العدد 5695
السبت 18 مايو 2024
banner
نوح الجيده
نوح الجيده
تذكرة عبور الزمن
الثلاثاء 11 أكتوبر 2022

هذا زمن غربة، يعرفه من قرأ تاريخ الناس قبل صرخة اليهودي وهو يتأمّل السماء: (طلع نجم أحمد) الذي أضاء الكون بعد ظلام، وعلّم الإنسان ما جهل، حتى يعود إليه كما يعود الظمآن لنبع الماء، ينهل من هديه ما يرفع اليأس ويحيي الأمل، مشتاقًا إليه بعد كلّ هذه القرون: «وسنة الله في الأحباب أن لهم .. وجهًا يزيد وضوحًا كلّما ابتعدا».

هذا الوضوح تراه جليًّا بعدما عمّت الأحقاد والأضغان، وكثُر الحاسدون وعلت راية الانتقام على أتفه الأسباب، وضاقت الصدور وقست الأفئدة: {فهي كالحجارة أو أشدّ قسوة} عندها فقط تختار الهجرة إلى قلب النبي ﷺ وهو في يد جبريل يغسله بماء زمزم وينزع حظّ الشيطان منه، فيملأ الدنيا حبًّا وسلامًا وعدلًا: {وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين}.

وإن رأيت في الناس تعلّقًا طائشًا بماديّات الحياة المعاصرة فتذكّر نوم سيّد البشرية على الحصير وهو يقول: (ما لي وللدنيا؟) أو رأيت فيهم قومًا تعلّقوا بما يشبه علاقة قريشٍ بالأصنام، فتعلّق بظهر القصواء وانظر إلى صحن المطاف كيف خلا من كل باطل، وارفع يديك لله واسأله العون والصبر وأن تكون سببًا في إقبال الناس على ما يعينهم لبلوغ أبواب الجنة الثمانية.

وإن غرّتهم العزلة ومظاهر الوحدة، فتأمّل عزلة الغار التي انطلق منها الخير كلّه، وعلّمهم: (أن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم) خيرٌ من الذي لا يفعل، وإن أعرضوا عنك فاصبر، فهذا الدرب وهذه أشواكه، أو هاجر إلى قصة حياته من مولده حتى وفاته، واثنِ الركب عند سيرته وتعلّم فنون الصبر على أصولها، واجمع الناس ولا تفرّقهم: {ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضّوا من حولك}.

هذا غيضٌ من فيض، فلا تدع الأيام تفعل ما تشاء، وهاجر إليه كلما شعرت باليأس. وما المولد أو الهجرة أو ما تقوله الرزنامة إلا تذكرة سفر إلى حياة السيد الكريم الذي ندين الله بحبّه وحبّ من يحبّه صلى الله عليه وسلم.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية