+A
A-

"الدليفري".. لقمة مغموسة بالدم

"ما فيه فايدة، واجد تعب، أنا فيه شغل 12 ساعة يوميا، طول الأسبوع، بالصيف واجد حر وبالشتا برد ومطر، والأرباب والكستمر دايما زعلان، ويقول أنت ما فيه شغل زين،.. أنا ما فيه معلوم شنو يسوي؟".

عندما يكون العمل شاقا يقال "لقمة مغموسة بالدم"، وهو تعبير عن كبر المعاناة والإرهاق مقابل مردود مادي قليل، وفي أغلب الأحيان يكون الشخص المعني مضطرا، كونه لا يجد بديلا.

هذا الكلام والوصف ينطبق على عامل توصيل الطلبات في أحد مطاعم المشاوي بشارع منطقة جدعلي الرئيسي، الذي أكد لـ "البلاد" في يوم ماطر، وهو يرتدي بزة مانعة لتسرب الماء والخوذة قبيل ركوبه دراجته النارية "كل هذا التعب والراتب 170 دينارا فقط".

يعاني عمال توصيل الطلبات "الدليفري" حرارة الصيف وبرد الشتاء، ويزيد المطر "الطين بلة"، في قطاع تسيطر عليه العمالة الآسيوية دون منازع، سواء كان العمل يتبع إلى المطاعم مباشرة أو لشركات التوصيل، أو حتى محال السوبر ماركت، التي دخلت على خط التوصيل مؤخرا.

يؤكد زافيل، (وهذا اسمه كما نطقه)، أنه يعمل لدى المطعم منذ 12 عاما، وكان بدأ براتب 90 دينارا وتدرج خلال هذه السنوات ليصبح ما يتقاضاه 170 دينارا، فيما يعمل 12 ساعة يوميا و7 أيام بالأسبوع.

وأوضح أن الأمر صعب والعمل شاق ومرهق، لكنه لا يجد بديلا فهو لا يمتلك مهنة بين يديه وأصبح لا يتقن إلا توصيل الطلبات للزبائن.

وبين زافيل الذي بدا مستاء من وضعه، أنه يعيل أسرة في بلده، تتكون من زوجته وطفلين إضافة إلى والدته، والراتب الذي يتقاضاه (170 دينارا) لا يكفي خصوصا بعد ارتفاع الأسعار في البحرين.

راسيل، بنغالي يعمل في نفس المهنة لدى مطعم آخر، كان أكثر تفاؤلا، حيث أكد أنه سعيد بعمله وهو يتقاضى 155 دينارا شهريا فيما يتحمل صاحب المطعم كلفة المسكن والمأكل.

وتابع "أنا شو بسوي أرباب، هاي الشغل الموجود، ما فيه غير، الحمد لله".

وأضاف "المشكلة ليست فقط بالطقس وظروف العمل وزحمة السير ومخاطر الطرق، بل تتعدى إلى تعكير المزاج، حيث دائما ما نواجه السباب والإساءة من الزبائن بسبب تأخر مثلا أو غلط في الطلب، وهو أمر ينسحب على صاحب المطعم أو مديره الذي دائما ما يوبخنا ويصرخ في وجوهنا لنفس الأسباب".

من جهته يقول مدير مطعم فضل عدم ذكر اسمه "لدينا 9 عمال جميعهم من بنغلاديش يقومون بتوصيل الطلبات للزبائن، يتقاضون رواتب تتراوح بين 150 دينارا و185 دينارا، بحسب مدة الخدمة".

وتابع "ظروفهم صعبة فصيف البحرين حار جدا وهم فعليا يعملون تحت الشمس، (...) في الشتاء وضعهم أفضل بكثير فالطقس جيد إلا إذا جاء المطر، وهو بطبيعة الحال قليل".

وأكد أن العمل يتم من خلال عقد باتفاق الطرفين، والجهات المنظمة لسوق العمل تعلم بظروفهم، والقانون لا يمنع، (...) المطاعم لا تستطيع الاستغناء عنهم، فقد تعود الناس على الاتصال وطلب الطعام.

ويعاني هؤلاء إضافة إلى صعوبة العمل تحت ظروف الطقس إلى التعرض للحوادث، فكثيرا ما نسمع عن وقوع حوادث مرورية لهم قد تودي بحياتهم أو تؤدي إلى إصابات.

بعضنا يعتقد أن طلب الطعام الذي يفضله لا يكلّف سوى قيمته ومكالمة هاتفية.