+A
A-

المغامرُ الصغيرُ

بقلم:  عبدالله غالي عبدالله

 

اقترب موعد اختبارات نهاية السنة الدراسية، وكانت عائلة رائد متوترة؛ خوفًا عليه؛ لأنه في الصف السادس ومن المتفوقين.

 

وفي ذات ليلةٍ اجتمعت العائلة كعادتها، ودار الحديث حول اختبارات رائد، فقال: الحمد لله كل شيءٍ على ما يرام، فالمعلمون لم يقصروا معي، وكذلك أمي الحبيبة كانت تتابع دروسي أولًا بأولٍ، وإن شاء الله سأحصلُ على معدلٍ تفخرون به. فقالت له والدته: سأشتري لك هدية ثمينة، وقال له والده: إنْ حصلتَ على المركز الأول في صفك سآخذكم في رحلة إلى أجمل غابات العالم.

 

انتهت السنة الدراسية وفعلا حصل رائد على المركز الأول بتقدير 99.5 فكرَّمته المدرسة، ثم احتفلتْ أسرته بهذا التفوق، وبعد أيامٍ عدة سافروا إلى كوستاريكا حيث هناك غابة «مونت فيردي». وبعد وصولهم أقاموا في الفندق المجاور للغابة الجميلة، وفي اليوم الثاني صباحًا، انطلق رائد وعائلته إلى الغابة.

 

كانت الغابةُ جميلةً، حيث الأشجارُ العاليةُ الملتفةُ المتعرجة، والأزهارُ الجذابةُ بألوانها الزاهيةِ الخلابةِ، وجداولُ المياهِ البرَّاقةِ، والعصافيرُ الجميلة بألوانها المختلفةِ، وأصواتها كأنها موسيقى مؤثرة.

 

جلس رائد وعائلته تحت ظلال الأشجار، فأوقدوا نارًا وطهوا طعامهم اللذيذ، ثم تناولوا بعض الحلوى، ولم يكن أحد بقربهم لأنهم يريدون أن يعيشوا حياةً طبيعيةً بعيدةً عن الضوضاءِ، ثمَّ بعد ذلك أخذوا يتجولون في الغابة، وقد قطف رائد باقتين من الورود أهداهما لوالديه تقديرًا لجهودهما، وتعبيرًا عن حبه لهما.

 

وأثناء تجوالهم في الغابة وقد كانوا مستمتعين بالمناظر الجميلة، وكانت فاطمة أخته تقطف الورود وتقفز فرحةً كأنها فراشة. ودون تقديرٍ للوقت من والدَيْ رائد؛ لاستمتاعهم بالمناظر الخلابة، غابت الشمس. وفي ذلك الوقت طلب والده منهم أن يلحقوا به ليرجعوا للفندق الذي هو بجانب الغابة قبل الليل، لكنهم ضلُوا الطريق، فأدرك والد رائد ذلك، ولكن حتى لا يشعرهم بالخوف طمأنهم بأنه سيجد طريقة للرجوع وأن الأمرَ سهلٌ وليس هناك أية خطورة، فطلب من زوجته الهاتف حيث كان في حقيبتها؛ ولكن للأسف كان شحنه قد نفد، خاف رائد وأخذت فاطمة تبكي وتمسكت برقبة أمها، وأمسك رائد بيد والده.

 

أوقد الأب نارًا وجلسوا حولها لتكون بمثابة إنارة لهم، وفجأةً سمعوا أصوات الذئاب حولهم من كل صوب، فخاف رائد وأخته، ففكّر الأب في فكرةٍ لإبعاد الذئاب عنهم، فأوقد النار من جميع الجهات وجلسوا في الوسط حتى لا تقترب منهم الحيوانات المفترسة.

 

وفي نفس الوقت فكر رائد وهو يرتجف خوفًا؛ ليجد حلًا لهذه المصيبة، فخطرت على باله فكرة وهي: ماذا لو تسلقت الشجرة العالية وأمسكت مشعلًا من النار ليراها الناس من بعيدٍ، ولابد أن الفندق قد أبلغ الشرطة بتأخرنا وهو الآن يبحث عنا، وبالفعل أخبر والده بالفكرة، فأعجبته، فتسلق رائد الشجرة العالية وكان شجاعًا، خاصة أنه قد تدرب على تسلّقِ الأشجار مع فرقة الكشافة. فأخذ يلوح بمشعل النار يمينًا وشمالًا لمدة عشر دقائق تقريبا، ثم نزل، وبدأوا بالتضرع لله بأن ينجيهم، وإذا برجال الشرطة قد وصلوا إليهم بعد نصف ساعة تقريبًا.

 

عادوا للفندق بعد ليلةٍ صعبةٍ، وكان الأبوان مسروريْن بابنهما وبأفكاره، ووعدهما الصغير بمغامرةٍ جديدةٍ في الغد.