الوطنية ليست حب الأرض التي تعيش عليها وإنما الإيثار ونكران الذات، خصوصًا في المراحل والمنعطفات الصعبة التي تمر بها الأوطان، ولعل أهم مرحلة صعبة تعيشها البحرين الآن هي مرحلة التداعيات الكبرى وتوابعها على البحرين والعالم جراء انتشار جائحة كورونا.

الرئيس التنفيذي لهيئة تنظيم سوق العمل أسامة العبسي وهديًا على ما تقدم وضع نفسه أمانة بيد الإنسانية والبحرين كوطن ليكون أول المسؤولين الرسميين الذين يتطوعون لإجراء الاختبارات السريرية للقاح فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، وتم ذلك بالفعل. العبسي في سرده لتجربته التي تحتاج للشجاعة النفسية والأدبية قال متحدثًا لـ “البلاد” بالتالي: “انطلاقًا من مبدأ حسن النية لخدمة أبناء الإنسانية ووطني اختمرت لدي فكرة التطوع لأخذ الجرعات التجريبية السريرية للقاح “كوفيد 19”، ووضعت التجربة موضع التنفيذ وتم تطعيمي باللقاح”.

عن ظروف وملابسات أخذ القرار أوضح العبسي أنه جلس مع نفسه في لحظات صادقة واستعرض الفكرة التي كانت تختمر في عقله من أجل تبنيها فعليًا، وطرح على نفسه السؤال التالي “ما المخاطرة عندما أقدم على خطوة أخذ اللقاح؟ وما هي المخاطرة عندما لا أقدم على هذه الخطوة؟ فرجحت عندي فكرة الإقدام على أخذ اللقاح باعتبارها مخاطرة مستحقة أن تعاش بقناعة، وذلك بعد أن وجدت نفسي بأني في عمر يجعلني أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، لذلك رجحت كفة الإقدام على أخذ اللقاح”.

ويوضح أكثر “بعد أن أقدمت على أخذ جرعة اللقاح انتابتني عوارض جدًا بسيطة وهي الرغبة في النوم، وألم في موضع وخز الإبرة في اليد، وهو ألم متعارف عليه عند أخذ أي مصل من أمصال اللقاحات، واستمرت هذه العوارض لمدة يومين وتلاشت تمامًا”. وزاد على ذلك بالقول مقارنة: أخذت التطعيم المخصص للحج وكان أشد عليّ من لقاح كوفيد 19، حيث أصبت آنذاك بحمى وآلام بالجسم، طبعًا هذا ما تعرضت له أنا شخصيا وليس بالضرورة أن غيري أصابته ذات الأعراض. لكن مع أخذي للقاح كوفيد 19 لم أشعر لأي من هذه الأمور. وأكد العبسي أنه مرتاح جدًا ومطمئن للقاح، مشيرًا إلى أن كثيرين أبلغوه بأنهم أبدوا حماسة للإقدام على أخذ اللقاح بعد تجربته خصوصًا من هيئة تنظيم سوق العمل.

وجاءت مشاركة العبسي في التجارب السريرية للقاح فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) في مركز المؤتمرات، وهي القاعة الرئيسة التي يتم خلالها أخذ اللقاح المضاد، وأخذ العبسي وابنته الجرعة الأولى من اللقاح بعد أن أجريا الفحوصات اللازمة لأخذ الجرعة.

ونشر العبسي على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر” صورة له أثناء الحصول على الجرعة الأولى من اللقاح، وكتب “الحمدلله.. بعد الفحوصات تبين أنني مؤهل للمشاركة في التجارب السريرية، وأخذت الجرعة الأولى من اللقاح”. وسبق ذلك بتغريدة “بسم الله توكلنا على الله، قررت التطوع للتجارب السريرية للقاح كوفيد 19 وستدخل معي في التجربة ابنتي وإن شاء الله تكون تجربة ناجحة لأجل الإنسانية، لا يمكن أن نطلب وننتظر الحل الذي سيعيد لنا حياتنا الطبيعية، دون أن نقوم بدورنا في الوصول لهذا الحل، (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم)”.