العدد 5687
الجمعة 10 مايو 2024
banner
قمة القمم.. في رحاب مملكة البحرين وحكمة مليكها
الجمعة 10 مايو 2024

هنا في المنامة.. وعلى أرض البحرين المباركة.. وفي رحاب ملك الاصلاح والتعايش والاتفاق جلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه، سيلتقي العرب جميعا؛ ملوكا وقادة وزعماء ورجال دولة، معهم قلوب شعوبهم ؛ واليهم تتجه انظار العالم.. هنا في رحاب حمد بن عيسى آل خليفة سيتوافد الخبراء والمفكرين والاعلاميين من كل الدنيا في قمة عربية تحمل الرقم ثلاثة وثلاثين عدديا، ولكنها ستكون قمة القمم من حيث ضرورتها ومحتواها والمشاركين فيها وجدول اعمالها وكذا الآمال العربية والدولية المعلقة عليها وما ينتظره العالم منها.

ولعل الذاكرة العربية لم تسجل قمة تحتاجها الأمة فعلا وواقعا كمثل هذه القمة.. وقمة تحيط بها ظروف عالمية واقليمية اصعب مما تمر به الأمة العربية في تاريخها الحديث.. ولذلك فأهمية هذه القمة وخطورتها وما تعوله الشعوب العربية عليها وما تأمله منها وما سوف يراه العالم من مواقف فيها تجعلها قمة فارقة في تاريخ العرب الحديث؛ بل قمة القمم أهمية وخطورة وتنظيما ومشهديات سياسية وقومية ووطنية.

فمن ناحية دول الجامعة ثمة من الضرورات والاستحقاقات ما يفرض عليها المبادرة الى تجاوز خلافاتها الأزلية وتصفير مشاكلها وازماتها البينية والدخول معا الى طور سياسي عربي يعمد الى توظيف الامكانات الاقتصادية والسياسية لصالح دولنا وشعوبنا وامتنا العربية الواحدة.. فالكل يريدها قمة تفتح أبواب التفاؤل العربي التي اغلقت من سنوات والقينا مفاتيحها في محيط عالمي مضطرب وبحر عربي لُجّي.

ومن ناحية البحرين عاصمة القمة وملتقاها فانها بالتأكيد تدرك المصاعب التي تعصف بالامة وتواجهها، ولديها من الحكمة والخبرة والكفاءة والتوازن ما يؤهلها لقيادة هذه القمة الفارقة ووضعها في سجل القمم الاكثر نجاحا والافضل انجازا والاوفر حكمة.

وقد كانت لجلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه أجندته الحافلة بالتحركات والمشاورات الواعدة في التحضير لقمة المنامة، من خلال لقاءاته واجتماعاته التي لم تتوقف منذ شهور عدة مع اخوانه ملوك وقادة العرب.. حتى لا تخضع هذه القمة لحسابات اقليمية لا تستوعب آمال وطموحات شعوب الامة العربية كلها ومصالح دول الجامعة.. وجلالته لم يكن في يوم بعيدا عن اخوانه ملوك وقادة الأمة، وكان على الدوام أقرب ما يكون من الأمة وشعوبها وداعية إصلاح وتعايش وتفاهم ؛ بل وصاحب رؤى متقدمة في ضرورة تسخير المقدرات العربية لصالح حاضر ومستقبل الأمة العربية وشعوبها.. وللبحرين مكانتها الدولية والاقليمية والعربية التي تؤهلها لتكون مفتاحا ذهبيا لفتح ابواب العمل العربي المشترك على مصراعيها تلبية لطموحات الشعوب واستجابة لمتطلبات الحاضر الواهن والمستقبل الموعود، ومن أجل الخروج بالامة وشعوبها من حفنة المزالق والازمات التي تكتنفها.. اما الدبلوماسية البحرينية أثبتت على مر الأيام قدراتها الساحرة على الجمع لا التفريق وعلى انجاز الحلول لاصعب المشكلات والخروج من اعقد الازمات.. يضاف الى ذلك كله ان البحرينيين كلهم أجمعين يقفون خلف قيادتهم في مساعيها الحكيمة ورغبتها الصادقة وكمال رسالتها العروبية والانسانية الوازنة ودورها الوطني سواء تجاه جمع الصف العربي او تجاه الوصول الى رفع المعاناة عن كل جزء عربي مرهق بالمشكلات والازمات وغياب التنمية ؛ عداك عن انعدام الامن وتشتت المقاصد والأهواء والاهداف.

كل هذه الظروف والمعطيات تشير الى ان قمة المنامة في رحاب عاهلها الحكيم حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه ستكون فعلا وحتما قمة القمم سواء من حيث مستوى الحضور والمشاركة او من حيث المأمول من هذه القمة والمطلوب منها والمتوقع من ملوكها وقادتها او من حيث اجندة اعمالها المتخمة بالقضايا النازفة كالقضية الفلسطينية وقضية غزة، والقضايا الشائكة كقضية السودان والقضية السورية والقضية الليبية.. وغير ذلك من قضايا التنمية العربية التي تراجعت كثيرا امام سلاسل الازمات الطاحنة التي اجتاحت معظم دول الجامعة العربية.

إننا بالطبع لسنا مع المبالغة في التوقع، ومن ثم المبالغة في الخيبة، ولكننا نقول ان مجرد انعقاد هذه القمة العربية في هذا الوقت وفي المنامة عاصمة التوافق والاتفاق يعتبر انجازا استراتيجيا، ليس فقط من حيث أنه قد يسفر عن قرارات هامة، بل من حيث أنه يؤكد على اجماع دول العرب وقادتها وشعوبها على الالتقاء الايجابي الجاد لاقتراح حلول حقيقية للازمات وانجاز مسارات واعدة للتنمية والنهضة ؛ وعلى تأكيد واثبات تماسك النظام العربي ؛ وهو اثبات لازم عربياً وعالمياً في عصر يسود فيه التشكيك والاحباط. بل وحتى نستبق المتشائمين بشيء من الايجابية والواقعية فعلينا ان نؤكد ان النظام العربي لم يصمد كل هذه العقود من الزمن بالصدفة، بل لأنه يمتلك الكثير من مقومات الشراكة والعمل الجامع، من وحـدة اللغة، الى التاريخ المشترك، الى الاتصال الجغرافي، الى المصالح الاقتصادية المشتركة، الى وحدة الاخطار الخارجية سواء جاءت من دول الجوار الطامعة أو دول الغرب الجامحة.

إن البحرين وهي تحتضن القمة العربية الثالثة والثلاثين تأمل وتسعى بالتأكيد أن تكون هذه القمة دفعة جادة وصادقة للعمل العربي المشترك، وأن تسفر عن إسهامات جيدة فيما يتعلق بتسوية النزاعات القائمة والتخفيف من وقعها وخاصة بالنسبة الى القضية الفلسطينية وقضية غزة التي يدرك الجميع فداحة مأساتها وما تعرضت له من ازهاق الارواح البريئة والخسائر والدمار في البنية التحتية بل في وجود اهل غزة وحاضرهم ومستقبلهم.

وبالتأكيد فإن جدول أعمال قمة المنامة سيضع على رأس اولوياته تعزيز التنسيق والتعاون بين الدول العربية لمكافحة الإرهاب، وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية، وصيانة الأمن القومي العربي، اضافة الى التركيز على ملف الأمن المائي والغذائي العربي ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يأمل الشارع العربي أن تسهم قراراتها التي سيتم اعتمادها وتشريعها من قبل القادة في المضي قدماً نحو حلول ناجزة ومواقف قومية ثابتة وطريق عربي واحد لمستقبلٍ أكثر إشراقا وإيجابية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .