العدد 1132
الأحد 20 نوفمبر 2011
banner
الإخوان المسلمون ومستقبل مصر 2 – 2
الأحد 28 أبريل 2024

في اعتقادي أن طوق النجاة - ليس فقط للإخوان المسلمين ولكن لمصر - هو ألا يسعى الإخوان المسلمون إلى الاستئثار بالسلطة وألا يسعوا إلى منصب الرئاسة، وألا يعتمدوا على منهج الإقصاء الذي كان يتبعه الحزب الوطني المنحل،لأنهم لو فعلوا ذلك لأصبحوا نسخة ثانية منه ولشعر غالبية المصريين بالتهميش الذي طالما شعروا به من قبل.
لابد للإخوان أن يتعاونوا مع كافة التيارات والأحزاب السياسية،وألا يحتكموا فقط لنتائج الانتخابات والنسب والحصص التي ستتقرر بناء على هذه الانتخابات،مهما كان تفوق الإخوان، ومهما كان تأثير عقدة الاضطهاد التي عانوا منها في عهد النظام السابق.
 إن مشاركة القوى الأخرى في المشهد مع الإخوان سيساعدهم على تحمل التركة وسيساعدهم على البقاء بدلا من أن يكونوا وحدهم هدفا لتفريغ الغضب والمظالم التي عانت منها الأغلبية العظمى من المصريين في العهد السابق،وبالتالي تكون نهايتهم في السلطة أسرع كثيرا من نهاية من سبقوهم.
 وما يقال على الأوضاع الداخلية في مصر يقال على سياستها الخارجية وعلاقاتها مع الدوائر المختلفة،ابتداء من الدائرة العربية ثم الإسلامية ثم الدوائر الأخرى.
 فمصر دولة تقيم معاهدة سلام مع إسرائيل منذ سنوات طويلة ولها علاقات إستراتيجية بالولايات المتحدة الأمريكية،والسياسة الخارجية المصرية لها ثوابت معينة منذ زمن طويل،فهل يستطيع الإخوان ،ومعهم التيار السلفي بطبيعة الحال التماهي مع ثوابت السياسة الخارجية المصرية،خاصة العلاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة،أم أنهم سيعجزون عن التخلص من مخزون الشعارات التاريخية حول الجهاد وحول الشيطان الأكبر ويجرون مصر إلى مغامرات هي ليست مستعدة لها في الوقت الحاضر وتحتاج إلى وقت طويل لكي تكون مستعدة لذلك.
 نحن لا نقصد بالطبع الدفاع عن الولايات المتحدة ولا نبرر سياسات إسرائيل العدوانية تجاه الفلسطينيين والعرب،ولكننا نقصد أن علاقات مصر الخارجية هي أيضا تركة،وأن تغييرها بشكل انقلابي قد يؤدي إلى كوارث.
 إن إشراك الإخوان لغيرهم من ألوان الطيف السياسي في مصر في إدارة شئون البلاد في الداخل وإدارة علاقاتها مع الخارج سيجنب الإخوان تحمل تبعات أي فشل وحدهم،لأنهم سيكونوا مجرد مكون من مكونات الحكم في مصر وليسوا مهيمنين على كل شيء.
 أما إذا انفرد الإخوان بالسلطة كما فعل سابقيهم – مع اختلاف الوسيلة – وقاموا بتغيير التشريعات المصرية بشكل تام بما يتفق مع أهدافهم،وانقلبوا على الديمقراطية وجعلوا الانتخابات التي أوصلتهم هي آخر انتخابات مصرية وتحولوا إلى صورة أخرى ربما أبشع من صورة الحزب الوطني واستأثروا بكل المناصب ومكنوا رجالهم في كل المواقع وهمشوا غيرهم،فسوف تدخل مصر في دوامة لا يعلمها إلا الله،أو كما قال أحد الظرفاء” سوف تنال مصر الشهادة على أيديهم وتدخل الجنة”.
 حمى الله مصر العروبة من كل مكروه وسوء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية