+A
A-

نشر ثقافة الحقوق والواجبات وترجمة المسؤولية الوطنية إلى أفعال

استندت الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة على أهداف رئيسة أولها ترسيخ قيم الولاء والانتماء والتسامح والاعتدال والالتزام بالوحدة الوطنية، وكذلك الاعتزاز بالهوية الخليجية والعربية والإسلامية والقيم الإنسانية، وربط الحاضر بالماضي، وتعميق المعرفة بالتاريخ الوطني والاعتزاز بالإنجازات الحضارية.

ولم تغفل الأهداف جانبان مهمان آخران هما إتقان مهارات الحوار الوطني عند مناقشة الحلول والمشكلات الوطنية، وترسيخ وفهم الواجبات والمسئوليات الوطنية، وانطلاقًا من توجيهات عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ومبادرة وزير الداخلية الفريق أول ركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة رئيس لجنة متابعة تنفيذ الخطة الوطنية لتعزيز الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة، التي تم تدشينها رسميًا في مارس الجاري، فإن مجموعة من الثوابت البحرينية، باعتبارها أسسًا ومبادئ وقيمًا ثابتة تقوم عليها الدولة المستقرة، هي المرتكزات للخطة بما تشملها من ثوابت الدين الإسلامي، الاستقلال الوطني، ميثاق العمل الوطني والدستور، النظام الملكي، الانتماء الخليجي والعربي، الوحدة الوطنية، اللغة العربية، العادات والتقاليد الأصيلة، التعايش السلمي والاعتراف بالآخر والتعددية الثقافية، وحرية ممارسة الشعائر الدينية.

بلورة الأهداف إلى نتائج

وتكمن أهمية الخطة في أبعادها التنموية، إذ يرى رئيس قسم شؤون المجتمع بمحافظة العاصمة أحمد الربيع أن بنود الخطة الوطنية أوردت مرتكزات أساسية تمثل في تكاملها إستراتيجيات للعمل الوطني وفق توجيهات جلالة الملك، وتأتي على قائمة العمل مبادرة وزير الداخلية بما تضمنته من مسارات جوهرية.

إن الحفاظ على الهوية الوطنية مسؤولية كبيرة وأعلى مراتبها الشراكة المجتمعية في صيانة الوحدة الوطنية، وهنا نؤكد مشاركة مؤسسات المجتمع، الحكومية والأهلية، في تقديم البرامج والأنشطة وتنظيم الفعاليات لمختلف الشرائح والفئات العمرية ليشارك الجميع في بلورة الأهداف إلى نتائج على أرض الواقع، وهذا ما نأمله من الجميع بإيمانهم واعتزازهم بدورهم الوطني.

نشر ثقافة الحقوق والواجبات

ووفقًا لمتطلبات إنجاح التوجه، فإن شريحة الشباب من أهم الشرائح المجتمعية التي يمكنها القيام بأدوار فاعلة، ويذهب رئيس جمعية ملتقى الشباب البحريني حسين الإسكافي إلى الحاجة لشرح مفهوم الانتماء الوطني وترسيخ قيم المواطنة بدقة ووضوح مع تأصيل دقيق وعميق لهذا المفهوم، مرتبطًا بالحاجة إلى نشر ثقافة حقوق وواجبات المواطن، عن طريق طرح برامج توعية مكثفة تتناولها وسائل الإعلام كافة: تلفزيون، إذاعة، صحافة، إضافة إلى جميع وسائل التواصل الاجتماعي.

تفعيل دور المراكز الشبابية

إن من الأهمية بمكان - كما يرى الإسكافي - التركيز على أن الانتماء الوطني وتعزيز قيم المواطنة عبارة عن سلوك عملي، وهو شعور بالمسؤولية يترجم إلى أفعال حقيقية وليس أقوالا بعيدة عن أرض الواقع. من جانب آخر، فإن تفعيل دور المراكز الشبابية التابعة لوزارة الشباب و الرياضة - إضافة إلى الجمعيات الشبابية التابعة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية - ينطلق من منحهم الدعم اللازم (المادي واللوجستي) بما يمكّنها من تنفيذ برامج وأنشطة تطوعية يسهم فيها الشباب من الجنسين في جميع قرى ومدن المملكة، بما يحقق ويرسخ الشعور بالمسؤولية الاجتماعية لدى الفرد، وتعميق الإحساس بالمساواة بين أفراد المجتمع وضمان تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، علاوةً على سن قانون خدمة العلم كما هو معمول به في العديد من الدول العربية وهو خاص بالذكور، وبالإمكان الاطلاع على تجارب الدول الأخرى في هذا الشأن ومنها المملكة الأردنية الهاشمية على سبيل المثال.

