ثمة لبس يقع فيه المسؤولون في الحقل الطبيّ عندما يخلطون بين حق المريض في الرعاية الطبية الكاملة والأمان في المستشفيات، وهذا ما ضمنه القانون وبين الإهمال إزاء الواجب وما ينجم عنه من أخطاء كارثية يدفع ثمنها المرضى طوال حياتهم.
اعتاد المسؤولون في الصحة وجمعية الأطباء عند الحديث عن الأخطاء الطبية القول إنها لا تشكل ظاهرة أو ضئيلة ولا تذكر، أما الأدهى ما صرّحت به رئيس جمعية الأطباء من أنّ الخطأ وارد في كل المجالات! بيد أننا نود التذكير بأنّ الخطأ الطبي لا تجوز مقارنته بالأخطاء في المجالات الأخرى لأسباب جوهرية بالتأكيد، وهي أن الأولى ستنجم عنها كوارث تمس صحة الإنسان ووجوده وقد تفضي إلى الوفاة أو إلى إعاقات مدى الحياة وهذا غير قابل للمساومة بأي شكل.
الأمر الذي يدعو إلى الاستغراب عندما يلقي أي مسؤول الخطأ على جهة فنية حينا أو ميدانية في أحيان أخرى أو تحميل ممرض أو صيدلي الأمر، بينما المطلوب تحديد الجهة المتسببة في الخطأ. جمعية الأطباء عرّفت الخطأ الطبي بأنه عدم اتخاذ جميع الوسائل التي يستطيعها الممارس الطبيّ لتشخيص أو علاج المريض، كما أشارت إلى أنّ توفير البيئة الملائمة للطبيب للعطاء بإخلاص وبما يحتمه شرف المهنة دون أن يكون سيف الخوف من الوقوع في الخطأ الطبيّ مسلطا على رقبته، طبعا مثل هذا القول يسقط حق المريض ويخلي مسؤولية المتسبب، وكان الأجدر أن يتلقى من هم بحاجة إلى العلاج أقصى درجات الرعاية ذلك أنّ الإنسان ليس حقلا للتجارب.
أشرت هنا غير مرة إلى أنّ هناك أفرادا أصيبوا بعاهات مستديمة ناجمة عن أخطاء طبية وإهمال وكان ثمنها فادحا جدا ليس على الضحايا وحدهم لكنه طال أهاليهم أيضا، والقول إنّ الأخطاء خارجة عن إرادة الجهاز الطبيّ لا يجب أن يكون مبررا وحتى تصنيفا بكونها ليست ظاهرة ليس مقبولاً، بل يجب التعامل إزاءها بوصفها أخطاء كارثية تمس وجود الإنسان وليست أخطاء اعتيادية تندمل مع مرور الأيام، بينما الواقع أنها تخلف آلاما طوال العمر.