العدد 5696
الأحد 19 مايو 2024
banner
د. عدنان محمد القاضي
د. عدنان محمد القاضي
قِراءاتٌ نقديّة في وَاقع رِعَاية المَوهوبين (2-6).. عملية الكشف والتعرُّف
الخميس 22 ديسمبر 2022

منْ أبجديّات ميدان الموهبة القول بأنَّه لا يُسمح بالشُّروع في عملية الكشف والتعرُّف، وتخطيط التفصيل في إجراءاتِها، وتوزيعِ أدواتها (اختبارات؛ ومقاييس) وفق مراحلها إلّا بعد جملة الأمور والاعتبارات مرتَّبةً على النَّحو الآتي:
• تبنِّي تعريف للموهوب بصورتيْه الاصطلاحيّة والإجرائيّة.
• إقرار الأهداف العامّة وما يندرجُ تحتها من أهداف خاصّة وفقًا للخطّة الخمسيّة المُتعَارف عليها.
• وضوح فلسفة وإطار تقديم خِدمات الرعاية منْ برامج إثرائيّة وأخرى إرشاديّة تأسِّيًا بنموذجٍ عالمي معتمد أو بنموذج محلِّي مكيَّف.
• توعية شاملة لكلِّ الفئات المستهدفة والمعنيّة بعملية الكشف والتعرُّف منْ الجنسيْن مراعين ذوي الاختلافات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية. 
فيما يلي عددٌ منَ المصطلحات المتَّصلة بموضوعاتِ الكشف والتعرُّف، وهي: 
• العَملية: تنظيم إداري يوجِّه الطاقات البشرية لتحقيق الهدف المرجو، بناءً على مراحل وترتيبات تُسخَّر لها الجهود والأفكار وتستخدم فيها عددًا منَ الأدوات.
• الكَشف: مرحلة يتمّ فيها المَسح السريع بحثًا عن الموهوبين بصورة مبدئية، وتمييزهم عنْ أقرانهم الأسواء بتطبيق أدوات غير موضوعية (غير رسمية) من الناحية المبدئية.
• التَّعرُّف: مرحلة يتمّ فيها التَّشخيص الدَّقيق، وتحديد جوانب القوة والضعف لدى الموهوبين المُرشَّحين للاستفادة من الخِدمات المُتاحة سواء داخل المدرسة أو المؤسسة المتخصصة. 
• التَّنوُّع : استخدام أدوات متنوِّعة (رسمية وغير رسمية)؛ واختبارات مختلفة (لفظية وشكلية)؛ ومجالات متعدِّدة (أدائية وأكاديمية)؛ وطبيعة متميِّزة (فردية وجمعية)؛ وجهات مسؤولة (الأسرة والمدرسة).
• البُروفايل/ الصَّفحة النَّفسيّة: كافة المعلومات التي تمّ الحصول عليها بعد تطبيق جملة الأدوات (مقاييس واختبارات)، سواء كانت جوانب قوّة أو ضعف، وسواء كانت بياناتها كميّة أو وصفيّة، وغالباً ما يبنى في ضوئها الخطط التربوية الفردية.  
فيما يلي ملاحظات سُجِّلتْ بشأنِ بعض التَّجارب الخليجية والعربية مرتبطة بعملية الكشف والتعرُّف إلى الموهوبين، ومنها:
• التعريف العام والفضْفاض لمفهوم الموهوب، أو المقتبس من كِتاب ما من غير ربط الاختيار بحاجات المجتمع ورؤيته وإمكانات المؤسسة وتوافر مصادر الدَّعم المختلفة.
• عدم وجود إجراءات ومراحل واضحة للكشف والتعرُّف، والاكتفاء طوعيًّا بتطبيق أداة واحدة غير رسميّة -غالبًا ما تكون ترشيح المعلم- لقبول التسكين في البرامج الإثرائيّة.
• ترك المؤسسات الحريّة المُطلقة للمدارس في تحديد إجراءات الكشف والتعرُّف منْ دونِ ضبطٍ أو توجيه مما يزيد منْ مساحَة الاجتهاد والتخبُّط فيها والتيه في غياهب المراجع والدراسات.
• قيام بعض المؤسسات باستخدام أدوات مُحدَّدة وتميل إلى المواهب الأكاديميّة والقدرات العقليّة منْ دونِ الالتفات إلى المواهب الأدائية والقدرات الإبداعية والاستعدادات المتوثِّبة.
• تجميع بعض المؤسسات لأدوات (اختبارات؛ ومقاييس) وتنظيمها وإخضاعها للتطبيق منْ غير دراسة لها أو حتى التأكُّد من مناسبتها للفئة المستهدفة وارتباطها بالتعريف الإجرائي للموهوب.
• اعتقاد بعض المؤسسات بأنَّ عملية الكشف والتعرُّف غاية بحدِّ ذاتها مما يجعلها صارمة وطويلة زمنيًّا مع عدمِ جاهزيّتها لتوفير برامج إثرائية مناسبة ومتَّصلة تكافئ الجهود المبذولة في تلك العملية.
• اقتصار تطبيق بعض الأدوات (اختبارات؛ ومقاييس) على الطلبة مِمنْ يُراد المشاركة بهم في المسابقات الخارجيّة كنوعٍ مِنَ المصداقية في الاختيارِ غير المتحيِّز بحسب ظنِّهم، ونسيانهم في غيرها من الفعاليّات والخِدمات المتَّصلة والمستمرَّة.
• البرامج الإثرائية المقدَّمة منْ حيثُ نوع المحتوى العلمي والمهاري؛ والتَّعقيد والمُتعة والتشويق؛ والترابُط بين موضوعاتها وتسلسلها لا ينْسجُم مع مقدار ما طُبِّق من أدوات وما جُمِعَ من بيانات ومعلومات عن الموهوبين المجتازين لها.
• عدم امتلاك نِظام إلكترونيّ تُرتَّب وتنظَّم فيه البيانات والمعلومات المُتَحصَّلة مِنْ تطبيق العديد مِنَ الأدوات (اختبارات، مقاييس) على الموهوبين.
• بعض المؤسسات تُطبِّق الأدوات منْ أجل التطبيق فقط ويعتبر ذلك إنجازًا لما يصنِّف الموهوبين عنْ غيرهم، وليس منْ أجلِ الوصولِ إلى بيانات ومعلومات صريحة تُبنَى عليها قرارات قبول أو رفض للمرشَّحين لدخول برامج إثرائية وخدمات إرشادية. 
آلية دقيقة تتطلّبها عملية الكشف والتعرُّف إلى الموهوبين، ومن أهمّ مراحلها ما يلي:
1. وضع خطّة زمنيّة لمراحل تنفيذ الآليّة، وتحديد الأدوار بدقة لكلّ ممَنْ له علاقة بالكشفِ والتعرُّف في المدرسة.
2. توفير أدوات محكّمة ومناسبة للتطبيق، ومنها:

  • ترشيح المعلم: يعد منْ أكثر الأشخاص التصاقاً ومعرفة بالطلبة عمومًا، ولذلك يعتبر حكمه منَ المحكات التي تستخدم بكثرة في انتقاء الموهوبين، وذلك من خلال مقياس للخصائص السلوكيّة يُساعده على تحديد مواطن القوّة والضعف بدقّة.
  • ترشيح وليّ الأمر: من خلال استمارة خاصة وبنود أقرب إلى ملاحظة الموهوبين في المنزل وبعض جوانب حياتهم اليوميّة واهتماماتهم في وقت الفراغ والإجازات، وبإمكان ولي الأمر أنْ يتقدَّم بطلب الترشيح لابنه/لبنته مع الأخذ بعين الاعتبار نسبة التحيُّز التي قد تكتنف الترشيح بصورته المبدئيّة.
  • اختبارات التحصيل: تهدف إلى قياس أو تقييم التحصيل المعرفي المرتبط بتعلم سابق، وتعقد بصورة جَمْعيّة. وقد تكون شاملة لمناهج مرحلة دراسيّة معينّة في كلِّ المواد، أو مقتصرة على مادة دراسيّة معيَّنة. وقد تكون هذه الاختبارات مبنيّة من قبل معلم ويطبّقها على مستوى الصفوف التي يُدرِّسُها، وقد تكون مبنيّة من قبل خبراء وتطبق على مستوى وطني كتلك الاختبارات التي تعقد في نهاية المرحلة الإعداديّة والثانويّة. 
  • ملفّ الإنْجاز: هو ما تجمَّع لدى الموهوبين منْ أعمال ونتاجات إبداعيّة تكشف جانب تميُّزهم في التحصيل أو الفنون الأدائية أو المواد والخامات المُتميِّزة، إضافة إلى شهادات التَّقدير والمُشاركة في مسابقات محليّة و/أو خارجيّة.
  • الإنتاجيّة الإبداعيّة: عبارة عن أعمال ملموسة ومُشاهدة سواء كانت تحف فنيّة أو ابتكارات علميّة أو مقطوعات موسيقيّة أو عروض مسرحيّة أو تركيب روبوتات ذات أفكار جديدة.
  • المقالة: من الأساليب الفعَّالة في الكشف عن الموهوبين، وتتطلب كتابة مقالة في موضوع يتم تحديده مسبقاً، ويراعى فيه بأنْ يكون من الموضوعات المسماة ذات النهاية المفتوحة، ويتم تصحيح اختبار المقالة من قبل مختصين يتم تدريبهم على عمليّة التصحيح لاستخراج درجات على معايير مثل: الطلاقة، المرونة، رصانة المعرفة، وترتبط الأفكار وقوّتها، الأفكار المستقبليّة.
  • المقابلة: تتمّ من خلال فريق مُتخصص يُحدد جونب الشخصيّة والقيادية لدى الطلبة المرشَّحين كموهوبين، وغالباً ما تُستخدم هذه الأداة في الأخير لانتقاء الصفوة ممنْ يحقُّ لهم لاستفادة من خِدمات الرعاية.

3. وضع تصوُّر حول توزيع الأدوات المُنتقاة ممّا ذُكر أعلاه بحيث يمرُّ الطلبة المرشحين كحدّ أدنى على أداتيْن وأربع أدوات كحدٍّ أقصى.
4. تدريب فريق مختّص لتطبيق الأدوات أعلاه؛ وتحليلها؛ وتفسير نتائجها.
5. إعداد تقارير لكلّ منِ اجتاز عدد من الأدوات، ووفق نقاط القطع (مستوى الموهبة المقبول)، وأخذًا في الاعتبار النسبة المئويّة الملائمة لإمكانات المدرسة البشريّة والماديّة.
6. تقويم آلية الكشف والتعرُّف.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .