الناجية زينب: رحمة الله أنقذتني من جبروت السرطان
إعداد : حسن فضل
زينب إحدى الناجيات من السرطان. امرأة تعشق الحياة وتقدس كل لحظاتها، باغتها مرض السرطان في غفلة، وسرق كل ما هو جميل، وبسط جبروته على يومياتها ودقائق عمرها وكل كيانها، وكاد أن يهزمها وينسف كل ما تبقى من أمل عندها، ولكن إيمانها بالله ثم دعم زوجها وأهلها أنعش الأمل في الحياة؛ فاستعادت قواها وواصلت النضال، كمحاربة شرسة، حتى شاء الله أن تنتصر في معركتها وتعود للحياة مجددًا، عودة يشوبها قلق عودته مجددًا؛ فخياله مازال يلاحقها ويهدد ذلك الهدوء والأمان.
«صحتنا» التقت بها لتسرد تجربتها مع السرطان لتكون ملهمة للآخرين...
بدايات التشخيص
كانت تعيش حياتها الطبيعية، حياة تملأها السعادة والاستقرار، تمارس هواياتها، فقد كانت تحب الأعمال اليدوية، وتعشق الكروشيه، ومهتمة بعائلتها الصغيرة، تقدم كل ما يسعدهم، وتعيش لحظات مرح مع صديقاتها. وفجأة شعرت بكتلة خشنة في الصدر. في البداية لم تعط الموضوع أهمية، وبعد فترة راجعت المركز الصحي، فطمأنوها أنه قد يكون مجرد غدة عادية وتزول. بعد شهر راجعت مركز النعيم الصحي وتم تحويلها إلى مستشفى السلمانية. ذهبت لمستشفى السلمانية للموعد فأخبرها الطبيب أنه يجب أن تبقى وتم إدخالها للمستشفى في نفس اليوم لإجراء تحاليل وأخذ عينة خلال 3 أيام. أكملت جميع التحاليل وعادت للبيت مصطحبة معها القلق الذي بدأ يتضخم، والخوف الذي بدأ يتسرب إلى كيانها.
ولتبدد هذا الخوف راجعت عيادة خاصة، وأخبرها الطبيب أنه سيتابع التحاليل والعينة.
الصدمة ومرحلة العلاج
بعد شهرين اتصل بها الطبيب وأخبرها بضرورة المراجعة مع أحد أفراد العائلة. ذهبت للقاء الطبيب لتتلقى الصدمة؛ فقد أخبرها أنها مصابة بورم خبيث ولابد من استئصاله. كان وقع الخبر صادما لها ولعائلتها، فقرروا أنها يجب أن تسافر للهند للعلاج. سافرت للهند، وخلال أسبوع تم تشخيص المرض بنفس الدقة ونفس خطة العلاج في البحرين. عادت للبحرين لتجري عملية استئصال الورم في مستشفى خاص، وبعد التئام الجرح بدأت مسيرة العلاج الكيميائي، حيث قرر الطبيب أنها ستكون 8 جرعات وخلال 22 يوما.
مرحلة التحدي
كانت مرحلة صعبة لها مشبعة بالألم والخوف من المجهول، فقد كانت تصيبها انتكاسات خلال العلاج، وأحيانًا تضطر للذهاب لقسم الطوارئ، وكان هناك صراع حقيقي بين اليأس والأمل، لدرجة أنها قررت التوقف عن العلاج الإشعاعي؛ ولكن الطبيب أخبرها بصريح العبارة أنها قد تفقد حياتها إذا توقفت. استجمعت كل قواها وسألت الطبيب: هل سأموت؟ فأجاب: كل شيء بيد الله. عندها قررت أن تحارب الخوف والقلق متسلحة بالإيمان بالله، وألا تتوقف حتى تنتصر على المرض، وعاهدت نفسها على أن تكون أقوى منه ولا تبالي به، وتوكلت على الله، فهو قادر على كل شيء أمره أن يقول للشيء كن فيكون. وتؤكد أن وقوف زوجها إلى جانبها والأهل الذين تكفلوا بأمور أبنائها كان داعمًا كبيرًا لها ومحفزًا على مواصلة النضال ضد هذه المرض المتوحش.
الأفكار السلبية
ظروف العلاج كانت صعبة نوعًا ما، فقد كانت تتابع المستشفى الحكومي الذي كانت مواعيده متباعدة والمستشفى الخاص الذي كان يستنزف منهم كل الراتب.
في تلك الفترة كانت بعض الأفكار السلبية تجتاحها، فهي لا تستطيع إنجاز أقل واجباتها، ما يجعلها تشعر أنها عبء على زوجها وأهلها، فتحدث نفسها بأن الموت أفضل لها ولهم، ولكن عندما تشاهد أبناءها تستعيد اتزانها وقوتها لتتمنى أن تعيش أجمل الأيام وأحلاها.
رحمة الله تنتصر
بعد خمس سنوات من النضال أخبرها الطبيب أنها تجاوزت المرحلة. كانت لحظات سعيدة يصعب وصفها؛ لأنها لم تكن نزهة، فقد اقتربت من الموت وعاينته رأي عين، لكن الله منحها ألطافه، واستجاب لدعائها، وتجاوزت المحنة وهزمت مرضا متعجرفا، مرضا لا يعرف الرحمة، ولكن رحمة الله أكبر منه ومن كل شيء.
مرحلة بعد الشفاء
بعد الشفاء ظل هاجس المرض يلاحقها، والخوف من عودته مجددًا يقلقها. فالتجربة كانت قاسية، ومن الصعب أن تنساها أو تتجاوزها، فلم تكن نزهة، بل مليئة بالألم والدموع والخوف. ولكن التمسك بالله والإيمان به هو ما يبعث الاطمئنان وهو أساس قوتها. وتعبر عن تجربتها بأنها كانت تعيش في قمة القوة، وفي لحظة أصبحت تعتمد على زوجها. وتضيف أنها كانت تعيش في جبروت وعلو، وبعد المرض شعرت بالذل والهوان، واستنتجت أن الإنسان مهما كان قويا فالله أقوى. فالله القادر على إضعافه وكذلك أن يقويه. بعد التشافي هي الآن ولله الحمد في رضا تام مع ذاتها، وتعيد ترميم نفسها من جديد، فما تركه المرض ليس بالقليل. تحاول أن تستمع في كل دقائق حياتها وتستعيد ذاتها من جديد وتمارس هواياتها وتعشق الحياة مجددًا.