العدد 2876
الإثنين 29 أغسطس 2016
banner
استقرار العراق
الإثنين 29 أغسطس 2016

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية مؤخرًا مقالاً تحليلياً كان صريحًا في توجيه اللوم إلى أميركا واتهام رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بالتسبب في انهيار العراق وعدم تحقيق الاستقرار، حيث لم تمتلك الإدارة الأميركية العزم الكافي على تحقيق هذا الهدف واتسمت بقصر النفس فيما تنفذه من برامج وخطط، كما أنها لم تكن راغبة أو قادرة على توفير الموارد المالية الكافية لإنجاز هذه البرامج والخطط وأهمها بناء جيش عراقي قادر على حماية البلاد ليكون بديلاً عن الجيش الذي تم حله.
وقعت واشنطن في خطأين استراتيجيين أحدهما عسكري والآخر سياسي تسببا فيما وصل إليه العراق الآن من تدهور وتفتت وطائفية، فأميركا التي تزعم اليوم أنها تقود تحالفا دوليًا لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي وتخصص الميزانيات الضخمة لهذا الغرض هي التي تسببت بانسحابها المفاجئ والكامل من العراق في ديسمبر عام 2011 في ظهور داعش وقدرته على السيطرة على نحو ثلث أراضي العراق بحلول عام 2014، وكان هذا هو الخطأ العسكري الفادح الذي جاء بعد خطأ لا يقل فداحة والذي يتمثل في حل الجيش العراقي الذي كان يفرض التواجد الأميركي لحين بناء جيش موحد وقوي كما هو حال العراق دائمًا، فهذا التواجد ربما كان البديل الأنسب والطريقة الأفضل لمعالجة هذا الخطأ، إلا أن واشنطن لم تستطع تحمل كلفة ذلك ماليًا وبشريًا وخصوصا مع تورطها عسكريا في مناطق توتر أخرى، ما أدى بالبيت الأبيض إلى خفض نفقات المهمة الأميركية في العراق لتوفير مبلغ 1.6 مليار دولار.
أما الخطأ السياسي الجسيم الذي ساهم في إفشال خطط استقرار العراق، فهو الدعم الأميركي لرئيس الوزراء العراقي السابق “نوري المالكي” رغم طائفيته الواضحة وسياساته التمييزية التي خلقت انقسامًا وتوترًا طائفيًا في البلاد، حيث بدا وكأنه لا يريد إلا التخلص من السنة في العراق، فقام بقمعهم بمختلف السبل وبكل شدة بينما ظهر في غاية الضعف في تكوين جيش قوي والحفاظ على وحدة البلاد ومنعها من الانهيار، فكان معاديًا بكل وضوح للسنة منذ اليوم الأول لانسحاب القوات الأميركية، حيث أمر باعتقال السياسيين السنة المنافسين له، واستبدال الضباط الذين دربتهم أميركا بعسكريين موالين له، ما أدى إلى تردي الوضع في العراق واحتجاجات واسعة النطاق من قبل السنة منذ عام 2012 على ما يتعرضون له من قمع وعداء سافر، إضافة إلى زيادة وتيرة التفجيرات الانتحارية في كل أنحاء البلاد والتوترات الطائفية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .