العدد 2850
الأربعاء 03 أغسطس 2016
banner
هل هي الحرب أم ماذا؟
الأربعاء 03 أغسطس 2016

هل نعيش في منطقتنا أجواء حرب تدق الأبواب أم ماذا؟ فكل ما نسمعه لا يؤدي إلى تفاهم بين الأطراف المختلفة، كل جهة تلقي اللوم على الأخرى، والذي مِن المفترض أن يكون طرفا محايدا أو وسيطا نراه يدق الإسفين بين الطرفين ويزيد اللهب بدلا من أن يعمل على إطفائه، أما ما يسمى بالمنظمة الدولية أو الأمم المتحدة ففي واد آخر وربما مشغولة بالترتيب لانتخاب أمين عام جديد بدلا من الحالي الذي لم يفعل شيئا تماما، إنما سيترك المنظمة أسوأ مما كانت عليه بالنسبة للشعوب المقهورة.
الدولة الإيرانية أو الفارسية مازالت تعيش أجواء الهزيمة التي حاقت بها على يد العرب في التاريخ القديم ومازالت تعيش أجواء الانتصار الأخير باحتلال العراق والهيمنة على لبنان والدخول إلى اليمن وتريد السيطرة على سوريا بأي شكل من الأشكال لتعود بذلك الامبراطورية الفارسية القديمة التي أنهاها عرب الجزيرة منذ ما يقرب من ألف وأربعمئة سنة، وأخذتها نشوة ما حصل في المنطقة منذ الغزو الأميركي للعراق وحتى الآن، وتظن أن بإمكانها إجبار الآخرين على الرضوخ لطموحاتها والنزول عند رغباتها والسكوت على ما تفعل وما تريد أن تفعل بنشر فكرها على المنطقة دون مقاومة أو رفض من أي طرف من الأطراف، وباقي دول منطقة الخليج العربي ترفض ما يحدث وأفاقت وأخذت زمام المبادرة في اليمن وسوريا ولبنان ووضعت سدا في وجه الطموحات الفارسية بالحوار إن أمكن أو بالقوة في نهاية المطاف، لذلك اصطدم الطرفان في المنطقة فكريا وعقائديا بما يمنع التفاهم في ظل ما تحمله الدولة الفارسية وتوجه من يهيمن على القرار فيها.
ما حدث في العراق لا يمكن القياس عليه أو الانطلاق منه، وإيران تعرف ذلك وتعيه جيدا، فمقومات دخولها العراق لم تكن متعلقة بها وبالقوة التي ترى أنها تتحلى بها، والوضع العربي حاليا مختلف عما كان عليه وقت حدوث الغزو وتسليم العراق لفارس على طبق من ذهب، لذلك نرى إيران والكثير من قادتها يطلقون التهديدات المتتالية بحق المنطقة وقادتها وأنظمتها وشعوبها، بل ازدادت هذه التهديدات والتدخلات بعد الاتفاق النووي مع الغرب وما وراءه من تداعيات، وهي تعتمد في ذلك على ما تعتقده موجودا بين شعوب المنطقة وأنظمتها، لذلك تراهن على كل ذلك وتعمل على التسلل إلى المنطقة لتصطدم مؤخرا بجدار اليمن كبداية، وهي لن تتوقف يوما عن محاولات إرساء فكرها التفريقي وإعادة امبراطوريتها الزائلة، وعلى الجانب الآخر توقفت دول الخليج العربي عن التعامل بصمت مع المحاولات الفارسية والعمل الدبلوماسي والتواصل مع الغير لاستعادة الحقوق أو وقف التدخلات فبادرت من تلقاء ذاتها بالوقوف امام تلك الأعمال وصدها بالذات وليس بالغير.
هنا نكون قد وصلنا إلى المواجهة المباشرة بين طرفين، طرف يصر على الاعتداء والتهديد المستمر، وطرف يعي ما يريده الطرف الأول ويقف في وجهه مباشرة دون وسيط، لذلك نراهما يقفان وجها لوجه في انتظار أية شرارة يمكن أن تشعل الفتيل، أما الطرف الثالث – ونعني به دول الغرب والأمم والمتحدة – فسيقف متفرجا منتظرا ما تؤول إليه الأحداث وستعمل دول الغرب على الاستفادة من الأحداث كعادتها، بل ستعمل على تعميق الهوة بالوقوف هنا تارة وهناك تارة أخرى لتجعل الميزان متعادلا ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، بل ربما سنراها تطلق الشرارة الأولى وبصورة متوارية كما اعتدنا منها.
هنا يأتي دور الطرف الرئيس في المعادلة وهو الشعب العربي المترامي الأطراف الذي عليه إجبار أنظمته على الوقوف مع الحق العربي وليس مع الصور الزائفة التي يتم ترويجها هنا وهناك، ونأمل ألا نصل إلى هذه الحالة التي لن تعود بالفائدة إلا على المتفرج الذي يمكن أن يحرك النار... والله أعلم.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية