+A
A-

إبراهيم غلوم.. الذكاء والعطاء

الناقد إبراهيم عبدالله غلوم في طليعة الحركة الثقافية في منطقة الخليج، عرف بإنجازاته المدهشة على المستوى الأكاديمي وفي العمل العام خدمة للثقافة وللفنون والآداب.. ويعتبر كتابه التأسيسي «المسرح والتغير الاجتماعي في منطقة الخليج» من أهم ما صدر في موضوعه وكذلك كتابه الجامع القصة القصيرة في الخليج..
ود. إبراهيم عبدالله غلوم أستاذ جامعي في كلية الآداب جامعة البحرين شارك بفاعلية في الحركة الأدبية والمسرحية في البحرين والمنطقة، وكان من أبرز أعضاء أسرة الأدباء والكتاب في البحرين وفرقة مسرح أوال الطليعية. كتب عن اعلام الحركة الأدبية في المنطقة وأسس مهرجان الفرق الأهلية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وتولى رئاسة اللجنة الدائمة لهذا المهرجان منذ تأسيسه عام 1987 وحتى الآن، ويعتبر بحق أيقونة المهرجان وقد تحمّل الكثير الكثير من دلع الفنانين وصراعاتهم وتقلبات التنظيمات المسرحية القائمة ومن سوء فهم بعض المسؤولين في الدول. تعرفت إليه عام 1981 عندما شارك في ملتقى صقر الرشود المسرحي الأول، وتوثقت علاقتي به عندما شاطرته العمل في تأسيس مهرجان الفرق المسرحية الأهلية التابعة لمجلس التعاون، وكنت إلى جواره عضوًا في اللجنة التي يرأسها باقتدار منذ البداية وتابعت الجهود الجبارة التي يبذلها والوقت الذي ينفقه والانهاك الجسدي والنفسي الذي يدفعه بسخاء من أجل المسرح الذي يحب والخليج العربي الذي وهبه كل حياته وصحته. إبراهيم نمودج للتفاني حد الأعياء لا يعرف كلمة (لا) ويمتاز بقدرة هائلة على الحوار الخلاق.. إنه يقرأ ببصيرة نافذة، ويتعامل مع أقسى النصوص وأبسطها، يسبر الأغوار ويذهب بعيدًا في تقصي الأسباب والمسببات.. نعمت بقراءاته المدهشة لأدب المنطقة وأدبائها وبحثه الدائب عن الطريف والغريب والقريب والبعيد يتتبع أصول الأفكار وانتقالها ويقارن ويتنبه بوعي نادر للظواهر والخصوصيات والمتشابهات، كتب لي مقدمة لمسرحية «عنده شهادة» عندما نويت نشرها ضمن سلسلة مسرحيات كويتية من اصدار رابطة الأدباء.. وأذهلني بهذه المعرفة التي يملكها وبهذه القدرة على التوصيف والفهم العميق لمعنى الكلام.. وعندما تحدثت إليه تلفونيًا بعد قراءتها.. قلت له بأنني ظننت أنه بغياب صقر الرشود رحمه الله لن يفهم أحد ما أقول بذلك العمق فإذا بك تفاجئني بهذا الوصول المدهش لما خلف الظاهر أو ما بين السطور وانتابني شعور هو خليط من الامتنان والود والتأثر البالغ. د. إبراهيم عبدالله غلوم طاقة نقدية عربية بالغة الأهمية ومبدع كبير له الكثير من الانجازات الثقافية على مستوى المنطقة ومشارك فاعل في الحركة الثقافية العربية.. كتب عن فهد الدويري وعن عبدالله الزايد وعن عبدالرحمن المعاودة وعن إبراهيم العريض وعن عدد من أعلام الشعر والأدب في المنطقة وأصدر عددًا من الكتب المرجعية مثل كتابه الأول «ظواهر التجربة المسرحية في البحرين» وكتابه المهم «القصة القصيرة في دول الخليج العربي» وكتابه «المسرح والتغير الاجتماعي في دول الخليج» وقائمة اصداراته تصل إلى (14) مؤلفًا مهما فضلاً عن ابداعاته المسرحية حيث أصدر عددًا من النصوص المسرحية منها «الخيول» و «عذابات أحمد بن ماجد» و«رأيت الذي سوف يحدث» وغيرها..
إبراهيم عبدالله غلوم أكاديمي بامتياز له انجازات تأسيسية حيث تولى تأسيس المركز الاعلامي بكلية الآداب بجامعة البحرين.. وتولى عمادة كلية الآداب وعمادة كلية التربية وتولى رئاسة أسرة الأدباء والكتاب وفرقة مسرح أوال وأسس العديد من الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ورأس تحرير مجلة كلمات ومجلة العلوم الإنسانية ومجلة ثقافات ورغم الأزمات الصحية الصعبة التي تتالت على جسمه الضعيف لكن روحه العالية وقوة عزمه تدفعانه باستمرار للعمل المثمر مهما كانت التضحيات - يصدق عليه قول المتنبي:
وإذا كانت النفوس كبارًا تعبت في مرادها الأجسام
وقد انجز اخيرا كتابًا مهمًا عن صديق عمره، الناقد الكبير الأستاذ أحمد المناعي يشير فيه لجهود المناعي المبكرة والمهمة في مجال النقد والمتابعة للحركة الشعرية والأدبية في البحرين. إبراهيم عبدالله غلوم ذكي وفي وافر العطاء.. حفظه الله.
عبدالعزيز السريع