التأثير الفاعل لمؤسسات المجتمع

ودون ريب، تمثل المؤسسات الاجتماعية والدينية ركنًا مهمًا بأدوارها في نشر قيم المواطنة والانتماء وغرسها في نفوس الأطفال والناشئة والشباب، ومن هنا، رئيس مجلس إدارة مأتم قرية مقابة سيدجعفر سيدمهدي الشرف أن المشاركة في إنجاح مسارات الخطة الوطنية - سواء للمؤسسة الدينية على اختلافها أو المؤسسات المجتمعية عموما - يلزم أن تكون لديها المرئيات ذات التأثير الفاعل، فالمؤسسات التي تنشط باستقطاب المواطنين في برامجها وفعالياتها، تكون أمامها الفرصة سانحة لاستضافة المتخصصين وذوي الخبرة في المحاضرات والحلقات النقاشية وورش العمل لطرح موضوعات تسهم في رفع ثقافة ووعي المجتمع، لاسيما الأطفال والناشئة والشباب، وتغذيهم بالمعاني الوطنية وقيم المجتمع البحريني الأصيلة، فمن جملة فوائد هذا العمل هو تحصين المجتمع من الأفعال أو السلوكيات التي لا تتوافق مع طبيعة المجتمع البحريني، وتتصدى لأية أفكار دخيلة، والخلاصة، أن الكل مؤمن بالقيام بأي دور وعمل لخدمة الوطن الغالي.

رسائل إعلامية تحقق التفاعل

ولخبرته في المجال الصحافي والإعلامي، ينظر جاسم محمد سبت إلى الأهمية التي يمثلها الجهد الإعلامي المدروس ضمن خطة وطنية تشارك فيها مختلف أجهزة الإعلام، التقليدية منها والحديثة، في أداء متناسق مع الجهود الرسمية والأهلية، فمبادرة وزير الداخلية تعد من المبادرات الإستراتيجية ذات الأبعاد المؤثرة في نشر منظومة قيم وطنية رفيعة، ومن هنا، فإن للإعلام دورا أساسا في تحقيق التفاعل المجتمعي والتواصل مع جمهور المواطنين، على أن تكون الرسائل الإعلامية واضحة وتحمل الأهداف وتوصلها إلى الناس وترصد ردود الأفعال والاستجابة.

التطلع لمزيد من المبادرات

وللشراكة المجتمعية، أثرها النفسي والثقافي لنجاح البرامج الوطنية، وعلى هذا الصعيد، يؤكد اختصاصي الإرشاد النفسي سعد عيد صالح أنه مما لا شك فيه، فإن الجهات الحكومية والأهلية تقدم العديد من البرامج المعنية بتعزيز الانتماء الوطني لدى الشباب والناشئة، فعلى الصعيد الحكومي أصبحت المواطنة ضمن مناهج وزارة التربية والتعليم، كما أن وزارة الشباب والرياضة تدعم العديد من البرامج الرياضية والثقافية الموجهة للشباب، والتي تصب في ذات السياق، وغيرها العديد من المبادرات التي تأتي من هنا وهناك من مختلف الجهات الحكومية. ويضيف “وجه ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الأولمبية البحرينية سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، لتنفيذ العديد من المبادرات التي تعزز الهوية الوطنية وتحث على التمسك بالموروث الشعبي الذي توارثناه عن الآباء والأجداد، ولهذا فإننا في حاجة لمزيد من المبادرات والبرامج المعززة للانتماء الوطني، بل من الضروري وجود خطة وطنية لهذا النوع من البرامج تتضافر فيها جهود الجهات الحكومية والأهلية بما ينعكس إيجابًا على الشباب والناشئة”.