العدد 2949
الخميس 10 نوفمبر 2016
banner
ما لي والناس؟!
الخميس 10 نوفمبر 2016

شمّرت عن ساعديّ منتصف ليل الثلاثاء، منتظراً أن تلوح بدايات نتائج سباق الرئاسة الأميركي، أيّ الأشقرين سيفوز؟ ما الفرق؟! إنه الفرق التكتيكي المعتاد في تلاوين السياسة الواحدة التي لا تحيد. قادنا الفيض الإعلامي العالمي الذي تتحكم فيه شركات صناعة الإعلام الأميركية العملاقة على المستوى العالمي، لأن ننشغل إلى هذا الحد بالسباق الرئاسي وكأن هذا السباق يقع في الشارع الخلفي المحاذي لحيّنا، ويأخذ البعض الحماس كلّ مأخذ، جميلة هذه التمارين العقلية، والتحليل النابع عن المعطيات، ولكن كل ما نفعله لن يقدم شيئاً للمتنافسين ولن يؤثر على حظوظهما، لذا، فما لنا والانتخابات الأميركية؟! 

بعض المحللين الأميركيين قالوا وهم يرون الرئيس السابق جورج بوش الابن يحزم حقائبه من البيت الأبيض، إن التاريخ لن يذكره إلا بأنه الرئيس الثالث والأربعون للولايات المتحدة. حسناً، كيف سيذكرون الرئيس الرابع والأربعين؟! فعلى الأقل حدثت في ذلك العهد واحدة من أكثر القصص جدلاً عبر التاريخ لتؤكد مقولة: "نحن نصدّق نصف ما نرى، فكيف بما نسمع"، فحادثة 9/11 لا تزال تستهوي المجادلين لتفسيرها. و"على الأقل" قام سلفه بشنّ حربين فاجرتين لقي فيهما الشعبان الأفغاني والعراقي ما لقياه من مصاهر القذائف، وهما شبه أعزلين. على الأقل أفلست في عهده بعض من أعرق وأقوى الشركات الأميركية، وعلى الأقل ترك البيت الأبيض بعدما اكفهرّت السماوات الاقتصادية العالمية بأزمة مالية لا تزال تدور رحاها، ولكن ما الذي فعله أوباما على المستويين المحلي والعالمي؟ ربما أكون منشغلاً بعض الشيء طيلة السنوات الثماني الماضية، ولكن ما الذي فعله؟ لنعد تركيب السؤال: ما الذي كنا ننتظر منه أن يفعله؟ كيف علقنا عليه كل هذه الآمال العراض فقط لأن له جذورا افريقية، وها هو ذا يرحل من منصبه ولا نسمع إلا عبارات السخط التي تلاحقه وتلاحق عهده، ربما ليس كما الحال مع بوش وزمرته، ولكنها مجموعة خيبات، وإن شئت قلت صفعات، وأمنيات تهاوت وتلاشت، وذلك بطريقة تفكيرنا العاطفية التي تظن حكم بلد كبير - بل القطب العالمي الأقوى - يدار بعقلية "الفرجان"، وأن الشهامة ستتملك الرئيس الأميركي ويعيد الحق إلى نصابه، ويملأ الأرض عدلاً بعدما مُلئت جوراً، وذلك لأنه جلس "يضرب فكر" في ليلة مقمرة تحت شجرة السنديان العتيقة في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض، فصحا ضميره بعد طول منام!

الأمر انتقل من اللون إلى النوع، نسينا أننا قلنا في انتخابات أوباما "لنجرّب"، رئيساً ليس من الأصول الأوروبية، المضحك أننا نتحدث بلسان الأميركيين أيضاً لشدّة ما دغمنا الإعلام معاً، ها نحن جربنا وهذا ما نالنا منه، يأتي البعض اليوم ليقول: "مللنا من حكم الرجال، فلنجرب المرأة هذه المرة"، ألم نجرب كونداليزا رايس؟ افريقية العرق وامرأة، وصاحبة نظرية "الفوضى الخلاقة" التي نتخبط فيها منذ سنوات. ليفز من يفز، ما لنا ولهم؟!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .