العدد 2865
الخميس 18 أغسطس 2016
banner
تجربة أخرى في الكتابة
الخميس 18 أغسطس 2016

الكتابة فعل ينقلب على صاحبه إن أحب ما يكتب، أحاول أن أعقلن ما أكتب أحياناً، فأجد الأفكار تشدّني. ألا يحدث معك أن تعود إلى شيء ما لترى كم كانت لحظة إبداع تلك التي جرّدتك من نفسك، رقمت على أزرار المفاتيح ما رقمت، وقبلها تلك التي شكلت بالقلم ما تعجز عن الإتيان بمثله اليوم ولو حاولت جهدك. من ذا الذي كان يكتب حينذاك؟ من يكون ذاك الذي ولد منك، خرج ليكتب شرارة ضياء، برق لاح وانطفأ بسرعة، أضاء الظلمة واختفى؟ من؟
ربما أيضاً رأيت شيئاً من نتاجك السابق، والتفت حولك في حذر لئلا يراه أحد، وتريد أن تدسّه في التراب لأنه لا يليق، أو أنه مخجل، أيضاً هناك من خرج من جوّاك في تلك الهنيهة، أو تمركز فيك وسوّاك في تلك الهيئة التي لا تود أن يراك بها أحد. ولكنها أيضاً لحظة الكتابة المبهرة، لحظة التوحد بها والاندغام بها. أجواء أشفق ألا يعرفها الكثيرون، لذا أظلّ أدعو الجميع للكتابة، ومسامرة البياض بنور السواد. شهقة لا يدرك كنهها من لا يذرعها جيئة وذهاباً وتقلباً.
ظللتُ أكتب مقالاتي في صحيفة “الوقت” في حدود 600 كلمة، وعندما انتقلت إلى “البلاد” في نوفمبر 2010، بدأت أكتب مقالاتي في حدود 800 كلمة، وأزيد في معظم الحالات والأيام، وألجم التدفق لجماً مع أنني في أحايين كثيرة أصل إلى الربع الأول من الطريق وأشعر أن ليس هناك ما يمكنني إضافته، إلا أن تدفقاً كتدفق الأدرينالين يقودني إلى تجاوز الحدود وكبح الجماح بصعوبة بالغة.
أعرف أن العبرة ليست أبداً بالكلمات، وأعرف أننا جميعاً أمام قرّاء إن لم نلخص لهم المقال في سطرين سيكون من العبء أن يقرأوا هذه المطوّلات التي أحاول الاجتهاد فيها لغوياً ومعلوماتيا، مع بعض الفذلكات في التراكيب.
أستميحكم عذراً اليوم في هذا الهذر الذاتي لأدوزن خيولي معكم وبكم، وأبدأ تجربة أخرى من الكتابة تتحداني من جديد لأن أسكب نفسي في قالب أصغر، وأرمي دولاب ملابسي القديمة، وأشرع في مصافحتكم من جديد ومعرّفاً بنفسي: غسان الشهابي!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية