العدد 4464
الأحد 03 يناير 2021
banner
رواد التنوير في البحرين
الأحد 03 يناير 2021

لم يعد إنجاز بحث جاد ورصين في عالمنا العربي أشبه برحلة بحرية لصيد السمك، بل أقرب ما يكون للمشي فوق حقل من الألغام، فلا يعرف – الباحث – متى تنفجر الألغام في جسده، فرشق الباحثين بالتهم التي ما أنزل الله بها من سلطان بات منذ أن يشرع الكاتب في البحث، فتظل التهم تلاحقه بلا انقطاع حتى يصبح بحثه بين يد القراء، أما المفارقة المثقلة بالسخرية والألم في ذات الوقت أن التهم تسدد للباحث حتى قبل أن تصافح عيون البعض الكتاب، وهذه واحدة من الكوارث الكبرى في عالمنا العربيّ.

بالأيام الفائتة فاجأنا الباحث الدكتور نادر كاظم بنتاجه الجديد “الشيخ والتنوير” الذي تجاوزت عدد صفحاته 520 صفحة، وتناول من خلاله حركة التنوير في البحرين ممثلة بثلاثة من الروّاد الأوائل وهم الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة والشيخ قاسم خنجي وناصر خيري، وحدد لها الفترة الممتدة في الربع الأخير من القرن التاسع عشر حتى منتصف القرن العشرين، وشخصيا أعتقد أنّ الجهود التي نهض بها هؤلاء الرواد الثلاثة إبان تلك الحقبة من تاريخ البحرين لا تقل في نظري عن الحركات التنويرية التي اكتسحت بعض البلدان والتي غيّرت مصير العالم، أقول هذا قياسا بما كان عليه الوضع السائد خلال هذه العقود وما اتسمت به من جمود ظل مهيمنا إضافة إلى ما قد يتعرض له أي صاحب فكر تنويري ينوي إزاحة ركام الجهل عن العقول أو أستار الظلام عنها.

حركة التنوير التي انطلقت شرارتها في تلك المرحلة مثلت نقلة حضارية بكل المقاييس كانت ترمي إلى إخراج المجتمع من حالته المزرية إلى آفاق رحبة، ولابد من الإقرار بأنّ حركة التنوير تأخرت كثيرا لأسباب عديدة ليس مجالها في هذه العجالة.

الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة مثّل – طبقا للباحث - القاعدة الأولى التي ارتكز عليها مشروع التنوير في البحرين وتحلق حوله معظم أبناء الجيل الذي كان أول جيل من المثقفين العصريين في تاريخ البحرين الحديث نظرا للمكانة التي تبوأها بفضل ريادته الشعرية الكلاسيكية ومطالعاته العديدة للمجلات والصحف العصرية وإسهاماته الثقافية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية