+A
A-

خبراء يحذرون الدوحة من خطورة تدويل الأزمة

انقضت أغلب أيام المهلة التي حددتها دول الخليج العربية ومصر لقطر للرد على مطالبها لإنهاء المقاطعة؛ ولا تزال الدوحة تماطل دون بوادر واضحة للرد؛ فهل تستجيب للمطالب الخليجية وتعود إلى الصف؛ أم ستظل تكابر وتحاول إدخال أطراف إقليمية ودولية في أزمة كان من الممكن أن تحل داخل البيت الخليجي وبأقل الأضرار؟! وهل سيكون من المفيد جلب قواعد عسكرية لأطراف إقليمية في منطقة الخليج العربي؟!

موضوع قرب انتهاء المهلة التي حددتها دول الخليج العربية لدولة قطر، ومحاولة الدوحة تدويل الأزمة وإدخال أطراف دولية وإقليمية، ومحاولة عسكرة الأزمة؛ كان محور برنامج “ما وراء الخبر” اليومي شاشة تلفزيون البحرين، حيث استضاف كل من؛ الباحث والمحاضر في العلوم السياسية حسام الدين جابر، ومن الرياض عبر الأقمار الاصطناعية الخبير الأمني والاستراتيجي العقيد طيار ركن سعيد الذيابي، وعبر الهاتف من أبو ظبي؛ استاذ الإعلام بجامعة الإمارات حسن قايد الصبيحي.

من جانبه، أشار الباحث جابر إلى أن قطر، ورغم توقيعها اتفاق الرياض عام 2014 إلا أنها لم تلتزم بتطبيق بنوده، وهو ما أدى إلى زيادة التهديد الأمني في المنطقة وتطور أذرع الإرهاب فيها.

وأضاف إلى أنه في قراءة سريعة لمطالب دول مجلس التعاون، نجد أنها مطالب تؤكد في مجملها على السيادة القطرية وعودة الدوحة إلى البيت الخليج، وهي مطالب واضحة بشكل كاف، وتصب في المصلحة القطرية في المقام الأول. أما محاولة الدوحة بالضغط على دول الخليج وإقحام قوى إقليمية ودولية في الأزمة لتوجيه الخلاف إلى نقاط معينة؛ فهي محاولة غير مقبولة وتظهر أن البوصلة القطرية غير واضحة.

ونوّه إلى أن تلاعب الدوحة بالألفاظ الإعلامية غير مجد، فلا يمكنها إطلاق لفظ “حصار” على المقاطعة الخليجية، لأسباب كثيرة أهمها أن موانئها وأجواءها مفتوحة أمام العالم، إلى جانب فشل محاولة قطر بتسييس الأمر وإقحام منظمات حقوقية دولية، لأن المقاطعة في جوهرها وأدواتها لا تمس حقوق الإنسان، لان المقاطعة حق طبيعي للدول.

ورأى الباحث أن قطر لم تكن لديها الجدية في دراسة الأمر مع الأشقاء الخليجيين، والدليل توجهها لإقحام قوى إقليمية ودولية فيها، حيث سعت هذه القوى للتدخل من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها الخاصة.

وبشأن تأثيرات التدخل الإقليمي في الأزمة، أشار جابر إلى أن الأمن في الخليج العربي تنظمه اتفاقيتان أساسيتان، الأولى المعاهدة العربية للأمن، والتي صادقت عليها قطر ودول الخليج العربية عام 1971، أما الاتفاقية الثانية فهي اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك لعام 2001، وبالتالي فإن أية اتفاقية أمنية منفردة تعتبر تهديدًا لأمن الخليج العربية، وبالتالي فهي لاغية ولا مسوغ لها.

وبشأن مطالب دول مجلس التعاون، أشار إلى أن المطالب توضح الحد الأدنى المطلوب من قطر لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، والتي تشهد فوضى منذ عام 2011، ومن أبسط الأمور أن يتم تحقيق الأمن والاستقرار من أجل مواصلة التنمية، حيث لا تنمية دون أمن واستقرار.

وعبّر عن أمله أن يسعى صناع القرار السياسي في الدوحة لمناقشة المطالب الخليجية بعقلانية، وأن يتم الرد عليها بشكل رسمي ومنطقي، لأنها مطالب تهدف إلى ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، وفي الدوحة خصوصًا.

وعن أسباب توجّه الدوحة للتحالف أمنيًّا وعسكريًّا مع إيران وتركيا، أشار الباحث جابر إلى أن هناك توافقًا في رؤية الأمن الخليجي بين قطر وتركيا وإيران، وهي رؤية لا تتفق مع منظور دول مجلس التعاون؛ حيث ترى قطر أن مفهوم الأمن يتعلق بتناقضات المواقف مع قوى إقليمية صاحبة سياسات مختلفة، وهو ما يخرجها من مفهوم الأمن الخليجي القائم على الأمن المشترك والمصير المشترك، وهو اختلاف كان واضحًا منذ العام 1995.

وأضاف أن مفهوم الأمن من وجهة النظر الإيرانية يقوم على أنها صاحبة السيادة على أمن الخليج، وبالتالي فهي ترفض أي وجود لقوات أجنبية، وهي رؤية لا يمكن أن تكون مقبولة خليجيًّا أو دولية، أما تركيا فمفهوم الأمن لديها مرتبط بالحليف والصديق، ولها بعدان الأول المصلحة والثاني الايدولوجيا.

أمام المفهوم الخليجي للأمن فيقوم على المصير والأمن المشترك انطلاقًا من الاتفاقيات الأمنية بين دول المجلس، وبالتالي فمن المهم أن تتوحد قطر مع محيطها الخليجي في المفهوم الأمني وأن تشترك في دعمه لأن العدو مشترك، لكن قطر تتغافل عن ذلك من أجل بناء علاقات متشابكة تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة.

واختتم الباحث جابر بأن أية اتفاقية أمنية بين الدول يجب أن تحدد من هو العدو، والسؤال المطروح هو في الاتفاقيات الأمنية مع تركيا وإيران من هو العدو الذي يجب أن تتم محاربته، فإذا كان الإرهاب؛ فقد ثبت أن إيران من أكبر داعمي التنظيمات الإرهابية في العالم، وبالتالي فإذا رغبت قطر في محاربة الإرهاب فيجب عليها الانضمام إلى الصف الخليجي.

من جانبه، أعرب الخبير الأمني والاستراتيجي العقيد طيار ركن سعيد الذيابي، عن أمله أن تسمع قطر صوت العقل والحكمة وأن تدرس المطالب الخليجية، ولكن الواقع يقول غير ذلك عندما هربت الدوحة إلى الاصطفاف وتشكيل تحالفات إقليمية ودولية ستجلب لها وللمنطقة الكثير من المشاكل، موضحًا أن الدوحة فشلت في أخذ المؤشرات الأولية في الأزمة، وهو تصريح أمير قطر المنشور على وكالة الأنباء القطرية، وإن نفوه وادعوا أنه تم اختراق الوكالة، فإن السياسة القطرية لا تختلف عما نشر.

أما الفشل القطري الثاني فهو عدم تقدير الدوحة لحجم المشكلة، بداية بالادعاء أنهم لا يعرفون المطالب الخليجية، وعندما وصلتهم أخذوا يجادلون بها إعلاميًّا، ولكن الحقيقية أن الدوحة تعرف أكثر من غيرها ما هو المطلوب منها، ونأمل أن تسود الحكمة لأن دول الخليج العربية أقرب إلى قطر من أي حليف سواء أكان إقليميًّا أو دوليًّا.

وأضاف العقيد الذيابي أن الإجراءات القطرية بمغازلة تركيا وإيران وبعض الدول الأوروبية والتصعيد الإعلامي، لن يفيد في حل الأزمة القائمة، داعيًا الدوحة إلى إعطاء حلول سريعة، لأن الأزمة ستكون مساهمًا أساسيًّا في إنقاذ قطر والمواطن القطري، موضحًا أنه لولا الإجراءات الحالية التي تم اتخاذها فسيكون من الصعب مستقبلاً السيطرة على التغييرات.

وأوضح الذيابي أن على الدوحة أن تقتنع بأن إيران خطر وعدو معتد على المحيط العربي، وكان من الضروري أن يتم عزل الدوحة عن طهران حفاظًا على أمن واستقرار المنطقة ومصالحها الاستراتيجية، وإلا فإن قطر ستدفع ثمنًا غاليًا لن تستطيع الإيفاء به، وهذا الأمر ينطبق على جميع الدول العربية؛ إذ لن يسمح لأي دول أن ترتمي بأحضان إيران بما يضر الأمن والإقليمي والعربي.

وبشأن تصريحات وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، بأن جلب قوات عسكرية إلى المنطقة تصعيد تتحمل مسؤوليته قطر، أشار العقيد إلى أن تصريح الوزير واضح للغاية، وأن أي عسكرة للأزمة ستتحمل مسؤوليتها قطر، حيث لم يكن الخيار العسكري مطروحًا من قبل دول المجلس، ولكن المقاطعة كفيلة بأن تردع قطر وتعيدها في محيطها الخليجي والعربي، رغم أنها ستأخذ وقتًا طويلة، ولكن أعتقد إنه ستكون لها نتائج فعالة.

ونوّه الذيابي، أنه ورغم كل ذلك لم تفكر دول الخليج العربية باللجوء إلى الخيار العسكري، وهو غير مطروح إطلاقًا، لأن دول الخليج لا تزال تملك الكثير من أوراق الضغط على الدوحة من خلال الاقتصاد وتخيير الشركات الكبرى بين مصالحها في قطر أو دول المجلس.

وبشأن الدخول الإيراني على خط الأزمة، أوضح الذيابي أن قطر تستخدم اليوم التكتيك الإيراني، وهو الإسراف في التفاصيل والضغط الإعلامي، معربًا عن خشيته أن من يقيم الأمور في الدوحة هم مستشارون إيرانيون لهم مصالح في تفريق البيت الخليجي، والدفع باتجاه زيادة الشقاق بين الأشقاء من دول الخليج العربية. واختتم العقيد بالإشارة إلى أن دول الخليج العربي لا تحتاج اتفاقيات عسكرية أو أمنية في المنطقة؛ لأنها تمتلك من القوات والمنظومات العسكرية ما تستطيع به حماية نفسها.