+A
A-

قصة اتجاه بنوك مركزية لتحفيز اقتصادي..هل اقتربت الأزمة؟

تتسلل مشاعر الخوف من حدوث ركود اقتصادي طويل الأجل للمستثمرين والأسواق شيئا فشيئا، ويبدو أنها لم تتوقف عند هذا الحد، إذ سرعان ما انتقلت إلى مسؤولي البنوك المركزية وصناع السياسة النقدية، حتى طالت الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ترمب الذي يرى ضرورة خفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس، يدافع عن الاقتصاد الأميركي وما يثار بشأن مؤشرات على دخوله في مرحلة ركود، لم يخف مشاعره باستغلال هذه المخاوف ضده في الانتخابات الأميركية المقبلة.

هذه المخاوف عززتها ما أعلنت عنه بنوك مركزية خلال الأيام القليلة الماضية.

الخطوة الأبرز جاءت من قبل المركزي الصيني، حيث أعلن عن إصلاحات على سعر الفائدة لتقليص تكاليف الاقتراض على الشركات.

وقال المركز الوطني الصيني للتمويل بين البنوك، إن معدل أسعار الفائدة على القروض الممنوحة للعملاء لمدة عام، بلغ 4.25%، وهو أول عرض أسعار بعد أن قررت البلاد إصلاح آلية تسعير الإقراض.

وخلال الفترة الماضية، كانت معدلات الفائدة على القروض لأجل عام و5 أعوام تتجاوز في بعض الطلبات حاجز الـ7%.

ولم يكن البنك المركزي الألماني بعيدا أيضا عن الخطوة الصينية، حيث كشف الاثنين الماضي أن اقتصاد البلاد قد يواصل الانكماش خلال الصيف مع انخفاض الإنتاج الصناعي في ظل انخفاض الطلبيات، ما يشير إلى أن أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو في حالة ركود حاليا، ويتوقع البنك انكماش الإنتاج الصناعي في الربع الثالث من العام الجاري بسبب تراجع العقود، مشيرا إلى انخفاضات كبيرة في الطلبيات وتراجع كبير في مؤشرات الثقة للشركات الصناعية.

وقد تقر الحكومة الألمانية تحفيزا بقيمة 55 مليار دولار أو ما يعادل 50 مليار يورو في حال واجه اقتصاد البلاد أوقاتاً صعبة، وفقاً لما نقلته وكالة "بلومبيرغ".

وخلال الأسبوع الماضي، أشار رئيس البنك المركزي الأوروبي المنتهية ولايته ماريو دراغي إلى خفض محتمل آخر في سعر الفائدة على ودائع البنوك التجارية، ومن المحتمل أن يناقش برنامجا جديدا لشراء الأصول.

تقود كل هذه التوجهات إلى سؤال حول إمكانية حدوث ركود اقتصادي طويل الأمد وبالتالي الوقوع في فخ أزمة جديدة.

"الواقع الآن مختلف عما كان عليه قبل حدوث الأزمة المالية العالمية في 2008، والأمور بعيدة عن حدوث ركود"، بحسب رئيس أبحاث السوق والتدريب في أمانة كابيتال وليد الحلو لـ"العربية.نت".

"لن نصل إلى مرحلة ركود ومن المتوقع حدوث تراجع في النمو الاقتصادي فقط، هناك عدة أسباب تحول دون الدخول في ركود اقتصادي".

وأشار الحلو إلى أنه على الرغم من ضغوط ترمب لخفض الفائدة بشكل أكبر إلا أنه من المستبعد حدوث ذلك في ظل المؤشرات الاقتصادية القوية للولايات المتحدة.

الحلو يقول أيضا إن الأسواق تحصنت بشكل كبير من الأخطاء التي أدت لحدوث الأزمة المالية في 2008، كما أن المؤسسات المالية تعمل برقابة شديدة جدا من قبل البنوك المركزية التي تدقق في كل صغيرة وكبيرة للحيلولة دون الوقوع في أخطاء سابقة تقود إلى أزمة غير متوقعة.

التحذير القوي وفقا لوليد الحلو يأتي من منطقة أخرى تتعلق بتزايد الدين العالمي ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة؛ إلا أنه لا يوجد سيناريو معين لإمكانية أن يؤدي ذلك إلى حدوث أزمة، خاصة أنه لم تحدث أزمات في السابق متعلقة بارتفاع حجم الدين العالمي لمستويات قياسية.

وبحسب تقرير لمؤسسة التمويل الدولية فإن حجم الدين العالمي بلغ في نهاية 2018 نحو 243.2 تريليون دولار، ارتفاعا من 239.9 تريليون دولار في نهاية 2017، بعدما صعد إلى مستوى قياسي عند 248 تريليون دولار في نهاية الربع الأول.