العدد 5687
الجمعة 10 مايو 2024
banner
اتفاقية الجمعية الدولية لمبادلة المشتقات "آيسدا" بين البنوك
الجمعة 10 مايو 2024

يكثر الحديث عن اتفاقية آيسدا الرئيسة الخاصة بتعاملات المشتقات المالية، نظرا للدور الهام الذي تلعبه في التعاملات المصرفية الدولية حول المشتقات.

واتفاقية آيسدا الرئيسة، تعتبر من أهم الاتفاقيات المالية المحاسبية للمشتقات بين البنوك أو بين البنوك والزبائن. وفي إيجاز شديد، فإن المشتقات المالية هي عقود مالية تستمد قيمتها من الأصل الأساسي وتتغير قيمة الأصل الأساسي تبعاً لظروف السوق. ويمكن تداول المشتقات من خلال التنبؤ بحركة السعر المستقبلية للأصل الأساسي.

واتفاقية آيسدا الرئيسة قد تكون بين طرفين في مكان به عملة واحدة وتسمي "اتفاقية العملة الواحدة"، أو قد تكون بين أطراف في أماكن ذات عملات متعددة وتسمي "اتفاقية العملات المتعددة". واتفاقية آيسدا أصدرتها الجمعية الدولية لمبادلة المشتقات قبل فترة، وتخضع لتعديلات كلما طرأت مستجدات عملية مصرفية. ولاحظنا هذا، خاصة بعد الأزمات المالية التي تعرضت لها البنوك العالمية في أوقات الأزمات. لأنه، وبطبيعة الحال، ومع كل أزمة مالية مصرفية تظهر إخفاقات أو بعض الصعوبات في التطبيق. وهذا يتطلب النظر في كيفية تجاوز أو تصحيح ما حدث. ومن صلب هذه الحالات ومن رحمها تأتي أو تتم ولادة التعديلات للاتفاقية حتى يستمر دولاب العمل المصرفي في هذه الجزئية من الأعمال المصرفية الهامة.
تم مناقشة اتفاقية آيسدا الرئيسة أمام المحاكم في بعض الدول وفي قضايا حساسة بعد قضايا الإفلاس الكبيرة كقضايا "ليمان برزورز" والتعاملات المصرفية التي تمت في هذه المجموعة. وبغرض التوضيح نقول، إنه ومن واقع هذه القضايا المختلفة تم اختبار اتفاقية آيسدا الرئيسة أمام المحاكم الأميركية حيث تم الإجماع على ضرورة التقيد والالتزام بأحكام البنود الواردة في الاتفاقية وأخذها مع بعض ككتلة واحدة لا تتجزأ، وهذا يعني أن على كل طرف التقيد التام بأحكام الالتزامات المترتبة عليه بموجب الاتفاقية ككتلة واحدة. ومن الجدير بالذكر، أن بعض المحاكم الانجليزية نظرت في قضايا تقدم بها زبائن البنوك استنادا على أن البنوك قامت باستغلالهم وعدم توضيح المخاطر المترتبة على الاتفاقية خاصة وأنهم ربما لا يعتبرون ضمن إطار "جهات الاستثمار المؤسسية" المؤهلة للدخول في متاهات اتفاقية ايسدا بكل تعقيداتها المالية والإجرائية. ولقد وقفت المحاكم في صف بعض الزبائن "قليلي المعرفة" ممن لا يجوز على البنوك إقحامهم في اتفاقية آيسدا ومتاهاتها.

وهنا يقع على عاتق البنوك مسؤولية شرح وتوضيح كل التفاصيل الفنية الخاصة بهذا النوع من الاتفاقيات الاستثمارية. وكل هذا لحماية المستثمر وعدم أخذه على غرة، كما يقولون، وإلا قد يكون هناك نوع من التدليس والخداع و"آنديو انفلونس".

ولهذا يجب علي البنوك الحذر عند عرض اتفاقية آيسدا على الزبائن "العاديين" والتأكد من تبيان كل التفاصيل الضرورية لهم بدرجة تزيل الجهالة ومعرفة كل المخاطر المرتبطة بالتطبيق خاصة أن هذه التعاملات المالية ذات طبيعة متقلبة غير ثابتة وذات مخاطر عالية.

وعند اتفاق الأطراف علي اتفاقية آيسدا للرئيسة "النموذجية"، توجد هناك جداول معينة ملحقة بهذه الاتفاقية يتم توقيعها بين الطرفين المتعاقدين.

وفي هذه الجداول يتم النص صراحة على أي من بنود الاتفاقية الرئيسة "النموذجية" ينطبق على الطرف الأول فقط وأي من بنود الاتفاقية ينطبق على الطرف الثاني فقط أو ينطبق على الطرفين معا. وكل هذه التفاصيل تمثل أحكام البنود التي يتم الاتفاق عليها بين الأطراف المتعاقدة، وهذه المرحلة هامة لأنها تتضمن التزام كل طرف ومدى قناعته على حدة وفق ما هو مبين في الجداول المرفقة والموقع عليها من الأطراف المتعاقدة.

ومن النقاط القانونية الهامة، أن كل العمليات المختلفة التي تتم بين الأطراف تعامل كاتفاقية واحدة تحت مظلة اتفاقية آيسدا، وهذا يجب النص عليه لأن الأطراف قد تدخل في عمليات متعددة مختلفة وليس هناك ما يمنع هذا.

ونلاحظ أن بعض البنوك، تقوم بالتوقيع على هذه الاتفاقية بصورة ميكانيكية لأنها جاهزة "ردي ميد" وتقريبا معبأة للاستخدام المباشر والجميع يتعامل معها، وهنا مكمن الخطر لأن الحذر المهني واجب دائم خاصة في هذه الاتفاقيات.

مستشار وخبير القانوني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية