عزيزي القاريء، اسمح لي بهذا الموقف القصير الذي سأبدأ به المقال، "علّق أحدهم على باب مكتبه لوحه مكتوب عليها "أنا الرئيس"، وعندما عاد إلى مكتبه، أضافت السكرتيرة جملة أسفل اللوحة كتبت عليها: اتصلت زوجتك، وقالت إنها تريد استرجاع لوحتها" !! هل هذا يدعو إلى الضحك عزيزي القاريء ؟!
نعم، يدعو إلى الضحك، وقبل ذلك إلى اختلال في المنظومة الإدارية في المؤسسة، عندما يتعامل المسؤول بصيغة "من أنا" بدلاً عن "ماذا يمكن أن أعمل"، لحظتها نكون قد ضخمنا الأنا الذاتية والإدارية وتركنا أهمية إنجاز العمل إلى مرتبة لاحقة، لحظتها فقط، نستشعر الخطر القادم على أداء المؤسسة وعلى موظفيها.
يفتقد هذا الرئيس أعلاه، الذي علّق لوحته، إلى العديد من الصفات والمهارات التي يمكن أن يضيفها للمؤسسة فيما لو عمل بها، فمتى كان المسؤول واثقاً من قدراته الأكاديمية والاجتماعية بالإضافة إلى الخبرة التراكمية، كان أقرب إلى كسب قلوب الموظفين قبل المطالبة بأي أداء يتعلق بخصوصيات العمل وتفاصيله، أما أسلوب الفرض واستخدام السلطة الرسمية فما عادت تجدي نفعاً في أغلب الأحوال.
أتحدث هنا، عن الإدارة الحديثة التي لا تعتمد فقط على إسداء الأوامر المباشرة دون مراعاة لمشاعر الموظفين (الأمر أشبه كما لو كنا في مهمة قديمة لبناء منزل، يصدر الأستاد أوامره شيل وحط على "الكولية" اللي معاه، ويراقبهم في عدد الخطوات اللي يمشونها وكم مرة حركوا رموشهم) أعتقد تلك إدارة ولّت.
أتحدث هنا عن الرئيس المؤثر الذي يثبت مصداقيته للجميع، ويستطيع أن يحدث فرقاً من خلال تمكنه وكفاءته القيادية، بدليل مبادرة من يكون مسؤولاً عليهم بالمقترحات وأداء الأعمال قبل أن يطلب منهم أي شيء، أي أن يكون هناك اعتراف بمنصبه واعتراف بشخصه؛ لحكمته وقدرته على إدارة القطاع الذي يرأسه.
في الحقيقة، يمكن لجميع الرؤساء أن يفرضوا سيطرتهم الإدارية على تابعيهم، وبكل سهولة، ولكن في الواقع، ليس كل الرؤساء باستطاعتهم أن يسيّروا منظماتهم بانسيابية وأريحية يمكن أن تنتشر بين أروقة الموظفين، وفي المقابل، نحن بحاجة إلى رقابة مؤسسية وهذا ليس لنا غنى عنه، أخيراً هل تريد عزيزي القاريء أن تكون مثل صديقنا الذي استعان بلوحة زوجته، هل كان يعبر عن نقصٍ ما ؟! والأمر ينطبق على الرؤساء وكل من لديه صفة إشرافية ورقابية، تحيتي عزيزي القاريء.
هذا الموضوع من مدونات القراء |
---|
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected] |