+A
A-

الكواري للبلاد: ولاء الفرد لبلد آخر أو انخراطـه بالعسكـرة يكفـل للدولــة حــق إسقــاط جنسيتــه

قال رئيس المجلس الأعلى للقضاء سالم الكواري إن للدولة الحق بأن تحدد من ينتمي إليها؛ لأنها علاقة شخصية بين الفرد وبينها، فإذا أخل الفرد بولائه، أو أساء لتكوين المجتمع وانضباطه وتناسقه، تستطيع الدولة أن تتخذ قرار إسقاط الجنسية بحق من تراه، مضيفاً أن “القوانين الدولية كفلت للدول حرية تنظيم القوانين الخاصة بالجنسية”.

وأوضح الكواري في حوار أجرته معه “البلاد” أن الحرية يجب أن تكون منضبطة، وعدم الانضباط بها هي الفوضى بعينها، كما أن الحقوق يجب أن تكون بحدود؛ لأنها حين تكون خلاف ذلك ستكون انتهاكاً صارخاً لحقوق الآخرين.

ونفى الكواري أي توجه لتخصيص محاكم خاصة بالإرهاب، مضيفاً “هناك توجه لزيادة عدد المحاكم الجنائية لتسيير وتيرة المقاضاة، ووضعنا نصب أعيننا تسريع إجراءات القضايا الإرهابية وعدم تعطيلها”.

وفيما يخص التأخير بتنفيذ الأحكام الصادرة لمصلحة المنفذ لهم قال “تم تحويل جميع التعاملات المرتبطة بهذا الشأن إلكترونياً، وعليه لن يكون هنالك أي معاملات ورقية تذكر، كما أن التبليغ سيكون عما قريب إلكترونيا”. وفيما يلي نص اللقاء.

 

هنالك اتهامات مستمرة لمملكة البحرين فيما يخص إسقاط الجنسيات، وهو موضوع تعتاش عليه المنظمات الحقوقية المسيسة، وتصفه بالسابقة خليجياً، ما رأيك؟

- نعتز بأن قضاءنا قديم، وقدم القضاء في البحرين يرجع للتأسيس الأول للدولة العام 1783، وبالتالي انتظم بهذا التأسيس المجتمع نفسه، وحتى نفهم قيمة ذلك، يجب أن نفهم المحيط العالمي بالبحرين حينها، ففي العام 1775 كانت الثورة الأميركية، وبالعام 1789 كانت الثورة الفرنسية، وبالعام 1774 أصدر “منتسيكو” كتاب روح القوانين، والذي به الفصل بين السلطات.

وعليه ومن خلال هذه المعطيات كان تأسيس الدولة، والذي جاء وسط اندماج للسلطتين التشريعية والتنفيذية بشخص الحاكم، وفي ذلك الحين كان للبحرين سلطة مستقلة متمثلة بالقاضي الشرعي، فكان الحاكم يتحرك وعلى يمنيه القاضي الشرعي، وعليه كان القضاء مستقلاً بشخص شيخ الدين الذي كان يفصل بالقضايا الشرعية، ويقدم بعض الاستشارات الإسلامية، وفي ذلك الوضع، كان للبحرين هوية الدولة بعد أن تكونت عناصرها.

والجنسية هي إحدى الأسس لتكون أحد عناصر الدولة وهو الشعب، فهي علاقة ثلاثية ما بين الدولة والشخص والعلاقة القانونية التي تنظم ذلك، وفي القانون الدولي أعطيت الدولة حرية تكوين قانون الجنسية، لم تدخل بذلك القوانين الدولية بالصورة القوية، وبالتالي كان للدولة حرية تنظيم القوانين الخاصة بالجنسية والتي تقوم على الولاء، وعلى الحفاظ على أمن المجتمع نفسه.

فبالتالي، يحق للدولة أن تحدد من ينتمي إليها؛ لأنها علاقة شخصية بين الفرد وبينها، فإذا أخل الفرد بولائه، أو أساء لتكوين المجتمع وانضباطه وتناسقه، تستطيع الدولة أن تتخذ هذا الإجراء.

أضف أنه حين يكون ولاء الفرد لدولة أخرى، أو ينخرط في عسكرها، أو ينتقل من البلد ويسكن في بلد آخر، يحق للدولة إسقاط جنسيته، وهو قانون متبع بكل دول العالم، ومع تطور الزمن بدأت تظهر بعض البوادر لتقييد هذا الإجراء، ولكنه لم يسحب صلاحية الدولة.

كيف تقرأ اللبس المتعلق بالحريات في البحرين، والذي يكثر اللغط فيه؟

- الميثاق كفل كل الحقوق والحريات، والحرية يجب أن تكون منضبطة، وعدم الانضباط بالحرية هي الفوضى بعينها، والحقوق يجب أن تكون بحدود؛ لأنها حين تكون بخلاف ذلك ستكون انتهاكاً صارخاً لحقوق الآخرين.

وذُكر بمقدمة الميثاق صراحة أن “كل الحركات التي سبقت الميثاق تعتبر حركات وطنية” وهي قيمة كبيرة يجب أن يعيها كل سياسي، قيمة تبدأ حين وقف جلالة الملك بكل شموخ وقال “هذا ميثاقي لشعبي” وهي قيم عظيمة لم تأت وليدة اللحظة، بل جاءت امتداداً لحكم عريق بدأ منذ العام 1783 وظلت قيمة تتراكم وتتراكم، مروراً بدستور 1973 فالميثاق، وما صاحبه من بعد من تعديلات دستورية.

هل هنالك توجه لإنشاء محاكم خاصة للإرهاب ولمن يمجده؟

- هنالك توجه لزيادة عدد المحاكم الجنائية لتسير وتيرة المقاضاة، ووضعنا أمام نصب أعيننا تسريع إجراءات القضايا الإرهابية وعدم تعطيلها، وميزنا هذه القضايا دون الأخرى، مع توفير كل إمكانات المحاكمة العادلة للمتقاضي، بل إنه مسموح لبعض قناصل الدولة الأجنبية حضور الجلسات؛ لأن المبدأ بأن المحاكم عامة ومفتوحة للجميع وعلنية، وهو مبدأ أصيل بالمحاكم البحرينية، ولا تكون سرية إلا لظروف خاصة، وتقررها المحكمة، كما أن ليس لدينا ما نخافه أو نخفيه.

لماذا يتأخر الفصل ببعض القضايا لسنوات دون أسباب واضحة، على الرغم من أن القانون قد نص صراحة على الفصل بالقضايا في زمنية محددة؟

- هذا صحيح، وعليه جاءت الاستراتيجية الجديدة؛ لكي تسرع من وتيرة حركة القضايا. 

وهل ينطبق الحال ذاته على القضايا التجارية والاستثمارية؟ 

- فيما يخص الجانبين التجاري والاستثماري بدأنا بالخطوط الساخنة وعددها 3، خط ساخن خاص بالقضايا البنكية والاستثمارية التي بها طرف بنكي من مبلغ 500 ألف فما فوق، وعليه تمرر القضايا بسرعة حتى التمييز، وبشرط ألا تتعطل هنالك أيضاً؛ لأنه لن يكون مقبولاً.

وخط ساخن للجان الإيجارات، وحين تمرر القضية يجب أن تتابع في الاستئناف وأن تنجز بسرعة، والخط الساخن الثالث للمحاكم التجارية، فحين تنجز القضية في المحاكم التجارية يجب أن تنتقل بسرعة مرورا بالاستئناف ووصولاً للتمييز، دون تعطيل للمصالح.

 

 

وماذا عن الشرع؟

- لا يوجد لدينا تراكم شديد بالمحاكم الشرعية.

بالتوازي، هنالك تأخير ملحوظ بتنفيذ الأحكام الصادرة لمصلحة المنفذ لهم، ما مقترحاتكم بهذا الشأن؟

- تم تحويل جميع التعاملات المرتبطة بهذا الشأن إلكترونياً، وعليه لن يكون هناك أي معاملات ورقية تذكر، كما أن التبليغ سيكون عما قريب إلكترونيا، وبدأ العمل بالبرنامج بشكل تجريبي، وسيكون هناك شريحة كبيرة من المستفيدين بهذه الخدمة قريباَ، ومنهم التجار، وسيتم ذلك عن طريق الرسالة النصية، كما هو مطبق بالتنفيذ حالياً، إذا ما قبل الطلب أو رفض، وما هو الطلب.

هل هنالك جديد فيما يخص مشروع قضاة المستقبل؟

- الاستعانة بقضاة المستقبل هي وفق الحاجة، وتم تدريب عدد منهم بالفعل، وبزخم عال من التدريب، وينعكس أداؤهم اليوم بوضوح وبإيجابية عالية على مستوى القضاء، كما أخذنا شريحة من النيابة وهم يتدربون حالياً وسيدخلون السلك القضائي في مارس المقبل.

كم يبلغ عدد أعضاء السلطة القضائية؟

- عدد القضاة من الذكور 160، منهم 96 قاضيا بحرينيا، و64 غير بحريني، ومن الإناث 9 قاضيات كلهن بحرينيات، أما أعضاء النيابة العامة فمن المذكور 52 بحرينيا و5 غير بحرينيين، ومن الإناث 5 بحرينيات. 

ما خطط القضاء لدعم المستثمر الأجنبي، وبما يصب في خدمة الاقتصاد الوطني في ظل التعديلات الشديدة بقانون الشركات التجارية؟

- يجب أن يكون التاجر مطمئناً، ولن يطمئن إلا إذا تيقن بأن هناك قضاء مستجيب لطلباته، وبأن ركيزته أن يكون سليما، نزيها، محايدا، ومستقلا، هذه القيم حين نرسخها ونؤكدها بالمجتمع فإنها تنعكس مباشرة على التاجر، ولذا أنشأنا منذ ستة أشهر محاكم تجارية لها ميزة خاصة بتكوينها، ولها إجراءات مختلفة عن بقية المحاكم.

فالتاجر حين يلجأ للقضاء، يضمن أن ينتهي النظر في قضيته بالسرعة التي تواكب العمليتين التجارية والاستثمارية.

هل هناك توجه لديكم لإنشاء محاكم تختص بالشؤون البلدية والخدمية المستعجلة، خصوصاً مع تزايد الطلبات بهذا الأمر؟

- قضاياها بواقع الأمر متوزعة ما بين التعويضات والنزاعات الفردية، ولكننا لا ننظر لجزئية بعينها بقدر ما نركز على القضاء نفسه بصفة عامة، وهذه الحركة مع الاستقرار ستكون الأمور مستتبة.

بماذا يوصيك رموز القيادة السياسية دوماً؟

- جلالة الملك يؤكد دوماً استقلالية القضاء ونزاهته وحياديته، وهذه القيم الثلاث هي ما تؤكد فقهياً بكل القضايا، ولذلك ومنذ أن شرفني جلالة الملك بهذه الثقة، استقلينا مباشرة على المستويات الإدارية والمالية، لا نتبع ديوان الخدمة ولا وزارة المالية، وبالتالي فكل أمور القضاء يهتم بها المجلس الأعلى للقضاء الذي شرفني جلالته بأن أكون مسؤولاً عنه.

كما يؤكد سمو رئيس الوزراء الاتجاه ذاته، وسمو ولي العهد أيضاً الذي يتابع هذه العملية بشكل مستمر، ونحن لا نتدخل بالقضاء أو بإجراءاته، وإنما نسير القضاء، ولدرجة أننا أنشأنا مكتبا للمتقاضين تقوم عليه كفاءات مؤهلة تستقبل الجميع، وتوجهه حول طبيعة الإجراءات، وهو ما خلق نوعا من الطفرة بخدمة المتقاضي بعد أن كان يضيع بالسابق في أورقة المحاكم.

ما الذي تؤكدونه دوما للقضاة؟

- نرسخ فيهم دوماً أن كرامة المواطن هي المقدمة، فحين يصل المواطن للقضاء فهو الحائط الأخير بالنسبة له، وكان سؤال جلالة الملك المركزي: كيف يخلق القضاء في المجتمع ثقته فيه

؟ وهذا ما نعمل عليه، بأن يكون المجتمع واثقاً من هذا القرار، وتخلق الثقة المجتمعية بالقضاء وفق ثلاثة أسس، وهي الاستقلالية، النزاهة، الحياد، وهي ركائز نعززها دوماً بالقضاة الجدد، وهي أصيلة بالقضاء القدماء.