+A
A-

نـــــور الشعـلــــة

نشأتها في بيت شغوف بالعلم والمعرفة، وسعيها الدائم لتحقيق طموحها بخلق نموذج رائد في قطاع التعليم المبكر يحتذى به في مملكة البحرين، وإيمانها الراسخ بأهمية مرحلة الطفولة المبكرة للطفل، هي العناصر البارزة التي أدت إلى افتتاح سيدة الأعمال والتربوية المتخصصة في التعليم المبكر نور الشعلة، مبنى حضانة ""توينكل"" النموذجية المتميز، الذي يحتوي على مختلف المرافق التعليمية المهيأة لاستقبال الأطفال، وبطاقم أكاديمي متخصص، وذلك بالقرب من مدرسة "سنت كريستوفر" بمنطقة سار.
وعلى الرغم من حصولها على شهادتها من جامعة جورج واشنطن بالولايات المتحدة الأميركية في العلاقات الدولية، ومواصلتها تحصيلها الأكاديمي لتنال درجة الماجستير في تخطيط التنمية والإدارة من كلية لندن (University College London, UK)، وعملها في العديد من المؤسسات المرموقة في البحرين - إذ بدأت حياتها العملية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، UNDP ومن ثم عملت مع والدها رجل الأعمال عبدالنبي الشعلة - إلا أن حلمها بإطلاق مكان يضم أساليب التعليم الحديثة وخلق نموذج يحتذى به في القطاع التعليمي، ظل شغفا يراودها، ويزداد بريقا مع قدوم ولدها البكر "سلمان".
 
تزخر محطات رائدة الأعمال ومديرة حضانة توينكل النموذجية نور الشعلة بالكثير من قصص النجاح والطموحات التي تأمل أن تحققها.
"البلاد" التقت نور الشعلة، مسلطة الضوء على أبرز محطة شيقة من محطات حياتها، والتي تفخر بها وتسعد كثيرا بالحديث عنها، وهي تأسيسها حضانة "توينكل،" وتحويلها من مركز تعليمي إلى حضانة نموذجية تنتهج المناهج التعليمية العالمية المتبعة في الدول المتقدمة.

النشأة
منذ نعومة أظافرها وهي تخطط لتكون شخصية مساهمة، وذات دور بارز في المجتمع، إذ نشأت نور عبدالنبي الشعلة في بيت تعلمت فيه أهمية أن يكون الفرد صاحب طموح وأهداف، حاملا معه رسالة وحلم التغيير نحو الأفضل والأحسن، إضافة إلى الشغف السائد لدى أفراد العائلة بالعلم والتعلم وتقصي المعرفة.
وعليه نشأت وترعرعت نور وهي تؤمن بأن التعليم أساس التطور، فهو جزء لا يتجزأ من منظومة التطور والتقدم الذي ترنو له البلدان.

الأمومة الملهِمة
وعن كيفية انبثاق فكرة تأسيس هذه الحضانة النموذجية، قالت نور: بدأ شغفي في قطاع التعليم المبكر والاهتمام به مع بداية رحلتي في عالم الأمومة، إذ كنت شديدة التعلق بولدي البكر "سلمان"، الذي يبلغ حاليا 13 عاما، وكنت دائما أتمنى أن يتوافر لسلمان مكان تعليمي يضم التعليم والترفيه تحت سقف واحد، كما كنت أطمح جدا إلى أن تكون هناك علاقة وطيدة بين الأطفال، والأهل، والمؤسسة التعليمية، من هنا جاءت فكرة المشروع، والرغبة والتفكير الحقيقي لإيجاد مثل هذا المكان الذي يضم تلك العناصر؛ لتظهر فكرة تأسيس مركز تعليمي تتلاقى فيه جميع تلك الأهداف.
ومن هنا انطلقت بالعمل على تأسيس ما أطمح إليه، فانطلقت بالتجربة في قطاع التعليم المبكر، وتوجيه الأطفال في سن مبكرة، لتدوم هذه التجربة الجميلة لأكثر من 10 أعوام، تميزت بالكثير من الإصرار والإرادة وتذليل الصعاب، مع الحرص على التأهيل العلمي الجامعي المتخصص، والحصول على الشهادات الأكاديمية من أرقى الجامعات العالمية وأعرقها. فإلى جانب الشهادة في العلاقات الدولية، وشهادة الماجستير في تخطيط التنمية والإدارة، حرصت تمام الحرص على الحصول على شهادة الدبلوم في التعليم المبكر من كلية Teaching Assistants College, UK، إضافة إلى شهادة الدراسات العليا في التعليم من جامعة Sunderland University, UK، ودرجة الماجستير في تعليم الطفولة المبكرة والمناهج الدراسية من جامعة Concordia University, USA.

فلسفة تربوية
وترى نور أنه يجب أن يترعرع الطفل في مكان يمزج بين الترفيه والتعليم، لاسيما أنهما الأسلوبان الحديثان للتعليم، والمستخدمان في الكثير من الدول المتقدمة؛ لما لهما من تأثير عميق على الطفل من جميع النواحي والأصعدة، فإذا ما وفرنا لأطفالنا مكانا يضم اللعب مع الهدف، وعلاقة سوية وصحية بين الأهل والطفل والمؤسسة التعليمية، فإنه بذلك يمكننا تنشئة جيل ذي صحة عقلية سليمة، وقوة معرفة عميقة.
وأضافت الشعلة: السنوات الخمس الأولى في حياة الطفل هي الأساس والركيزة التي يجب الاهتمام بها، فإذا تم فهم احتياجات الطفل في هذا العمر المبكر، يمكننا نحن الأهل والتربويين، معرفة ما يجب علينا توفيره له مستقبلا؛ لنخلق منه فردا مبدعا مبتكرا وملهما، نافعا لمجتمعه، لذا فإننا في حضانة "توينكل" نسعى بكل جهد أن نوفر لأطفالنا هذه البيئة الصحية الملهمة والإبداعية والمبتكرة؛ لتربيتهم وتنمية مهاراتهم وإكسابهم مهارات أخرى.

المثابرة والإصرار
ولأن نور تعطي التعليم اعتبارا كبيرا، فإنها حرصت على أن يكون التعليم عموما والتعليم المبكر خصوصا، على رأس أولوياتها، ولتفكيرها الدائم في إيجاد مركز أو مؤسسة تعليمية تستطيع عبرها تقديم منبر وصرح تعليمي رائد، اتجهت نور للدراسة في مجال تعليم الطفولة المبكرة، فنالت شهادة الماجستير في هذا الجانب، لذا فإن ما وصلت إليه نور لم يأت من فراغ، بل جاء نتيجة شغف مترسخ بحب التعلم والإيمان بالتعليم المبكر.
وقالت في هذا السياق: الصعوبات كثيرة، وستواجه من يعمل وكل من لديه طموح، ولكن المهم الإصرار والمثابرة ومواجهة التحديات والصعاب، مشيرة لافتتاح مركز "توينكل توينكل" منذ العام 2014 بوصفه مركزا تعليميا ترفيهيا، مقدما الكثير من الأنشطة المتنوعة مثل الرسم، وعزف الموسيقى، والكثير من المبادرات المتميزة، معربة عن فخرها واعتزازها بأنهم استطاعوا في العام 2015 إدراج برنامج تهيئة الطفل ما قبل المدرسة بطرق ابتكارية وإبداعية، فكان البرنامج المطروح الأول من نوعه في مملكة البحرين آنذاك، وكان الهدف من البرنامج تعريف الوالدين بأهمية هذه المرحلة، وأن هناك فروقا فردية في استعدادات الأطفال لهذه المرحلة، وأن على الوالدين والتربويين معرفة هذه المرحلة، والعمل على تذليل الصعاب التي تواجه الأطفال بها.
وأكدت نور الشعلة أن هذه المرحلة ذات أهمية كبيرة في حياة الطفل والوالدين كذلك، وهنا يلعب الكادر التعليمي في المؤسسات التعليمية دورا رياديا في هذا الشأن، وعليه فإن برنامج تأهيل الطفل ما قبل المدرسة كان عبارة عن ساعات قصيرة وبعدد أطفال قليل، يكون معهم الأهل في البداية؛ بهدف توليد الثقة والأمن لدى الطفل بالمكان الجديد الموجود فيه، مشيرة إلى أن الحضانة تواصل عملها بهذا البرنامج المتميز، لاسيما أنه ينمي روح التنمية الاجتماعية والعاطفية لدى الأطفال؛ لما يوفره من عناصر تجسد الإحساس بالأمان، والثقة، والأنشطة التي تعمل على تفعيل عملية دمج الطفل بالمكان والكادر التعليمي والأهل على حد سواء.


قواعد إرشادية للتقييم
وفيما يتعلق بما يحتاجه قطاع رياض الأطفال والتحديات التي تواجهه، قالت نور: في حقيقة الأمر إننا نقدر ونثمن ما تبذله أجهزة الدولة ذات الصلة للاهتمام بهذا القطاع الرائد والمؤثر على المجتمع ككل، ونرى أن هناك إدراكا عميقا من تلك الأجهزة التعليمية بضرورة توافر قواعد إرشادية وتقييمات حديثة، تتواءم والتطور الراهن الذي يطول القطاع التعليمي في مملكة البحرين، لاسيما حين ننظر إلى التعليم أنه الباب الواسع لتطور وازدهار المجتمعات، وهذا ما ترنو له المملكة، إذ تأخذ بعين الاعتبار مستوى التأهيل للكادر التعليمي، والمناهج المتاحة والمناسبة.

مميزات "توينكل"
ردا على سؤال عما تتميز به حضانة "توينكل" النموذجية، أكدت نور الشعلة أنها حرصت على توفير المساحات الواسعة والكبيرة والآمنة للعب والمرح، كما حرصت على أن تكون تلك المساحات خارجية في الطبيعة والهواء الطلق، إضافة إلى حرصها على الإضاءة الطبيعية التي يتميز بها الصف الدراسي؛ ليدخله نور الشمس من جميع الجوانب، والمساحات الكبيرة للصفوف الدراسية التي تمكن الطفل من الحركة بحرية وأمان، إلى جانب العمل على إظهار المهارات الكامنة في الطفل، والعمل على إكسابه مهارات جديدة، مؤكدة أنهم في "توينكل" حريصون تماما على منح الطفل الفرص الثرية بالمعرفة، وإكسابه خبرات عن طريق منحه فرصا تعليمية مبتكرة، باستخدام موارد وأساليب تعليمية إبداعية فيها الكثير من التنوع المعرفي والإدراكي.

تكاتف الجهود
وفي سياق متصل، ترى نور أن المنافسة بين المشروعات الريادية التي تصب في مصلحة المجتمع بشكل مباشر، عملية جيدة وصحية، إلا أننا فيما يتعلق بالتعليم يجب أن ننظر في المقام الأول إلى مصلحة الأطفال، التي ستنعكس على المجتمع. وهنا لا يسعنا إلا الإشادة بالجهود الدؤوبة والمستمرة لوزارة التربية والتعليم، لتفعيل أهداف التعليم الحديث، والارتقاء بالعملية التعلمية، التي تنعكس على تنمية المجتمعات وتقدمها.

وعلى صعيد متصل، ترى نور أنه يجب على مؤسسات المجتمع المدني أن تكثف جهودها؛ لتزيد من حصيلة التعاون مع الجهات الرسمية في هذا الجانب، من حيث خلق منصات ريادية متخصصة ضمن مؤسساتها، تهدف وتعمل على توحيد الجهود الرامية لتطوير القطاع التعليمي، لاسيما مجال التعليم المبكر، مؤكدة أن مثل هذه المنصات بلا شك ستحظى بدعم تام وكامل من قبل أجهزة الدولة؛ لما تساهم به من إزاحة الكثير من الأعباء في هذا الجانب عن كاهل الجهات الرسمية.

خطط مستقبلية
وعن خططها المستقبلية، أكدت نور الشعلة أن رحلتها في مجال التعليم المبكر لم تنته بعد، وطموحها أن تكون يوما ما نموذجا رائدا في قطاع التعليم المبكر في مملكة البحرين، وعليه فإنها، وبحسب ما قالت، لديها الكثير من الشغف في هذا المجال، ولديها الكثير من الخطط الإبداعية والابتكارية، التي من شأنها أن تطور مهارات الصغار، وتصقلها بالطرق التعليمية الحديثة، عبر تفعيل التفكير خارج الصندوق، بالاطلاع على نماذج التعليم في الدول المتقدمة، وأخذ كل ما هو جيد ومناسب، وخلق نموذج تعليمي خاص بها.