العدد 2858
الخميس 11 أغسطس 2016
banner
الإيرانيون وتفضيل المشنقة! (1)
الخميس 11 أغسطس 2016

بما أن الشيء بالشيء يذكر، لذا فالتسجيل المسرب من قِبل شهرام أحمدي الذي يعلن فيه قبيل إعدامه أن القاضي أبلغه بأنه يحاكم بثلاث تهم: أولاً لأنه كردي، وثانيا لأنه سني، وثالثا لأنه يعمل ضد النظام، يذكرنا على الفور بوصية قاضي محمد الأخيرة، وحسب التسجيل العائد لشهرام أحمدي أنه لم يسمح له بالدفاع عن نفسه أو توكيل محام، وأن القاضي كان يهين المقدسات طوال فترة المحاكمة، وهو ليس أمرا غريبا على النظام الإيراني الذي قرأنا يوماً عن تفاصيل قذارة تعامل أمنه فيها مع سجناء الرأي من خلال مذكرات المعارضة الإيرانية هنكامة حاج حسن، وبالتوازي معها فقد تحدث مئات المعتقلين السوريين عن وضاعة الأمن الأسدي في التعامل مع السجناء، ومعروف أن الأمن السوري ونظامه النتن ليسوا أكثر من تلاميذ صغار لدى حاخامات نظام الملالي. عموماً فما باح به شهرام أحمدي حيال «زناخة» نظام الملالي دعانا إلى مراجعة الوصية الأخيرة لقاضي محمد التي ترجمها عن الكردية محسن جوامیر حيث يقول فيها: «لا يخدعنكم العدو، فعدو الكورد عدو، أيا كان لونه وجماعته وقومه، لا شفقة له ولا ضمير، ولا يرحمكم، ويوقع بينكم الفتنة والتقاتل، ويثير بينكم الأطماع، وعن طريق الخدعة والأكاذيب، يُحرضُ بعضَكمْ ضد بعض»، وما جاء في وصية قاضي محمد يفيد ربما قوله مجدداً للمحور الكردي الموالي لطهران حيث يتابع محمد في الوصية: «ان إيران أعدى الأعداء، أكثر ظلما وألعن وأكثر فسقا وأقل رحمة من الجميع، لا تتورع عن اقتراف أية جريمة بحق الشعب الكوردي، وهكذا كانت دائما، فالبغض والكراهية متأصلان فيها طوال التاريخ ولحد اللحظة»، وما أشار إليه رئيس جمهورية مهاباد آنذاك لا يزال معمولاً به من قِبل السلطات الإيرانية وهي مثابرة عليه سواءً أكان المحور الكوردي الموالي لهُ صفَّق لتلك الأفعال بحماس أم برَّر لها تلك التصرفات بفتور وكالعادة غض الطرف عنها. أما فيما يتعلق بالمواطن الإيراني نفسه فمن خلال الأخبار اليومية للإعدامات في جمهورية الملالي يُخال للمرء وكأن مشهد تعليق النشطاء في جمهورية الخميني الدموية أقل تأثيراً على نفوس الايرانيين من أي خبر اجتماعي أو فني آخر في ذلك البلد، ولم تعد المشانق التي تُقام كل يومٍ هنا وهناك تلق الاهتمام اللازم من قِبل الشعب الذي عودته سلطة رجالات الآخرة على أن يستسيغ تلك المشاهد القاتلة، وإلا فلماذا يبقى المواطن مستطرباً حالة الفُرجة وهو يشاهد الإعدامات اليومية وكأنه في المسرح الروماني يُشاهد صراعاً دموياً سينتهي لا محال بنحر أحد الموجودين في الحلبة التي تقيمها السلطة. إذ وحسب المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان ووسائل الإعلام فقد نفذت السلطات الإيرانية أحكام الإعدام في عدد غير محدد ممن اتهمتهم بالانتماء لجماعة التوحيد والجهاد في محافظة كردستان الإيرانية، وقدّرت جماعات حقوقية أن عدد الذين تم إعدامهم يوم الثلاثاء يتراوح بين عشرة وعشرين شخصا، وعلى غرار إعلام النظام الأسدي في سوريا الذي هو ليس أكثر من تلميذٍ نجيب لدى طهران قام التلفزيون الإيراني الرسمي ببث ما قال إنها اعترافات لبعض أعضاء الجماعة، وقالوا خلالها إنهم استهدفوا رجال الدين السُنة والشيعة الذين يرون أن أفكارهم مهرطقة، وأكدت جماعات حقوقية أن الإدانات جاءت نتيجة اعترافات انتزعت بالإكراه من السجناء، كما هو نفس الأسلوب الأمني المتبع لدى الأمن السوري مع المواطنين. «إيلاف».

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية