+A
A-

المرباطي: غياب محاسبة “البلديات” أهم أسباب ضعف المجالس البلدية

قال عضو مجلس بلدي المحرق غازي المرباطي إن هناك غموضا كبيرا حول مستقبل الصندوق البلدي المشترك، والذي يجمع المجالس البلدية الأربعة، بعد إلحاق الهيئات البلدية مالياً بوزارة المالية.

وأوضح المرباطي في حوار أجرته معه “البلاد” أسباب تأخير تمرير مقترح قانون البلديات الحالي في أروقة مجلس النواب، قائلا إن “النواب ينظرون لهذا الأمر على أنه هامشي، في حين أنه يمثل أهمية قصوى للمواطن والمقيم خدماتياً”.

وعن أهم أسباب ضعف أداء المجالس البلدية، قال: “اختصاصاها يندرج تحت التوصية والاقتراح فقط، وهاتان العبارتان غير ملزمتين لصاحب القرار”. وفيما يلي نص اللقاء.

 ما تقييمك للتجربة البلدية بعد مرور 4 دورات؟

- كثيراً ما أتحفظ على تسمية “تجربة بلدية”؛ باعتبار أن للبحرين تاريخا طويلا في مجال العمل البلدي منذ أن انطلقت التجربة في 14 يونيو 1919، وبعمل بلدي نشط أكثر تخصصاً ويتسم بسلطة التقرير ومن ثم التنفيذ، بمعنى أن المجلس البلدي هو الذي كان يدير شؤون المجتمع بشتى المجالات، بما فيها الجانب الأمني، تطبيقاً لمبدأ حكم الناس بأنفسهم لأنفسهم بالخدمات.

وعن التقييم الحالي لأداء المجالس، فعندما نقارن بين الأساس التشريعي لقانون البلديات، وهي المادة (50) من الدستور والتي تمثل نتاج للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، نرى أن الدستور صنف المجالس البلدية كهيئة مستقلة، عندما أسماها بالهيئات البلدية، ولها الاستقلال المالي.

ولكن عندما ترجمت هذه المادة على أرض الواقع كنصوص تشريعية في قانون البلديات ولائحته التنفيذية، لاحظنا أن هناك ثمة قيود وضعت على المجالس البلدية، ومع مرور الزمن، جردت هذه المجالس من مهماتها الرئيسة، والتي هي أساسها الفعلي، وتحولت إلى وسيط ينقل بعض المشكلات، ويقترح، ويوصي، وهذه عبارات أن عالجناها من الناحية القانونية، نراها غير ملزمة، بل ذهب القانون لأبعد من ذلك، عندما رهن جميع تلك الاقتراحات والتوصيات في يد وسلطة وزير شؤون البلديات. وعليه، عندما ترتقي اقتراحات المجلس وأوامره الى مستوى التقرير، إذا يمتلك آلية التنفيذ، حين ذاك هناك إمكان بمحاسبة البلديات عن التقصير وضعف أدائها، وما دون ذلك يكون مجرد اجتهادات شخصية. 

كيف تفسر تأخير تمرير مقترح قانون البلديات الحالي في أروقة مجلس النواب، وهو المقترح الطموح الذي يخول المجالس البلدية بمنحها المزيد من الصلاحيات؟

- مما يؤسف له تراجع المجلس النيابي في الدفع نحو تطوير قانون البلديات وتعزيزه باختصاصات بلدية أصيلة، وهو الأمر الذي تسبب بتردي الوضع الراهن، وكنا نأمل أن يتحمل النواب المسؤولية تجاه ناخبيهم بالدرجة الأولى، وتجاه المقيمين، ومن ثم تجاه المجالس البلدية بالدفع قدماً بهذا المشروع، لكن ثمة ما يدور بأروقة المجلس النيابي، وهو ما جعل هذه المسألة المهمة شعبياً، بالنسبة للنواب هامشياً.

 في ظل ما ذكره برنامج عمل الحكومة، والذي أقر بالعمل على زيادة صلاحيات المجالس البلدية، ما تقييمكم للتراجع الذي تبنته الوزارة في بعض البنود، خصوصا الاستقلالين المالي والإداري؟

- فوجئنا منذ بدء الفصل التشريعي الرابع بأن جميع الإجراءات المالية التي نصت عليها الأنظمة والخاصة بالهيئات البلدية، ألحقت بوزارة المالية بشكل مباشر، بمعنى أن الأنظمة خصت الهيئات بإصدار أوامر الصرف؛ باعتبار أن لديها الاستقلال المالي حسب نصوص الدستور والقانون، وليس هناك رقيب عليها سوى المجلس البلدي، ومن ثم رقابة ديوان الرقابة المالية والإدارية.

وبالتالي أثر إلحقانا بوزارة المالية بشكل كبير على مستوى الخدمات التي يرتضيها المواطن والمقيم معاً.

 لماذا نرى العلاقة متوترة في غالبها ما بين مجلس بلدي المحرق ومحافظة المحرق؟ وهل هناك تداخل صلاحيات ما بين الجهتين؟

- توتر العلاقة موجود منذ فترة طويلة ويتجدد مع كل فصل تشريعي بين المحافظة والمجلس البلدي، وفي اعتقادي بأن قدم وجود المحافظات وحداثة المجالس البلدية سبب أصيل في توتر العلاقة ما بينهم، وفي عدم إيجاد المناخ المناسب للانسجام، خصوصاً وأن قانون البلديات منح المجالس البلدية صلاحيات مراقبة واقتراح المشاريع ذات الطابع البلدي في جميع المجالات، وحصر دور المحافظة في إطار تنسيقي مع بعض الجهات الخدمية فقط.

 لماذا يهاجم العضو البلدي غازي المرباطي الخدمات البلدية بالمحرق تحديداً؟ وهل هناك شخصنة بالموضوع؟

- الأعمال التي نراقبها في الهيئات البلدية هي اختصاصات إدارة الخدمات الفنية، ودوري الرقابي يقتضي بأن أتابع أعمال هذه الإدارة والمسؤولة عن النظافة وإنشاء ومتابعة الحدائق وعن إصدار التراخيص بشتى أنواعها، كما أنها المسؤولة عن أعمال البلديات الخدمية جميعاً.

وبطبيعة الحال لابد أن يكون هناك نوع من الشد والجذب في هذا الإطار، ولم أشخصن قط أي من القضايا التي أثيرها على الملأ، بل أن أحدهم وهو بدرجة مدير، لجأ إلى النيابة العامة، ومن ثم القضاء لتحريك الدعاوى ضدي، ولله الحمد أنصفني القضاء بذلك، علماً أن ما اتهمت به هو بصلب اختصاصاتي كعضو مجلس بلدي.

ما أسباب الضعف الذي اعترى المجالس البلدية مؤخراً؟

- أهمها أن اختصاصات المجالس البلدية تندرج تحت التوصية والاقتراح فقط، وهاتان العبارتان غير ملزمتين لصاحب القرار، أضف أن نجاح العمل البلدي مرتهن بوجود الوفرة المالية باعتبار أن أغلب أعماله تدخل في نطاق تقديم الخدمات التي تحتاج وجود هذه الوفورات.

كما أن للناخب دورا رئيسا في نجاح المجالس من خلال اختيار الأعضاء الأكفأ، ولو يأخذ على عاتقه الناخب قبل اختياره للمرشح ويسأل عن خبراته ودوره المجتمعي لكان الحال أفضل بكثير مما هو عليه الآن. 

 كيف تردون على من يتهم المجالس البلدية بأنها السبب في سوء التخطيط، خصوصا التخطيط العمراني والمرتبط بكثرة الشوارع التجارية؟

- نستغرب من هذه الاتهامات، وفي الوقت الذي كانت به البحرين من الدول المتقدمة في وضع تشريعات تختص في التخطيط العمراني، فالقانون خص جهات حكومية هي من تقوم بوضع المخططات التفصيلية العمرانية بشتى أنواعها، السكنية والتجارية والصناعية والاستثمارية، ودور المجلس هو الاقتراح وفي حال إذ ما رأى ذلك.

وهذا الاقتراح لا يصبح نافذا إلا بموافقة الوزير النهائية، والذي يحيل هذه الاقتراحات إلى دائرة التخطيط العمراني لدراستها دراسة تفصيلية، إذاً القرار الأخير يكون لسلطة مختصة في ذلك، وليس المجلس البلدي.

ما مصير الصندوق البلدي المشترك وإيراداته، وتقسيمها بين البلديات الأربع؟

- حالياً وبعد إلحاق الهيئات البلدية مالياً بوزارة المالية، أصبح مصير هذا الصندوق مبهما.

 ما تقييمكم لتجربة أمانة العاصمة؟ وهل تنصح بتعميمها في ضوء المطالبات من بعض الأفراد؟

- منذ أن طرحت هذه الفكرة، قمنا بالندوات والتصاريح الصحيفة، وبأننا ضد هذه التجربة وباعتبار أن أمانة العاصمة بوضعها الحالي، ليست سوى مجلس بلدي معين، والمشكلات الموجودة في أمانة العاصمة هي بذاتها موجودة في المجالس البلدية، وضعف الاختصاصات تعتري الأمانة والمجالس البلدية معاً.

 لماذا يركز العضو البلدي على المشاريع وانجازاتها ويهمل جانب التنظيم؟

- العملية تدخل في نطاق مراقبة المجتمع للعضو، والذي يركز دائماً على ما أنجز العضو والمجلس، بينما الجوانب التنظيمية هي أساس العمل البلدي، ولكن نتائجها لن تظهر في سنة أو سنتين، وإنما قد يحتاج سنوات طويلة، وهو أمر لا يرضي المجتمع بقدر ما يريد أن يرى إنجازا على أرض الواقع.

كيف تفسر فشل المجالس البلدية في تنمية الإيرادات البلدية؟

- الخلل الرئيس يكمن في صندوق الموارد البلدية المشتركة، فنشأة الهيئات البلدية يجب أن يكون على أساس الاكتفاء المالي وإدارة شؤونها عبر ما تمتلكه من مشاريع في نطاق المنطقة البلدية، بمعنى عندما تكون إيرادات المحرق من أسواقها ورسوم محالاتها وغيرها ترجع كمشاريع في نطاق محافظة المحرق نفسها، عندها سيكون هناك تنافس في تنمية هذه الإيرادات.

وسيسعى المجلس لجلب مزيد من الاستثمارات في نطاق المحافظة؛ لأنه يدرك بأن إيرادات هذه الاستثمارات ستصب في مصلحة المحافظة، بينما الوضع الراهن يقوم على أنه تصب جميع إيرادات البلديات بحساب الصندوق، وتوزع أحياناً كمصروفات مشاريع على بعض المحافظات، وليس بالضرورة أن تكون بالتساوي.

 لماذا فشلت المجالس البلدية في إيجاد آلية مناسبة لتدوير المخلفات رغم أنه اختصاص أصيل لها، وأعطاها القانون حق الاقتراح فيه؟

- المجالس البلدية لم ولن تفشل في تقديم أي اقتراح يعالج أزمة المخلفات بأنواعها، فمنذ المجلس الأول والاقتراحات والتوصيات تتوالى على وزارة شؤون البلديات في سبيل إيجاد الحل المناسب لمعالجة التخلص من المخلفات وبالذات المنزلية، وركزت بعض الاقتراحات والمشاريع على تدوير هذه النفايات، والبعض الآخر ركز على ردمها بطريقة أكثر صحية وسلامة للبيئة، وأخرى بعد فرزها يتم تصديرها لجهة تستقبلها كعوائد استثمارية، وجميع هذه الاقتراحات كانت تجابه دائماً بالدراسة، ولم نتلمس مع الأسف الشديد جدية في هذا الجانب.