه وبيعت حول العالم. إن الإيجابية التي عاشها مورافيا تعكس الذكاء الكبير الذي تمتع به منذ صغره، حيث اختار أن يستثمر وقته في صناعة نفسه وبناء شخصية أدبية لم يكن ليصل إليها لو لم يبق حبيس سريره. فالنقم تتحول لنعم.. فقط إن غيرت طريقة نظرتك إليها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .