العدد 5682
الأحد 05 مايو 2024
banner
نوح الجيده
نوح الجيده
نموذج السيّد
الثلاثاء 18 أكتوبر 2022

في لحظة من التقدير الذي تستحقّه، تدخل بقبّعتك المعروفة من الباب الصغير، ترفع رأسك وإذ بالناس الذين تعرفهم ويعرفونك يقفون في ممر شرفي لا انتهاء له، تضع يدك على صدرك امتنانًا للحظة الوفاء هذه ونحن نعلم يقينًا أنّ هذا التصفيق لا يرد شيئًا من الجميل الذي صنعته بداخلنا.

تحرمنا من دعوتك للجلوس حين تبادر بالتعبير واقفًا، تغلبك الكلمات وتتحوّل إلى عكّازٍ يعينك على تتمّة المشاعر المبعثرة في قلبك، ونحن نسمعك كما كنا نفعل في الجامعة على الطاولة المستديرة، وفينا الذي لم يرك منذ عشرين عامًا، وأنت تحفظنا بالاسم والوجه والقصة والتفاصيل.

لا نريدك أن تقف عن الكلام عندما تبدأ، ولا نريد أن نكفّ عن التعبير عندما يأتي دورنا، علّمتنا رواية القصة حتى صار كلامك قصّتنا التي رويتها عنّا، وكنت أنت بداية أحداثها، وكثير من تحوّلاتها، نحن تاريخك الذي تفخر به، وامتداد علمك الذي نعمل به، ونجاحاتنا هي الهدايا التي تسلّيك في طريق الحياة الطويل.

هذا كلامنا مجملًا في لقائك الأول يا سيّدي، وكنت تسمع كلّ واحدٍ منا وهو يعرّف نفسه بكلمة: خرّيج د. محمد السيّد، وهذا اللفظ العفوي المهزوز يعبّر في طيّاته عن كونك لست معلّمًا فحسب، إنّما كنت شيئًا يشبه المدرسة أو الجامعة التي تخرّج أمثالنا كلّ عام، ونحن على العهد الذي تركتنا عليه: نحمل رسالتك ونصنع بها قصّتنا وقصة الناس من حولنا.

رأينا فيك الإنسان قبل الأستاذ، ننحني لك سيّدي كلّما عظم الناس شأن العلم والمعلّم، أحببتنا مذ عرفتنا، وأحببناك أكثر عندما عرفنا غيرك، أمدّك الله بقبولٍ سقيته بالجهد حتى صرت ملهمًا، وصارت الأيام مليئةً بك حتى وأنت بعيدٌ عنا، لم ترمنا للحياة إلا وأنت موقنٌ أن مثلنا لا يتوقف عن الحلم، ولا ينسى صنيع أمثالك، وأمثالك من النوادر.. لا يتكررون كثيرًا يا معلّمي.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .