العدد 2855
الإثنين 08 أغسطس 2016
banner
الطفلة زهرة ومسؤولية المدرسة
الإثنين 08 أغسطس 2016

هناك جانب في غاية الأهمية والخطورة في قضية الطفلة “زهرة” ضحية جرائم التعذيب التي تعرضت لها على يد والدها وزوجته. أين مسؤولية الإدارة المدرسية في رصد تلك الحالات وسرعة الإبلاغ عنها؟ وأعجب أين دور الجيران، كيف يتخلوا عن طفلة بريئة تعذب بأبشع الطرق دون إبلاغ الجهات المختصة.
تأخر المدرسة في إبلاغ مركز حماية الطفل، رغم استنجاد الطفلة المتكرر بمديرة المدرسة ووضوح آثار التعذيب على جسدها، وعدم رغبة الطفلة العودة الى المنزل بعد الدوام المدرسي، أدلة واضحة على وقوع جريمة بشعة تستدعي التدخل الفوري من قبل السلطات الأمنية والإدارية بوزارة التربية، كل ذلك لم يشفع لها.  بلاغ متأخر وعودة الطفلة لمنزلها بعد إبلاغ مركز حماية الطفل والنتيجة وفاتها اثر التعذيب. السؤال كيف يمكن السكوت أو التهاون والتباطؤ في اتخاذ الإجراءات الأمنية والإدارية في مثل هذه الحالة؟
فأقل ما يمكن عمله إنسانياً قبل ان يكون واجباً مهنياً حجز الطفلة لدى السلطات المختصة لخطورة الوضع على حياتها، ناهيك عن متابعة حالتها لتلقي العلاج النفسي والجسدي واتخاذ كل إجراءات التحقيق حيال والدها ومنعه من استلامها حفاظاً على سلامتها وتصدياً لانتقامه وهو ما حدث ويحدث في مثل هذه الحالات.
ما ذكر أن مديرة المدرسة حذرت المعلمات بعدم التجاوب لاستنجاد الطفلة خوفاً من المساءلة القانونية. هذا الخطأ والإهمال الكبير يحتاج لوقفة ومسؤولية لوضع حلول إجرائية وقانونية منعاً لوقوع مزيد من الضحايا.
كثيراً ما سمعت من أولياء أمور ومعلمات، عن وجود مشاكل كثيرة وعلامات واضحة تشير لتعرض طفل للتعذيب النفسي أو الجسدي أو الاعتداء الجنسي وغيرها من المشاكل كعلامات الإدمان على المخدرات أو إهمال كبير من قبل أسرته كعلامات الضعف والجوع وفقدان الرعاية الصحية والنظافة، تلك الحالات غالباً يسكت عنها أو تتخذ اجراءات بطيئة وغير كاملة لا تتناسب مع حجم الإهمال والخطر الذي يتعرض له طفل بريء لا حول له ولا قوة. يحدث ذلك بدافع الخوف من المساءلة القانونية أو الهروب من تحمل المسؤولية!
الآن، نوجه نداء عاجلا لوزيري “التربية” و»الداخلية» لتشكيل لجنة يترأسها الوزيران وذوو الاختصاص في المجال القانوني والطبي والنفسي وممثلون عن
مركز حماية الطفل ولجنة المرأة البرلمانية، لوضع الحلول العاجلة وإجراءات قانونية للتعامل الصحيح والفوري مع تلك الحالات من قبل الإدارات المدرسية، ومحاسبتها قانونياً في حال السكوت أو التباطؤ في الإبلاغ. نطالب بإجراءات قانونية تلزم الإداراة المدرسية اتخاذ التدابير الفورية مع الجهات المختصة، ولضمان مسار عمل اللجنة بالشكل الصحيح والسريع نأمل أن تتابع بشكل مباشر من قبل مجلس الوزراء الموقر.
علينا جميعاً الوقوف أمام حالة الطفلة “زهرة” بمسؤولية، ونضع أيدينا على مواقع القصور والخلل في الإجراءات الإدارية والأمنية والعلاجية، وإصلاحها بشكل مستعجل بما فيه الإجراءات الوقائية لرصد تلك الحالات أولا بأول قبل تفاقمها وقبل وقوع الفأس في الرأس كما حدث مع الضحية “زهرة”.
أتمنى الاستجابة لهذا النداء الإنساني والواجب الوطني، حتى لا نبكي على ضحية أخرى، فالمسؤولية تحتم علينا التصدي لها بكل الوسائل لمنع تكرار تلك الجرائم البشعة، وإلا سنكون كلنا مشتركين في الجريمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية