د. سعيد السعيد: مسموح بشروط
متى يسمح لمريض القلب وارتفاع ضغط الدم بالصيام.. ومتى يمنع؟
أكد استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية بمستشفى الملكي التخصصي د. سعيد السعيد، أن صيام شهر رمضان مفيد جدا لمرضى القلب وارتفاع ضغط الدم ممن تكون حالتهم مستقرة. ويستوي في ذلك من يعانون من ضيق الشريان التاجي والجلطات الشريانية المستقرة، وضعف عضلة القلب أو عيوب صمامات القلب. وتكمن فائدة الصيام بالنسبة لهؤلاء المرضى في تنظيم الغذاء، ما يعطي فترات منتظمة من الراحة للجهاز الهضمي، وبالتالي يقلل من أعباء القلب والجهاز الدوري أثناء عمليات الهضم.
وأضاف: وليحصل هؤلاء المرضى على الفائدة القصوى من صيام شهر رمضان، يجب على جميع المرضى مراجعة تنظيم وتعديل أوقات تعاطي الأدوية، وعلى سبيل المثال فإن مرضى ضعف عضلة القلب ومرضى هبوط القلب وبعض مرضى ارتفاع ضغط الدم، معتادون على تناول أدوية إدرار البول يوميا صباحا قبل الإفطار، أما بشهر رمضان فعلى المريض أن يتناول مثل هذه الأدوية بعد إفطار رمضان، وليس في وقت السحور؛ لأن إدرار البول بعد السحور وعدم إمكان تعويض الماء أثناء الصيام قد يؤدى إلى تركيز الدم بشكل مضر.
وتابع: أما المرضى الذين يستعملون أدوية توسيع الأوعية الدموية، فيناسبهم استعمال النوعيات ذات المفعول الممتد، الذي يصل إلى 24 ساعة، ويهتم معظم المرضى بنوعية الطعام الواجب تجنبه في شهر رمضان، ونؤكد أن كمية الطعام وأوقات تناوله لهما نفس الأهمية وأكثر؛ ليكون صيام مرضى القلب أو بمعنى أدق إفطارهم مفيدا.
وذكر أنه يجب على المريض الصائم حين يفطر ألا يتناول وجبته دفعة واحدة وبكميات كبيرة؛ لأن ذلك يجعل القلب يقوم بجهد كبير ومفاجئ في عملية ضخ الدم بكثرة إلى الجهاز الهضمي؛ حتى يتمكن من هضم الأطعمة الكثيرة، وبذلك يضاعف القلب من جهده، ما قد يؤدي إلى حدوث قصور لمرضى الشريان التاجي، مشيرا إلى أنه في حال كان المريض معتادا على الإفطار بكوب من العصير الطبيعي أو الحساء قليل الدسم، فينبغي عليه أن يترك فترة قصيرة من الوقت بعد تناول كوب الحساء، وبذلك يعطي الفرصة لتنشيط العصارات الهاضمة؛ لتبدأ عملية هضم سليمة، وبعد ذلك يمكن أن يعاود المريض استكمال وجبته، بشرط عدم ملء المعدة.
وأكد أنه يفضل أيضا الامتناع عن شرب كميات كبيرة من المياه عند الإفطار؛ لتأثيرها المخفف لأحماض وإنزيمات الهضم، ما يؤدى إلى بطء الهضم ، ولابد من توفير راحة للمعدة بين كل وجبة وأخرى، في حدود 5 ساعات، مشددا على أهمية عدم تناول الأكل أمام التليفزيون، خصوصا الحلويات والمكسرات أثناء متابعة الفوازير والمسلسلات، ما يؤدي إلى تناول كميات كبيرة تؤدي إلى إجهاد المعدة وزيادة الوزن. ودعا إلى تجنب عمل أي مجهود بعد الأكل مباشرة، خصوصا لمرضى قصور الشريان التاجي؛ لأن ذلك قد يؤدي إلى حدوث أعراض الذبحة الصدرية، ولكنه نصح بالمشي بعد 4 أو 5 ساعات من آخر وجبة، مشيرا إلى أن القلب يعتمد أساسا على السكر في أداء وظائفه الحيوية، وأن القلب لا يتحمل نقص السكر، وعليه ينصح بعدم بذل أي مجهود بدني أو رياضي، خصوصا في الساعات قبل موعد الإفطار.
وأوضح أن الإسراف في ملح الطعام والمخللات يضر مرضى القلب وضغط الدم على السواء؛ لأنه قد يؤدي إلى تدهور الحالة وعدم فاعلية الدواء، ويجب أيضا تجنب الأكلات الدسمة التي تحتوي على الدهون المشبعة، مثل منتجات الألبان كاملة الدسم والسمن والزبدة، ومنتجات اللحوم التي تكثر فيها الدهون، مثل السجق؛ لأنها تؤدي إلى صعوبة الهضم، وبالطبع إلى زيادة الكوليسترول، وتؤدي إلى تصلب الشرايين، كما يجب تحاشي جوز الهند؛ لاحتوائه على نسبة عالية من الدهون المشبعة.
ولفت إلى ينبغي على مريض القلب وارتفاع ضغط الدم الاعتماد على تناول الأسماك واللحوم المسلوقة أو المشوية، والإكثار من الخضروات والفاكهة الطازجة، مبينا أنه من المهم تناول الأسماك 3 مرات أسبوعيا خصوصا الأسماك الدهنية مثل الرنجة والماكريل والسلمون. كما يحبذ استعمال زيت الزيتون في الطهو والسلطات؛ لاحتوائه على دهون غير مشبعة تحافظ على مستوى الكوليسترول الجيد، مع ملاحظة أن الإفراط في استعمال زيت الزيتون يؤدي إلى زيادة الوزن.
وقال: يفضل الإكثار من تناول الأطعمة الغنية بالمواد المضادة للأكسدة، مثل الكاروتين وفيتامين (ج) وفيتامين (هـ)، الموجودة في الكرنب والبروكلي والخس، وتناول الأطعمة المحتوية على حمض الفوليك مثل السبانخ واللوبيا؛ لتأثيرها الخافض لمادة الهوموسيستين، التي يؤدي ارتفاع معدلها في الدم إلى حدوث جلطات. كما أن شرب الكركديه المصفى يفيد في حالات ضغط الدم.
وأضاف: ينصح بتناول قليل من المكسرات مثل الجوز (عين الجمل) واللوز والبندق، والفواكه المجففة مثل المشمش والتين؛ لغناها بفيتامين (هـ) المعروف بتأثيره المضاد للمواد المؤكسدة، ما يساعد على تحسين حيوية وكفاءة شرايين القلب. ولكن يجب أن نحذر من المبالغة في تناول المكسرات؛ لأنها تؤدي إلى زيادة الوزن، كما أنه من المفيد تناول الخضروات والفواكه الطازجة؛ لأنها تحتوي على ألياف تساعد على تقليل الكوليسترول في الدم، كما تحتوي على مواد مضادة للأكسدة، ويجب ألا ننسى الثوم؛ فهو يساعد على تنشيط تمدد الأوعية الدموية ويخفض الكوليسترول وضغط الدم، كما أنه لا مانع من تناول كميات قليلة من الشوكولاتة الداكنة أو مشروب الكاكاو؛ لما لها من تأثير مهدئ للأعصاب ومضاد للاكتئاب، ولاحتوائها على مواد مضادة للأكسدة.
وفي الختام، أكد أنه يمنع مرضى الحالات غير المستقرة أو الحالات المتقدمة من ضعف عضلة القلب أو هبوط القلب الاحتقاني، من الصيام؛ لضرورة تعاطي أدوية كثيرة لتنشيط عضلة القلب وإدرار البول وتوسيع الشرايين أثناء النهار، حتى تستقر حالتهم، كما يمنع من ذلك مرضى قصور الشريان التاجي الحاد، والذبحة الصدرية غير المستقرة، ومرضى ارتفاع ضغط الدم الشديد.
