+A
A-

الشهرة.. والبريق الكاذب

نور قوي يسطع في وجهك يجعلك تغمض عينيك مخافة أن تعمى، أضواء في كل مكان وعدسات التصوير تلتقط كل حركاتك وسكناتك، فتعيش في فقاعة الاهتمام والتأثير الذي ما إن تكبر فيها حتى تنفجر في وجهك انفجارًا مدويًا حينها يصعب عليك فهم ما حدث، وتعي حقيقة واحدة أنك في النهاية شخص عادي، ثم تفتح عينيك، ولكن هذه المرة أنت على أرض الواقع وأنت شخص عادي كأي شخص على هذه الخليقة لا يميزك عنهم سوى شيء واحد عقلك.

مع زحمة التطورات الرقمية وتزايد صفوف المنصات الإعلامية أصبح من السهل على الجميع حجز تذكرته الخاصة والانطلاق في عالم الشهرة والأضواء مع توفير خدمة التوصيل السريع لأي مستوى عالٍ منها، متناسين أن هناك شيئا يسمى التدرج والتروي.

أريد أن أصبح مشهورًا، ترامت على مسامعي هذه العبارة كثيرًا في الآونة الأخيرة خاصًة بعد أن أصبح الطريق إليها معبدًا لا يشوبه شائب، ولكن ما يقلقني حقًا هو تزايد أعداد المشاهير ولهاثهم وراء الألقاب الاجتماعية الزائفة دون محتوى مفيد يتم تقديمه للعالم. إن الانبهار الكاذب على صفحات التواصل وشاشات التلفزيون يخلق في الإنسان أفكار وأراء وأحيانًا كثيرة، مبادئ أساسها ضعيف ويبني عليها حياته، وبالتالي حياة الآخرين من حوله. قرأت عبارة للكاتب برنارد شو تقول: “إذا قرأ الغبي الكثير من الكتب الغبية، سيتحول إلى غبي مزعج وخطير جدًا؛ لأنه سيصبح غبيا واثقا من نفسه، وهنا تكمن الكارثة”. إن أغلب الساعين للشهرة وأجد أكثرهم من المتصنعين لها يثبتون في كل مرة أنها أهم من القيمة المضافة، وبأن سحر الألقاب وتعددها يلغي قوة المحتوى المطروح، فعلى سبيل المثال لا الحصر مسمى الإعلامي أهم من الرسالة الموجهة، وتأثير الإعجاب والتعليقات على صفحات التواصل أقوى من الكلمة. لا يزال هناك من يجهلون قوة التأثير وبأنك إذا أردت أن تصبح مؤثرًا، فعليك أن تكون صاحب رؤية واضحة ومبدأ راسخ وثابت، والأهم أنك تحترم عقليتك وفكرك؛ حتى تستطيع أن تحترم الآخر، وألا تمشي مع سياسة القطيع لتفرض نفسك على هذا وذاك.

تعلمنا أن كل ما يلمع ذهبًا، ولكن قد يكون هذا البريق كاذبًا وما نراه ذهبًا يكون حليًا ويصدأ مع الزمن، وكذلك الشهرة نراها من بعيد ملئية بالأضواء، ولكنها تفتقر للنور الحقيقي الصادق، قال لي أحدهم مرة عبارة عميقة جدًا في معناها: “لا يجب على الإنسان أن يسعى للشهرة يجدر به أن يسعى لفرض (قيمة)، فهي التي ترفع من الإنسان وتسمو بوجوده”، وقد كان صادقا في ذلك.