أهدي مملكتي الحبيبة نجاح وصولنا لقائمة "فوربس" للشرق الأوسط 2022 ضمن أقوى 25 شركة تكنولوجيا مالية
نايف العلوي
"كل مشروع كبير بدأ بفكرة.." تنطبق هذه المقولة إلى حد كبير على عالم ريادة الأعمال.. العالم الذي يعتمد على الأفكار المستنيرة والقدرات الإبداعية ليصل إلى ابتكارات تحدث تأثيرًا في حياة البشر وتضفي لهم قيمًا جديدة تسهل لهم أعمالهم واحتياجاتهم المختلفة. هذا ما تميز به نايف العلوي، مؤسس شركة ""إيزي" للخدمات المالية، فتعرضه لموقف بسيط دفعه لابتكار فكرة مشروعه الذي سجل براءة اختراع في مكتبة الكونغرس بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 2015، وكان المنطلق لابتكار طريقة جديدة للدفع باستخدام "البصمة" حتى ساهم في تعزيز قطاع الخدمات المالية بمملكة البحرين، لتتحول الشركة لاحقًا إلى مشغل ومقدم خدمات دفع عن طريق أجهزة نقاط البيع وبوابات الدفع الإلكترونية.
يحدثنا "العلوي" عن سر حكاية المشروع، وكيف اتجه إلى عالم التكنولوجيا المالية بمساعدة عدد من الجهات الحكومية على رأسها ""تمكين"" و"مصرف البحرين المركزي، متحدثًا عن مرحلة خوضه تجربة التعاون مع "بايننس" الرائدة عالميًا في مجال تداول العملات المشفرة، ومعربًا عن مدى اعتزازه لوصول "إيزي" حديثا إلى قائمة "فوربس" للشرق الأوسط لسنة 2022 من ضمن أقوى 25 شركة تكنولوجيا مالية، ما يعد دليلًا قاطعًا على سعي "العلوي" لترك بصمة واعدة في مجال الخدمات المالية في مملكة البحرين وخارجها، وفيما يلي تتمة اللقاء..
هل لنا بنبذة بسيطة عن أبرز الخدمات التي تقدمها شركة "إيزي" ؟
شركة "ايزي" للخدمات المالية تعتبر خامس مشغل ومقدم خدمات دفع في البحرين عن طريق أجهزة نقاط البيع وبوابات الدفع الإلكترونية. بداياتنا كانت عبر تقديم خدمة مختلفة نوعًا ما ألا وهي خدمة الدفع عن طريق "البصمة" التي بدأناها مع بنك الإثمار سنة 2018، وتلك كانت خطواتنا الأولى، حتى طرأ تغيير جذري على شركتنا بالعام 2020 عندما أصدرنا رخصة جديدة مختلفة، أحدثت نوعًا من التطور والنقلة على رخصتنا من مصرف البحرين المركزي وأصبحنا نتعامل مباشرة مع الجمهور ونقدم خدمات دفع مباشرة للعملاء.
كيف بدأت حكاية مشروع "شركة إيزي"، ومن أين طرأت الفكرة؟
الفكرة بدأت العام 2014، حيث إنني كنت كأي شخص عادي لا تعنيه أمور المدفوعات أو حتى عالم التكنولوجيا المالية، لكنني في يوم من الأيام تعرضت لموقف جعلني أبتكر فكرة هذا المشروع، إذ كنت موجودا مع عائلتي في "لولو هايبر ماركت" وبعدما انتهيت من التبضع وذهبت للمحاسب لأدفع له، فوجئت بأن المحفظة ليست معي وصادف أن الطابور كان مزدحمًا وقت الدفع، ولذا الموقف كان غير محبب لأي شخص، خصوصًا أن في تلك الأيام لم يكن هناك برامج مطورة للدفع مثل "Apple pay" وغيره من التطبيقات الأخرى التي تسمح لك بالدفع عن طريق الهاتف المحمول، فكان لا يوجد سوى خيارين للدفع إما نقدًا أو بالبطاقة، والمحفظة لم تكن موجودة لدي. مروري بهذا الموقف دفعني لأن أفكر بحل يجنب آلاف الناس تعرضهم لهذا الإحراج، فبقيت أفكر وأتساءل ما الشيء الذي لا يمكن للإنسان نسيانه بحيث يغنيه عن امتلاكه لأي أداة ملموسة للدفع، حتى أتت إلي الخاطرة وقلت: الحل يكمن في البصمة، فبصمة اليد هي الشيء الوحيد الذي يبقى مع الإنسان دائمًا أينما ذهب، فهي هويته، فلم لا نجعلها هي الطريقة المعتمدة للدفع؟ وفي سنة 2014 بدأت أبحث أكثر عن الموضوع وأستشير العديد من ذوي الاختصاص حتى في النهاية وصلت لخوارزمية معينة ورمز يجعل البصمة تحل مكان البطاقة. ولله الحمد فكرتي هذه سجلت براءة اختراع في أميركا بالعام 2015 في مكتبة الكونغرس الأميركي.
ماذا عن بدايات تأسيس الشركة، وما التسهيلات التي قدمها "تمكين" في هذه المرحلة؟
أفضل وسيلة كانت للبدء بتنفيذ فكرتي على أرض الواقع هي أن أتقدم برخصة عن طريق مصرف البحرين المركزي، ففي منتصف سنة 2015 عرضت فكرة المشروع عليهم ولقيت إعجابا كبيرا من طرفهم كونها كانت فكرة مبتكرة وغير مألوفة آنذاك وحديثة من نوعها، وقدموا لي الدعم في عملية الترخيص حتى حصلت عليها سنة 2016، وعلى ضوئها بدأت السير في أولى خطوات التأسيس، وفي هذه المرحلة بالتحديد يأتي دور "تمكين"، فبعدما أجروا دراسة على مشروعي وعلى الاحتياجات التي يتطلبها من بنية تحتية وغيرها من الأمور الأخرى المكلفة، وافقوا على تبني الفكرة وساهموا في تقديم دعم مادي كبير، وهناك كلمة حق لابد أن تقال، ربما أنا من الأشخاص القلائل الذين تم دعمهم بهذا المبلغ الكبير. في العام 2018 استطعنا أن نطرح هذه الخدمة عن طريق بنك الإثمار وفي وقتها كان المغفور له صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان (رحمه الله) هو أول شخص دشن هذه الشبكة بمعية بنك الإثمار، وبعدها اشتركت معنا بنوك أخرى عدة مثل بنك البركة وبنك الخليج التجاري، وفي 2019 خضنا غمارًا جديدًا بعدما حدث الركود الاقتصادي في المملكة نتيجة تفشي وباء كورونا، ما دفعنا ذلك لإعادة صياغة عجلة العمل في شركتنا لكي نتمكن من الاستمرارية، فلجأنا إلى مصرف البحرين المركزي وشرحنا لهم خطة الاستدامة لدى شركتنا، وتلقينا دعمًا من طرفهم يكمن في سماحهم لنا بإصدار رخصة "مقدمي خدمات الدفع". ونظرًا لأن الأعوام السابقة التي مرت علينا لم نكن ندخل فيها سوى أرباحًا بسيطة باعتبار أن المشروع كان في بداياته وأتى علينا الوباء حتى ساهم في زيادة العبء والصعوبة في المواصلة لأن الجميع كانوا خائفين من الاقتراب أو لمس أي شيء، وأساس عملنا كان يرتكز على بصمة اليد، ما زاد من صعوبة الوضع الذي كنا نشهده، لكن بعدما حصل التجديد لرخصتنا أصبحنا خامس مقدم خدمات دفع وتمكنا من الوصول إلى قائمة "فوربس" لنكون ضمن أقوى 25 شركة تكنولوجيا مالية في الشرق الأوسط.
ماذا عن عن بقية الجهات التي قدمت لكم التسهيلات لتنفيذ فكرة المشروع؟
تلقيت دعمًا من "تمكين" وتحدثت عن ذلك، إضافة لإسهامات مصرف البحرين المركزي الأساسية، إلى جانب مجلس التنمية الاقتصادي ورؤية جلالة الملك الاقتصادية 2030 بقيادة سمو ولي العهد رئيس الوزراء.. فجميع هذه الجهات تقدم خدمات تصب في مصلحة مملكة البحرين لجعلها واحة خصبة تستقطب الشركات التي ترغب بطرح خدمات خاصة بالتكنولوجيا المالية أو من شتى المجالات الأخرى.
ما أبرز المراحل الصعبة التي واجهتك خلال عملية التأسيس؟
باستثناء الأمور المادية يوجد هناك أمور أكثر تعقيدًا، ومن أبرزها كان موضوع "الحماية"، فاليوم أي شخص يمتلك فكرة قوية يبحث أولًا عن جهة موثوقة تستطيع أن تحمي ملكيته الفكرية، وهذه كانت من أصعب المراحل بالنسبة لي حتى تطلب مني الموضوع قرابة سنة ونصف للحصول على براءة الاختراع، ثانيًا تأتي مرحلة التنفيذ وخوص عملية الترخيص مع مصرف البحرين المركزي التي أخذت مني تقريبا 8 أشهر، ومن ثم تأتي مرحلة جمع رأس المال المطلوب لإطلاق المشروع.. فتلك أبرز المحطات الصعبة التي شهدها مشروعنا.
أخبرنا أكثر عن تجربة تعاونك مع شركة "بايننس" الرائدة عالميًا في مجال تداول العملات المشفرة، وإلى أي مدى تعتقدون أن هذا التعاون يمثل إنجازًا كبيرًا لدى شركتكم؟
هذا التعاون يمثل لنا تجربة فريدة من نوعها، اليوم نحن كوننا شركة مرخصة من قبل مصرف البحرين المركزي لدينا قيود والتزامات أمام المصرف وأمام الزبائن والصناعة ككل، فنحن لا نعمل مع أي منصات أخرى غير مرخص لها سواء كانت من البحرين أو خارجها، وشركة "بايننس" كانت خير مثال على ذلك باعتبارها جهة مرخصة تتعامل بالعملات المشفرة، فالفكرة أننا استطعنا أن نوصل ما بين منصة "بايننس" وبين التجار. اليوم "بايننس" تحوي ملايين المستخدمين عالميًا وآلاف المستخدمين من مملكة البحرين وغالبيتهم يتداولون العملات المشفرة، ونحن تمكنا بطريقة مرخصة أن نوضح للمجتمع البحريني أن العملة المشفرة ما هي إلا أداة أو وسيلة تستطيع من خلالها أن تشتري وتدفع باستخدام شبكة نقاط البيع الموجودة لدينا، فأي شخص لديه تطبيق "بايننس" يستطيع أن يذهب لأي متجر لديه جهاز "إيزي" وبعملية بسيطة بإمكانه أن يعمل على مسح ضوئي لمربع الرمز ويدفع قيمة المبلغ المطلوب عليه لمشترياته، وهذه العملية بنيناها مع "بايننس" في وقت مستقطع وقصير لتصبح عملية الدفع مباشرة وفورية بالدينار البحريني من خلال كمية أو عدد العملات المشفرة التي يمتلكها في محفظته الإلكترونية، ما خلق نوعًا من الضجة الإيجابية في البحرين، كونها كانت فكرة مبتكرة.
ماذا يعني لك أن تكون شركة "Eazy" أول شركة تطرح خدمة قبول مدفوعات العملات المشفرة في الشرق الأوسط؟
نحن اليوم في شركة "إيزي للخدمات المالية" وكوننا مقدمي خدمات دفع، أبرهن لك أنه ولا شركة "مقدمة خدمات دفع" موجودة في منطقة الشرق الأوسط قدمت بشكل رسمي ومرخص خدمة قبول الدفع بالعملات المشفرة إلى الدينار البحريني، ونحن نعلم أن التجار اليوم يتبادلون العملة المشفرة بعملة مشفرة، ولكن المخاطرة تكمن في أن قيمة العملة المشفرة التي وصلت للتاجر لن تبقى كما هي عليه؛ لأنه من المعروف أن العملات المشفرة معرضة للتذبذب في الأسعار، أما بطريقتنا نحن وبالتكنولوجيا الخاصة بنا فقد اختلف الوضع، حيث إنك ستدفع بالعملة المشفرة بما فيها الدينار البحريني، وهذا ما جعلنا نكون أول شركة في منطقة الشرق الأوسط.
إلى أي مدى يمكن القول إن شركة "Eazy" استطاعت تحقيق تجربة واعدة في مجال الخدمات المالية؟
أولًا بالطبع وصولنا إلى قائمة "فوربس" للشرق الأوسط لسنة 2022 من ضمن أقوى 25 شركة تكنولوجيا مالية هو وسام لا أنسبه لنفسي شخصيًا وإنما أنسبه لمملكتي الحبيبة، كوننا نعد من ضمن مجموعة بسيطة من الشركات البحرينية التي تبوأت هذه المكانة، وأما على مستوى مملكة البحرين ولله الحمد فشركة "إيزي" تمتلك حاليًا أكثر من 15 % من حصة السوق البحرينية، وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على ثقة العملاء بنا، الذين أوصلونا خلال فترة قصيرة لهذا الرقم.
ما الخطط المستقبلية لتطوير الشركة على المدى البعيد؟
إن كان على مستوى البحرين فنأمل أن نمتد أكثر في السوق البحرينية ونقدم خدمات جديدة وغير مألوفة تصب في نفس مجال جوهر عملنا وهو المدفوعات، لكن بالنسبة للخطط المستقبلية القريبة البعيدة فنحن في صدد توسع بنفس المجال والعلامة التجارية إلى منطقة الخليج تحديدًا في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
ما الهدف الأكبر الذي تطمحون للوصول إليه؟
بالطبع نأمل أن تصبح شركة "إيزي" الخيار الأول والوحيد في مجال المدفوعات لدى الجميع، وثانيًا نطمح أن تكون شركتنا من ضمن الشركات الواعدة التي اكتسبت شهرة ليست محلية فقط وإنما عالمية أيضًا وأن تصل لمرحلة "اليونيكورن"، حتى نسمع يومًا ما أن هناك شركة بحرينية وصلت إلى مرحلة اليونيكرون أو ما تسمى بالشركات أحادية القرن.. وهذا المصطلح الاقتصادي يطلق على الشركات الصاعدة التي يتخطى رأس مالها مليار دولار.
بعد مرور 7 سنوات من الخبرة في هذا المجال، ما النصحية التي توجهونها للراغبين بتأسيس مشروعات مماثلة لفكرة شركتكم؟
الشخص الذي يحب الخير لغيره دائمًا يوجه النصيحة بشكل صريح، وأنا بطبيعتي شخص أحب الصراحة وأتمنى أن تصل هذه الرسالة لكل شخص يحتاج لسمعاها. الصعوبات والعوائق جزء أساس من العمل على أي مشروع في الدنيا مهما كان بسيطًا، لكن ذلك لا يعني أنها ستبقى إلى الأبد، ولذا ضع بعين الاعتبار أن لكل مشكلة حلا، وعلى كل رائد أعمال يرغب بالدخول في غمار تأسيس أي مؤسسة أو شركة التوجه إلى "تمكين" ومصرف البحرين المركزي؛ لأنهم دائمًا على أتم الاستعداد لتقديم المساعدات والدعم، وأخيرًا تشبثوا بالإصرار والعزيمة مهما كثرت العوائق واعزلوا أنفسكم عن الإحباط وأبعدوه عن قاموسكم.
