لم تكتف البحرين بتقديم التعليم إلى المواطن بأرقى المعايير العالمية وتطبيق افضل البرامج بما يتماشى مع التطور، وإنما أدخلت مشاريع مهمة في الحقل التربوي مثل مشروع “المواطنة وحقوق الانسان” الذي لاقى النجاح اللافت في مدارس المرحلة التجريبية ومؤخرا أعلن وزير التربية والتعليم ماجد بن علي النعيمي أن العام الدراسي المقبل سيشهد اضافة 10 مدارس جديدة الى مشروع المدارس المعززة للمواطنة وحقوق الانسان، بما يرفع عدد المدارس المطبقة للمشروع الى 14 مدرسة إعدادية للبنين والبنات.
في تصريح الوزير النعيمي أعجبني شعار حملة “صافحيني” حيث هناك مشروع تحت مسمى سفيرات التسامح والتعايش في مدرسة يثرب الإعدادية للبنات والذي يقوم على تنفيذ حملات طلابية توعوية في الفضاء المدرسي وذلك لتعزيز التعاون والتلاحم بين الطالبات.
هذه المشاريع التي تعزز الانتماء والوطنية تكون ناقصة إذا لم تسر الأسرة في نفس الاتجاه وتعلم الابناء في البيت المفاهيم الصحيحة لبناء المواطن الصالح وبما يعود بالنفع والفائدة على الوطن. وزارة التربية والتعليم تقدم البرامج القوية التي تعمل على غرس روح التسامح والمحبة ولكن ماذا نقول عن “الأسرة” التي تستبدل الاسماء وتنمي شعور الكراهية في نفس الابن الطالب وتغرس في نفسه وعقله معاداة الوطن ومحاربته وعزله عن الآخرين “شركاء الوطن”؟ هذه النوعية من الأسر تجرف وتشل كل بذرة ولاء صغيرة في قلب الابن وتخلف افرادا وحيدين بلا انتماء ومسؤولية ومن العبث ان ننتظر منهم فردا مخلصا لوطنه ومضحيا من اجله ومتعايشا مع الآخرين ويرتكز على قواعد اخلاقية وله معنى واتجاه. الفضائل المتعددة يجدها في المدرسة ولكن ما يجده في البيت مختلف تماما ويحول بينه وبين الانتماء والتسامح والتلاحم وهذه مسائل لا يمكن معالجتها، لأن هناك فرقا كبيرا بين الأسرة التي تحث ابنها على القيام بمهمته الوطنية وتعليمه كيفية حمل سلاح العلم لأجل بنائه وتقدمه، وبين الأسرة التي تتعمد إخراج ابنها عن نهج المواطنة وتفرض عليه اسلوبا معينا ليصبح في المستقبل اداة ضد الوطن ومصلحته.
دائما التربية الخاطئة في البيت تخلق أفرادا بلا معنى وبلا مستقبل ويكون الالم اشد عندما يكون الوطن هو العدو والمستهدف. تدمير الشخصية منذ الصغر وإعدادها لخدمة الاجنبي، كما شاهدنا “في الدوار” اطفالا صغارا يحملون شعارات تسقيطية وصورا لملالي طهران. هذا الصغير وبما أنه خرج من هذا المنزل الملوث بالافكار العدائية فلن يكون قادرا على استعياب اي شيء في المجتمع وخصوصا المدرسة وهذه جريمة كبرى تتحمل مسؤوليتها الأسرة المنحرفة التي تربي أبناءها على الهدم وعدم احترام الوطن ورموزه، وليس هناك أي عذر أو تبرير لهذا الشذوذ والتركيبة الغريبة والانحطاط وارتفاع درجة الخيانة الى هذا الحد.
كل ما تقدم يوصل الى نتيجة... البحرين كانت طوال تاريخها ولا تزال بلد التسامح والتعددية والمحبة والجميع يشارك هنا في بناء مستقبل الوطن على اختلاف مذاهبهم. البحرين تعلم الخير والعطاء والتضحية وتأخذ دورا رياديا في المنطقة في مسألة التعايش والتلاحم ولكن من يريد الفرقة كما قلنا منهجه مكشوف وهو خاسر في كل الحسابات.