العدد 2856
الثلاثاء 09 أغسطس 2016
banner
لماذا كل هذا العنف... لماذا فرنسا؟
الثلاثاء 09 أغسطس 2016

فريق من الكتاب والمحللين ركز على أسباب استهداف فرنسا تحديدا بالعمليات الإرهابية، واكتفى بالتفسيرات السهلة، ومن بينهم الكاتب جوناثان فينبي، حيث رأى في مقال بصحيفة فايننشال تايمز أن الإرهابيين يستهدفون فرنسا لدورها في محاربة الإرهاب وفي قصف قواعد تنظيم داعش بالشرق الأوسط، إضافة إلى وجود “متطرفين” من دول  بشمال أفريقيا غادروا فرنسا إلى سوريا والعراق، وأنهم يتولون مناصب مهمة وقيادية في التنظيم، وأنهم يحافظون على روابط مع “الجنود” الذين غادروا إلى الشرق الأوسط ثم عادوا إلى فرنسا لشن هجمات في باريس العام الماضي.
إلا أن الكاتب اشار ولو على استحياء إلى سبب مهم وجوهري في هذا الجدل الدائر على الإرهاب الذي يضرب فرنسا، وهو إهمال الحكومات الفرنسية المتعاقبة مظالم أبناء شمال أفريقيا الذين قدموا إلى البلاد في وقت الرخاء، مما تسبب في تعميق الفجوة في أوساط المجتمع الفرنسي.
في حين امتلكت جوسلين سيزاري مديرة برنامج “الإسلام في الغرب” في جامعة هارفرد، الجرأة والصراحة الكافيتين لمواجهة فرنسا الدولة والمجتمع بما فيهما من عيوب وثغرات تشكل مدخلاً للإرهاب، ففي مقال لها بمجلة نيوزويك أكدت أن أسباب استهداف فرنسا تعود بالأساس إلى فشلها في التوفيق بين العلمانية والإسلام، وإلى مفارقات في التعامل مع بعض الرموز الدينية في فرنسا، ففي حين يتم التضييق على بعض الممارسات الإسلامية وخصوصا ما تعلق باللباس الإسلامي في الأماكن العامة، يتم التساهل مع أزياء الراهبات باعتبارها تمثل الثقافة الوطنية الفرنسية، مؤكدة أن التمييز ضد الممارسات الإسلامية موجود وملاحظ في كل أنحاء أوروبا، لكن الأمر مختلف إلى حد ما في فرنسا، حيث هناك استخدام ممنهج لقانون مكافحة الممارسات الإسلامية في البلاد.
واستشهدت سيزاري بالقانون الصادر في 2004 والذي بموجبه تم حظر جميع المظاهر الدينية في المدارس العامة، ولكنها كانت تستهدف استبعاد الحجاب الإسلامي من الفصول الدراسية، وامتد ذلك إلى حظر شامل على ارتداء النقاب الإسلامي في الأماكن العامة في 2010.
وأشارت إلى أن هذه الحرب “الوجودية” بين القيم الأساسية للغرب والإسلام تحدث في أماكن أخرى في أوروبا، لكنها تبلغ ذروتها في فرنسا حيث أصبح المسلمون الفرنسيون الأعداء الداخليين للدولة بدعوى أنهم يشكلون خطرا على القيم الأساسية للعلمانية، كما أنه بات ينظر إلى المسلمين بأنهم أيضا الأعداء الخارجيون، وذلك في ظل الحرب على الإرهاب وصعود “الإسلام الراديكالي” في العالم، قائلة: “في ظل هذه الظروف، فإن أية ممارسات إسلامية، بدءا من غطاء الرأس إلى القواعد التي تحكم نوع الغذاء الذي يتم تناوله، سينظر إليها على أنها غير متحضرة، وبالتالي تعتبر ممنوعة وغير شرعية”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية