العدد 5673
الجمعة 26 أبريل 2024
banner
خطاب “اعتماد الضمان” أو “خطاب الجهوز”
الجمعة 26 أبريل 2024

إن الدور الهام والمحوري الذي تقوم به البنوك التجارية في دعم وتحريك التجارة العالمية لا يخفى، خاصة ذلك الدور الخاص الذي يتم عبر تقديم وتعزيز وتغطية خطابات الاعتماد المتعلقة بالعمليات التجارية بين العملاء وشركات التصدير الخارجية، والبنوك تقوم بهذا العمل على مدار الساعة يوميا. ونود هنا أن نوضح، أن من أساسيات العمل المصرفي أنه عمل متطور ومتجدد وذلك حتى يتمكن من تغطية كل المستجدات وفق المعطيات المتوفرة في كل وقت.
كدلالة على ما ذكرناه أعلاه، نشير إلى الخطوة التي انتهجتها البنوك الأميركية وذلك باستحداث أو لنقل ابتكار نوع جديد من خطابات الاعتماد لتلبية الاحتياجات المتنامية للعملاء من مصدري السلع والخدمات الأميركية. وهذا الابتكار المصرفي ظهر لأن القانون الأميركي يحظر على البنوك إصدار الكفالات المصرفية (التقليدية) بأنواعها المختلفة والتي تشمل خطابات الاعتماد المعززة، الاعتمادات المجددة تلقائيا (الدائرية) الاعتمادات القابلة للتحويل، اعتمادات الشريط الأحمر واعتمادات الشريط الأخضر، الاعتمادات المتعادلة، اعتمادات السحوبات الزمنية....الخ.
ومن الواضح أن البنوك الأميركية لم تقف مكتوفة الأيدي ومغمضة العينين حيال هذا الأمر الهام بل بحثت عن بدائل مقبولة تمكنها من تغطية ومقابلة التزامات عملائها دون خرق للقانون. ولهذا تم شحذ الهمم لابتكار طريقة جديدة تم تطويرها إلى ما يعرف حاليا بخطاب “اعتماد الضمان” أو خطاب الجهوز. ونظرا لتداخل العمل المصرفي استفادت البنوك في البلدان الأخرى من هذا الاعتماد الأميركي الجديد وتم تطبيقه خاصة في التعاملات فيما بينهم وبين البنوك الأميركية وأيضا فيما بينهم مع بعضهم البعض. وهكذا، تطور الأمر حتى تم النص على هذا الاعتماد “الخاص”، في المادة (1) من النشرة رقم (600) لعام 1993 للقواعد والأعراف الدولية الموحدة للاعتمادات المستندية، وهذه المادة عالجت هذا النوع من الاعتمادات واعتمدته للعمل بين البنوك. وليس بغريب على البنوك الأميركية “النفرة” والبحث عن البدائل المصرفية الحديثة وتطبيقها بصورة سليمة يستفيد منها كل القطاع المصرفي في كل مكان. ولهم حق الريادة في العديد من المجالات المصرفية التي أدت لتطور الاقتصاد والتجارة العالمية. 
وبموجب الممارسة والتقنين، تم تعريف خطاب “اعتماد الضمان” أو “خطاب الجهوز” على أنه عبارة عن تعهد بنكي صادر من المصدر ويتعهد بموجبه بقبول سحوبات المستفيد بمبالغ لا تزيد قيمتها عن حد معين وخلال مدة محددة وذلك مقابل تقديم المستفيد لمستندات معينة يتحدد نوعها على أساس نوع الكفالة المطلوبة. 

وأول هذه المستندات تفيد أن الطرف المكفول (طالب فتح الاعتماد) فشل في تنفيذ الالتزامات المترتبة عليه والمتعاقد عليها مثل تقديم كفالة التنفيذ. 
وهذا النوع من الاعتماد يصدر بناءا على طلب المقاول أو البائع الذي يطلب من بنكه أن يصدر اعتماد الضمان لصالح المستفيد (صاحب المشروع) أو المشتري. وبموجب هذا يلجا المستفيد من السحب إلى الاعتماد في حالة إخفاق المقاول أو البائع في القيام بتنفيذ التزاماته بموجب العقد، هذا ويتم الدفع بموجب ووفق شروط الدفع المتفق عليها.
إن الفرق بين اعتماد الضمان والاعتماد العادي (التقليدي) أن اعتماد الضمان يصدر لتغطية حالات إخفاق فاتح الاعتماد في تنفيذ شروط العقد المبرم الواجب النفاذ. بينما يصدر الاعتماد العادي من أجل أن يحصل المستفيد على استحقاقه في حالة وفائه بشروط الاعتماد بعد تقديم المستندات المشار لها في العقد. ومن هذا يتضح أن اعتماد الضمان هو اعتماد خدمات وليس اعتماد استيراد أو تصدير والمستندات المقدمة عليه هي مستندات الخدمات وليس مستندات الشحن وما يرتبط بها. وكذلك يمكن للبائع أو المقاول أن يطلب من المشتري أو صاحب المشروع خطاب اعتماد ضمان لصالحه بحيث يلجأ البائع أو المقاول للسحب على الاعتماد في حالة إخفاق المشتري أو صاحب المشروع.
من واقع التجربة العملية، اتضح لنا أن العديد من البنوك ما زالت تواجه بعض الصعوبات في فهم وهضم بل وتطبيق هذا النوع من الاعتمادات “خطاب اعتماد الضمان” بالرغم من أهميته البالغة في المعاملات مع البنوك الأميركية بل مع غيرها من البنوك الأخرى و خاصة بعد أن تم تضمينه في النشرة رقم (600) الصادرة من غرفة التجارة الدولية في باريس بصفتها المرجعية في هذا الخصوص. 
ولذا ننصح البنوك بالعمل الجاد في التعامل مع هذا النوع من الاعتمادات خاصة وأن ديناميكية الأعمال والتجارة يتطلبان التفاعل وضرورة الانسجام مع كل المستجدات المصرفية والتجارية وغيرها من أجل البقاء داخل دائرة الأعمال عبر تطبيق المنتجات المصرفية المتجددة دوماً.

 

* مستشار وخبير قانوني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .