+A
A-

هل سيقدم "أوال" هذه الخدمة الجليلة إلى الأجيال القادمة؟

إن الدور التربوي والتعليمي للمسرح كبير جدا لانه قبل كل شيء وسيلة لطرح المشاكل الحقيقية للمواطن وقد استطاع مسرح أوال البحريني العريق ان يحقق هذه الامكانية بمقدرة واضحة وبمهارة ملموسة في معظم المسرحيات التي قدمها خاصة الكوميدية الاجتماعية الراقية مثل " البراحة" للكاتب القدير عقيل سوار، و "خميس وجمعة" و "افا يا عبيد" وغيرها من المسرحيات القوية والراقية التي مست وجدان المتفرج والتصقت بذاكرته حتى الان. ولكني اتصور ان مقومات هذا النجاح لمسرح اوال لم تكتمل بسبب توقف مشروع سلسلة الدراسات والنصوص المسرحية والتي كانت من إصدارات مهرجان أوال المسرحي السادس 2010 وغيرها من المناسبات حيث لم توثق إلا مسرحيتان او ثلاث من كلاسيكيات المسرح التي كتبها عقيل سوار، ولا اعلم ان كانت هناك مسرحيات اخرى ولكن من الواضح ان جهود الإنتاج قد قلت ورحلة السلسلة توقفت وهي أصلا لم يستفاد منها على الوجه الأكمل، بحيث لم يتم توزيعها على الشباب المهتم بالتأليف ولم تهدى للمكتبات العامة لكي يستفيد منها اكبر قدر من القراء.

بودنا كمهتمين ان يستمر مسرح اوال في العمل الذي شرع فيه وهو طباعة المسرحيات التي قدمها طوال تاريخه بكل الإمكانات المتاحة وان تعرضها على القراء، فهي بمثابة الدوريات التي ستفرض وجودها الحي والنابض في قلوب الجمهور وربما ستعيد فتح النقاش للكثير من القضايا. على مسرح اوال ان يؤدي دوره في التثقيف والتوعية ليس على خشبة المسرح فحسب وإنما ايضا في سلسلة الدراسات والنصوص المسرحية التي ستقضي حتما على الكتب الصفراء الساقطة التي تدور حول الاوهام والخرافات. يقول الناقد المسرحي الأمريكي إيريك بنتلي:

(رغم ان الفنانين والمثقفين ليسوا بالضرورة اذكى من غيرهم من البشر فإنهم بوجه عام اكثر قابلية للإيذاء، ومن ثم اكثر وضوحا او ربما لا يكونون سوى جروحا مفتوحة، ورغم عدم نموذجيتهم فإنهم يقومون بدور الأمثلة).

لقد قرأت مسرحية "افا يا عبيد" التي اخرجها الفنان القدير عبدالله ملك وايضا مسرحية "خميس وجمعة" التي اخرجها الرائع ابراهيم خلفان وهي مسرحيات كما نعلم عرضت في نهاية الثمانينات واكتشفت انها اعمال خصبة مليئة بالحكم والعطاء الصادق ومشبعة بالإبداع وصورا غير مألوفة من الجمال وتغوص في اعماق المتفرج، تجد فيها كل مشكلات الانسان تلقائيا ودون جهد كيف لا والكاتب عقيل سوار له رصيد ضخم من الانجاز الادبي في مجال المسرح. لذلك ارى انه من الواجب على مسرح اوال ان يستمر في طباعة السلسلة والاهم ايصالها الى المتلقي لانها سلسلة ستقدم خدمة فكرية مهمة للكتاب الشباب والمهتمين بالادب، فالمسرحيات التي قدمتها اوال تعد مدرسة قائمة بذاتها ومن غير المعقول ان لا يطلع عليها الجيل الجديد، ولعل مهرجان اوال القادم في شهر فبراير 2018 سيكون فرصة مناسبة لطباعة كل المسرحيات "المهمة طبعا" في مجلد واحد وتقديمه الى المكتبة البحرينية، فالأعمال التي قدمها مسرحنا العتيد تقدم من وجهة نظري عالما متكاملا منسوجا بمهارة ودقة وترسانة ضخمة من الافكار القيمة. فهناك البراحة وليلة عرس رشدان وخور المدعي وسوق المقاصيص ورميو الفريج وغيرها من الاعمال التي يفترض أن ترى النور ويطلع عليها المهتم.

اذن، لو خطى مسرح أوال هذه الخطوة فسيكون قد اسدى الى الاجيال القادمة خدمة جليلة في مزيد من التعريف بالمسرح البحريني " السبعينات والثمانينات" وبرجالاته، فلا قيمة لأي مسرحية نقدمها الا في قدرتها على ان تصبح مرجعا.