العدد 2869
الإثنين 22 أغسطس 2016
banner
مسرحة رسوم الخدمات
الإثنين 22 أغسطس 2016

من الأخبار ما يجلب الفرح لقارئها، ومنها ما يسبب له الحزن والكآبة، والصنف الأخير من الأخبار الأكثر على جميع وسائل الإعلام، وكأن الإعلاميين عالمياً أقسموا بأغلظ الأيمان أن يسببوا الكآبة المزمنة للعالم، وخصوصاً العالم العربي، إذ اننا أكثر أجزاء العالم المظللة بالغبار والتصريحات التي ما عادت تخجل من عريها. ولكن هناك بعض الأخبار التي لا يعرف أحد كيف يشعر حيالها، هل يفرح أم يحزن أم يغضب أم يتخذ بين كل أولئك سبيلاً؟!
نشرت صفحنا المحلية الأسبوع الماضي قصص نجاح اللجنة الوزارية للشؤون المالية وضبط الإنفاق، في خفض 30 % من ميزانية 40 جهة حكومية رسمية، في بند مصاريف صيانة المباني، وهذا الأمر في حد ذاته من الأمور المفرحة، والتي تبعث على التفاؤل بأن بعضاً من مشتقات “الرشد” ستنتشر في الجهاز الحكومي، ليكون دليل القوم في الترشيد، والإنفاق الأكثر عقلانية في الحكومة بدءاً، كما جاء في الخبر الرسمي، وهذا ما يبعث على الفرح، ويجعل الجمهور ينتظر بقية الفرق الخمس التي أنشئت لخفض المصروفات المتكررة.
وقبل هذا الخبر بعدة أيام، أتى خبر من الأخبار المقلقة للناس، وهو ما جرى تغليفه بتلويح مبطّن لرفع أسعار الخدمات، وذلك بمراجعة أسعار الخدمات التي تقدمها الحكومة، بـ “إخضاع رسوم عدد من تلك الخدمات الحكومية المقدمة إلى الأفراد والشركات عن طريق مراجعة مدى مواءمتها لمبدأ استرداد وتحصيل الكلفة الحقيقية، وذلك بهدف رفع وتحسين مستوى تقديم الخدمات بالسرعة والكفاءة المطلوبة من جهة، وما لذلك من أثر إيجابي على تعزيز الدخل وتنمية الإيرادات الحكومية غير النفطية من جهة أخرى”!
إن المواطن البسيط، وكذلك المعقّد والمركّب، لا يمكنه أن يفهم معنى خفض ميزانية الصيانة 30 %، حتى لو أضيف للخبر حجم ما تم اختزاله وتوفيره بالأرقام والدنانير. ولكن يدرك شعورياً، ومن خلال التجارب التي مرّ بها سلفاً؛ أنه واقف على تخوم “صعقة” جديدة لا يدري متى ستضربه من بعد رفع أسعار الوقود الذي لم تمرّ عليه سنة إلى الآن (12 يناير 2016)، ولا يزال طعمها المرّ في فمه، إذ قيل إن هذا الدعم سيوفر على الحكومة 56 مليون دينار، ولا يفرق الموضوع مع هذا الفرد ما إذا نقص أو زاد حجم التوفير ما لم ينعكس في البداية والنهاية على جيبه الخاص، كم سيضاف إلى ما سيُسحب منه.
في المسرح الإغريقي، كان لدى كتاب المسرحيات تكنيك في الكتابة، لنقل المشاهد من حالة الفرح إلى حالة الحزن والعكس، وذلك لكي تتطهر مشاعره. ويقول عميد المسرح العربي يوسف بك وهبي “الحياة مسرح كبير”، لذا، فليس مكتوباً على المواطن أن تظل مشاعره في اتجاه واحد، فهو أيضاً يحتاج أن يتطهّر بالفرح!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية