+A
A-

القطاع المصرفي البحريني.. دعم الاقتصاد وتنمية الكوادر الوطنية

يشكّل البحرينيون 75 % من العاملين في القطاع المصرفي

مبادرة لتدريب 1000 مواطن خلال 5 أعوام

38 عامًا من التدريب والتأهيل للقطاع المصرفي داخل المملكة

 

شهدت مملكة البحرين أعمال المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية (WIBC) في دورته الـ 26، وبرعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، واختتمت أعماله مؤخرًا، أكبر وأعرق المؤتمرات المتخصصة في المنطقة، الذي يُلهم قادة البنوك والتمويل الإسلامي في العالم، لطرح سلسلة من المناقشات المتوافقة مع شعاره “الاتجاهات الكبرى في القطاعات المصرفية والتمويل”، ناهيك عن بحثه عددًا من الموضوعات كبناء رؤية مميزة تسلط الضوء على مقترح القيمة العالمية للتمويل الإسلامي، وبناء رؤية تسهم في تفادي التعقيدات المصاحبة للنظام المالي العالمي.

إنّ ما شهده القطاع المصرفي في مملكة البحرين، وتأهيل الكفاءات البحرينية، نتاج رؤية حكيمة من صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وقيادة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، وبمؤازرة ودعم من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس التنمية الاقتصادية، إضافة لخطوات البحرين المستمرة لدعم الاقتصاد الوطني، وريادة الاقتصاد العالمي، وضمن رؤية البحرين 2030.

مبادرات وطنية

لقد سبق المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية بأيام، مبادرة وطنية أطلقتها مجموعة من البنوك الإسلامية في المملكة لتأهيل 1000 خريج بحريني للعمل في القطاع المصرفي وغير المصرفي خلال الخمسة الأعوام المقبلة، بالتعاون مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وصندوق العمل “تمكين”، وصندوق الوقف التابع للبنوك الإسلامية، كما تحظى هذه المبادرة بمباركة مصرف البحرين المركزي أيضاً، وتهدف هذه المبادرة الوطنية إلى منح الشباب البحريني الثقة والتحفيز، وتقديم دور أكبر له في مسيرة التنمية الشاملة في المملكة، خاصة وأن هذه المبادرة تأتي ضمن المسؤولية الاجتماعية للمصارف الإسلامية، ومن منطلق برنامج العمل الحكومي (2019-2022)، الذي يهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص، ومنها قطاع المشروعات المالية الذي تصّدر قائمة القطاعات غير النفطية من ناحية مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من عام 2019 بنسبة بلغت 16.4 %.

هذه المبادرة، جاءت لتؤكد ريادة مملكة البحرين في القطاع المصرفي التقليدي والإسلامي، وقدرتها على خلق الكفاءات الوطنية الرائدة، والمشهود لها في كافة دول المنطقة والدول الإقليمية، التي تبوأت مختلف المناصب القيادية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وقد كشفت الإحصاءات الرسمية التي حصل عليها عضو مجلس النواب إبراهيم النفيعي، أن نسبة البحرينيين في وظائف القطاع المصرفي بلغت 75 %، وهي من النسب المرتفعة عالميًّا، حيث تعتبر الكفاءات البحرينية من الأفضل في هذا القطاع والخيار الأول لأصحاب المال والأعمال.

وضمن برامج التدريب التي تتبناها المملكة، ويعتبر برنامج “فرص” الذي يقدم فرص منح وفرصًا تدريبية للشباب البحريني في العديد من الشركات والمؤسسات من أحدث تلك المبادرات، التي تؤكد استمرار سياسة حكومة مملكة البحرين في جعل العنصر البحريني الأكثر كفاءة، ناهيك عن توفير فرص عمل جديدة للمواطنين.

احتياجات السوق وتأهيل الكفاءات

إن إدراك مملكة البحرين حاجة السوق لكفاءات مؤهلة، أفرز تخريج جامعات مملكة البحرين سنويًّا، مئات الطلبة من مختلف تخصصات إدارة الأعمال، حيث أسست البحرين أول معهد للدراسات المصرفية والمالية، والمعروف بـ BIBF، عام 1981، ثم تأسست كلية إدارة الأعمال، إحدى أقدم الكليات في جامعة البحرين الوطنية، عام 1986، تبعتهم كليات إدارة الأعمال في الجامعات الخاصة، وجامعة بوليتكنك البحرين، وغيرها من المؤسسات الأكاديمية الرائدة، التي رفدت القطاع المالي والمصرفي في البحرين والمنطقة بالكفاءات المدربة والمؤهلة للريادة.

ومؤخرًا، أطلقت جامعة البحرين برنامجًا جديدًا للبكالوريوس في الصيرفة الإسلامية، بهدف ضخ الكفاءات المدربة في القطاع المصرفي الإسلامي، وتحقيق المزيد من الريادة في كافة القطاعات المالية والمصرفية، وذلك في سياق الجهود الكبيرة التي تقوم بها البحرين لتأهيل الكفاءات الوطنية.

ويأتي احتفال مملكة البحرين هذا العام، بمئوية القطاع المصرفي، الذي بدأ العمل في العام 1919، كأحد أقدم القطاعات في مملكة البحرين، ما جعلها رائدة إقليميًّا في لعب دور مهم في الصناعة المصرفية، وبعد 100 عام على بدء العمل المصرفي في البحرين، بلغت مؤسسات القطاع المالي في المملكة 385 حتى ديسمبر 2018، بحسب ما أعلنه مصرف البحرين المركزي، مقسمة إلى 30 مصرفًا في قطاع التجزئة، و68 مصرفًا في قطاع الجملة، و16 فرعًا للمصارف الأجنبية، و7 مكاتب تمثيلية، كما تشمل هذه المؤسسات 36 شركة تأمين و52 شركة أعمال استثمارية و53 شركة مرخصة متخصصة، وينفرد هذا القطاع بحسب مصرف البحرين المركزي، بأكثر من 85 % من إجمالي الموجودات المالية في المملكة، وبلغت قيمة أصول القطاع المصرفي مع نهاية 2018 أكثر من 192 مليار دولار أميركي، أي أكثر من خمسة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبحرين.

ومؤخرًا، كشف مصرف البحرين المركزي، أن شركة “بوابة ترابط” أنهت بنجاح مرحلة البيئة الرقابية التجريبية، بعد أن حصلت على موافقة المصرف المبدئية لمزاولة “الخدمات المصرفية المفتوحة”، التي ستتيح للعملاء الوصول إلى جميع حساباتهم المصرفية في مختلف البنوك على منصة واحدة، وهي خطوة رائدة في المنطقة، كما وحصلت منصة “رين” على ترخيص “وحدة الأصول المشفرة” (CRA) من مصرف البحرين المركزي، مطلع العام الجاري، لتصبح أول منصة لتداول العملات المشفرة في الشرق الأوسط تحصل على ترخيص كامل لهذا النشاط من جهة تنظيمية وتنضم إلى مجموعة محدودة من أفضل المنصات الدولية لتداول العملات المشفرة.

وأدت تلك الخطوات إلى أن يساهم القطاع المصرفي يساهم بـ 17 % من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة في 2018، فيما يساهم حتى الربع الثاني من 2019، بنسبة 16.4 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أكبر قطاع غير نفطي، فيما يوفر هذا القطاع أيضًا أكثر من 14 ألف وظيفة، وهما المحرك الرئيس للنمو غير النفطي في المملكة، الذي تسير مملكة البحرين باتجاه تنويع مصادر الدخل من خلال دعم مختلف القطاعات، بحسب ما أعلنه رئيس مجلس إدارة جمعية مصارف البحرين والرئيس التنفيذي لمجموعة البركة المصرفية عدنان أحمد يوسف.

البحرين والصيرفة الإسلامية

وبالعودة إلى الصيرفة الإسلامية، التي استضافت المؤتمر العالمي الخاص بها، فإن مملكة البحرين ومنذ عام 1991 تقود القطاع المالي المصرفي الإسلامي، حيث تأسست هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية والإسلامية، “الأيوفي” وهي إحدى أبرز المنظمات الدولية غير الربحية الداعمة للمؤسسات المالية الإسلامية، واتخذت البحرين مقرًّا رئيسًا لها، لتصدر من المملكة أكثر من 100 معيار حتى الآن في مجالات المحاسبة والمراجعة وأخلاقيات العمل والحوكمة بالإضافة إلى المعايير الشرعية التي اعتمدتها البنوك المركزية والسلطات المالية في مجموعة من الدول باعتبارها إلزامية أو إرشادية.

وتصدرت البحرين دول الخليج العربية، وحلت في المرتبة الثانية عالميًّا في مؤشر تنمية التمويل الإسلامي (IFDI) ضمن تقرير تنمية التمويل الإسلامي السنوي، الذي تصدره المؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص بالتعاون مع شركة (ريفينتيف)، وهي المزود لبيانات الأسواق المالية، حيث يشكل هذا التصنيف المرتفع للبحرين شهادة إقليمية ودولية للدور الذي نتج عن تكاتف جهود مجلس التنمية الاقتصادية ومصرف البحرين المركزي وشركائهم من القطاعين العام والخاص في ضوء مفهوم “فريق البحرين”، حيث يقع قطاع الخدمات المالية ومن ضمنه الصيرفة والتمويل الإسلامي ضمن القطاعات التي يدعمها المجلس ويسعى إلى استقطاب الاستثمارات المباشرة إليها لخلق الوظائف في السوق المحلية.

وتضم مملكة البحرين 6 مصارف إسلامية في قطاع التجزئة و15 مصرفًا إسلاميًّا في قطاع الجملة و14 نافذة تابعة للمصارف التقليدية و6 شركات تأمين تكافلي وشركتان لإعادة التكافل تمارس نشاطها في البحرين، بحسب البيانات المنشورة من قبل مصرف البحرين المركزي، حيث تصدرت البحرين المركز الأول عربيًّا من حيث عدد المصارف المدرجة على قائمة أكبر 60 مصرفًا إسلاميًّا، والمركز الثاني من حيث عدد المؤسسات المالية الإسلامية على مستوى الدول العربية، وفقًا لتقرير اتحاد المصارف العربية حول القطاع المصرفي الإسلامي العربي عام 2017.

وفي مجال الصكوك الإسلامية بلغ الرصيد القائم للأدوات الإسلامية التي تتعامل بها البحرين، بحسب آخر نشرة إحصائية صادرة عن مصرف البحرين المركزي، 2.595 مليار دينار حتى أكتوبر 2019، منها 2.466 مليار دينار كصكوك تأجير إسلامية، و129 مليون دينار تحت بند “صكوك السلم الإسلامية”.

كما أسست البحرين صندوق الوقف، بمبادرة من مصرف البحرين المركزي، ويضم في عضويته 18 مؤسسة مالية إسلامية، حيث يعمل في مجال لتمويل البحوث والتعليم والتدريب في مجال الخدمات المالية الإسلامية (وهو يعمل في شراكة مع القطاع والهيئات المعنية بوضع المقاييس وتوحيد المعايير المتبعة في الأسواق).

لقد حظيت الخطوات السابقة، والمكانة التي وصلت لها البحرين، بإشادات واسعة خلال أعمال المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية (WIBC) في دورته الـ 26، حيث أكد مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وآسيا، جهاد آزور، في تصريح صحافي على هامش المؤتمر، أن للبحرين دور ريادي كبير في مجال الصيرفة الإسلامية، الذي أصبح خلال 25 عامًا من أهم القطاعات في العالم، ومملكة البحرين مركزًا أساسيًّا في هذا المجال.

ومن الجدير بالذكر أن كل الخطوات التي تمت والإجراءات التي تحققت، جاءت ضمن رؤية البحرين الاقتصادية 2030، الهادفة لتنويع مصادر الدخل البحريني، ودعم الاقتصاد بكافة قطاعاته، لضمان الحياة الكريمة للمواطن البحريني، الأمر الذي نتج عنه زيادة دخل الأسرة البحرينية 47 % منذ انطلاق رؤية البحرين 2030، فضلاً عن رفع الناتج المحلي الإجمالي ووصوله إلى 13 مليار دينار، وزيادة دخل القطاعات غير النفطية، وهو ما يضمن اقتصادًا مستدامًا في مملكة البحرين، يقوم على الكفاءات الوطنية، التي دعمت الحكومة تدريبهم، ووفّرت لهم فرص عمل تتلاءم مع خبراتهم ومهاراتهم.