العدد 4263
الثلاثاء 16 يونيو 2020
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
“يا بختي أنا بحريني”
الثلاثاء 16 يونيو 2020

في مشهد لم أتمكن من الابتعاد عن التأمل في تفاصيله، خصوصا عندما سمعت حديثا بين موظف الاستقبال وشابين، أخ وأخته يتقدمان برغبتهما بالتبرع بالدم، حينها سألهما الموظف: هل لديكما مريض معين؟ أجابا: لا، بعدها استلم كل منهما استمارة البيانات وبادرا بملئها، فالتفتت عيناي يمينًا وشمالاً لتنقلني إلى مشهد آخر حيث وجود أعداد من المنتظرين لأدوارهم بالتبرع، علني أحصل على مقعد مناسب ونحن في ظل تطبيق إجراءات التباعد فلم يتوافر لي، فقررت الانتظار خارج القاعة، إلا أنني انتقلت إلى مشهد ثالث وبدأت التأمل الواعي لحصر أعداد المنتظرين في الخارج، لم أتردد في دراسة الموقف حيث بدأت بالعد من اليمين وأنا أرمق عين كل شخص كي أقيس كمية السعادة التي تجعلهم وقوفا لفترات قد تطول، كل تلك المشاهد كانت لمدة لا تزيد عن النصف ساعة وتزامنت مع وجود أكثر من ٢٠ شخصا، حينها لم أستطع التغلب على مشاعري إلا بعد أن فتحت مفكرة هاتفي لأكتب هذا المقال وبدأت الكلمات تسابقني وفي داخلي غبطة وعزة، تصوروا معي أن هذه المشاهد تحصل يوميًا دون إعلان أو حملات خاصة بالتبرع.

المغزى ليس في التبرع ذاته وما يترتب عليه من نفع للمتبرع وإنقاذ لأرواح المرضى، المغزى هنا كبير، وجدير بتلك الوقفة والتأمل والكتابة، وأن تقفوا معي لحظة بلحظة كي تشاركوني المشاعر ذاتها، ارجعوا معي إلى المشاهد التي حصلت ومعها دوافع كل شخص أخذته الرغبة في هذا العمل الإنساني، إنها أرفع قيم الإنسانية عندما تبادر من نفسك كي تهدي أخاك قطرة دم تنقذ بها حياته، لم أغلق مفكرتي في تلك اللحظات إلا وأنا أردد “يا بختي يا بختي”.

فعلا، هذا الموقف انعكاس كبير لثقافة المواطن البحريني في حب الخير حتى في ظل الأزمات، هذا الدرس الذي تعلمته كان من موقع مركز التبرع بالدم بمستشفى الملك حمد الجامعي الذي يعتبر صرحًا رائدًا بخدماته المتميزة، ومعكم نرسل أغلى تحية تقدير للطاقم الطبي والإداري في هذا المستشفى، ولجميع الشباب المتواجدين لحظتها باعتبارهم مصدر إلهام وقدوة لنا جميعًا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية