العدد 1358
الثلاثاء 03 يوليو 2012
banner
هل وصل الربيع إلى السودان؟
الثلاثاء 07 مايو 2024

لو كنت في مكان الرئيس عمر البشير لخرجت على الشعب السوداني واضعا كل الأوراق وكل المشكلات وكل المطالب،اقتصادية كانت أو سياسية أو اجتماعية على مائدة واحدة ولقلت لكل السودانيين: هذه بلدكم وأنا مواطن سوداني مثلكم، فهيا بنا نتفق على ما يرضيكم ويصلح أحوال بلدنا ويجنبنا ما أصاب غيرنا من دمار اقتصادي واجتماعي وفتن وانشقاقات طائفية وتخوين ومستقبل مهدد.
 عندما قامت الثورة في تونس وتم إسقاط نظام الرئيس زين العابدين بن علي، قال أركان النظام المصري السابق في القاهرة أن مصر ليست تونس وأن ما حدث في تونس لا يمكن تكراره في مصر.
 لم يكن يدري أحد حينها ما الذي يراهن عليه رجال مبارك في مصر لكي لا يتكرر لديهم ما حدث في تونس،فربما كانوا يراهنون على القبضة الأمنية القوية أو على الشعب المصري نفسه الذي رضي بالظلم والفقر سنوات طويلة،أو ربما كانوا يراهنون على عامل خارجي وعلى كون الرئيس المصري السابق حليف للولايات المتحدة الأمريكية وللغرب.
ولكن كل الرهانات التي تخيلناها أو التي لم نتخيلها قد سقطت جميعها وسقط نظام مبارك ليفتح باب الاحتجاج والتمرد على مصراعيه في دول عربية أخرى.
وعندما اندلعت الاحتجاجات في سوريا،لم يكن يدور بخلد الرئيس بشار الأسد أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه حاليا،فاعتمد على الآلة الأمنية وحدها وتلكأ في التعامل مع هذه الاحتجاجات التي بدأت تزداد تدريجيا حتى أصبحت ثورة وسالت دماء وسقط الآلاف في أنحاء سوريا وتعقدت الصورة وأصبح الرئيس السوري مجبرا على إكمال مشواره القمعي ليصل في النهاية إلى محطة حتمية،فالثورة السورية ستنتصر لا محالة.
القصة في تونس بدأت اجتماعية ثم تطورت لتطالب بإسقاط النظام،ثم حدث نفس الشيء في مصر،وها هي تبدأ اجتماعية في السودان الشقيق،السودان الجريح الذي تم تقسيمه إلى سودانين في يوم من الأيام السوداء في تاريخ العرب،وندعو الله ألا يصبح السودانان ثلاث سودانات أو أكثر.
قد نكون غير مدركين لتفاصيل الحالة السودانية وطبيعة المشهد السياسي الحالي فيها،ولكن ما يسمى بالربيع أو الخريف العربي لم يعد بعيدا عن هذا البلد العربي،ومن المؤكد أن الكثير من السودانيين يطمحون من داخلهم إلى تغيير كالذي حدث في مصر وفي تونس،خاصة بعد وصول مرشح جماعة الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم في مصر.
فهل يفعلها الرئيس عمر البشير ويدخل التاريخ،كأول رئيس في الجمهوريات العربية المضطربة يقوم بدور البطولة في التغيير الحقيقي في بلاده ويجنبها إسالة الدماء والدمار الاقتصادي الذي ستنتج عن الاحتجاج الطويل،مهما كانت تفاصيل هذا التغيير،فالرئيس البطل هو الذي يصنع التغيير وليس الذي يطيح به التغيير.
زبدة القول:
 كل رئيس حتما سيترك كرسي الحكم في يوم من الأيام،وهناك من يتركه ليدخل التاريخ من أوسع أبوابه،وهناك من يتركه ليوضع في مكان آخر في التاريخ أيضا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .