+A
A-

تحت الشمس مباشرة... “نفرات في صوم نفرات ما في صوم”

حلف أنه صائم.. بل “أراد أن يبصم بالعشر” على أنه وصديقيه صائمان! وحتى لو تطلب الأمر أن يفطروا ضمن رخصة شرعية بسبب الإجهاد أو شدة العطش فإنهم يصرّون على التحمل ومواصلة الصيام فهذا ما تعودوا عليه منذ سنين.. ولكن ما هي إلا دقائق بعد أن غادرنا موقعهم، حتى جاءت سيارة صغيرة محملة بـ”بارسلات الغديات”، كما تشاهدونها في الصورة المرفقة مع هذا الموضوع.

الوقت المحظور..اشتداد الظهيرة

على أية حال، فإن هناك المئات وربما الآلاف ممن يعملون في بعض الأحيان تحت أشعة الشمس المباشرة ووقت اشتدادها عند الظهيرة، منهم مواطنون كالموظفين في القطاعات الخدمية الميدانية والمنتسبين إلى الأجهزة الأمنية كرجال الشرطة وشرطة المرور والجيش، ومنهم المفتشين في مختلف الأجهزة والهيئات وكذلك في المحافظات، إلا أن الغالبية العظمي من العمال الذين يواجهون مصاعب العمل في شهر رمضان المبارك تحت أشعة الشمس المباشرة ولمدد طويلة، حتى قبل الوقت المحظور العمل فيه وفق قرار رقم (3) لسنة 2013، نقول إن الغالبية هم من العمال الوافدين من مختلف الجنسيات.

وعودًا إلى بدء، مع سيارة “بارسلات الغديات”، ابتسم أحدهم بالقول: “نفر واجد تعبان.. هار هار واجد.. نفرات في صوم.. نفرات ما في صوم.. روزا روزا”، وبالنسبة للصيام “روزا”، فإننا في هذا التقرير لم نعمل كسياط على رقاب خلق الله! فليس من شأننا صاموا أم لم يصوموا، ولكن لننقل صورة “قلمية” لبعض المواقع، ومدى التزام المنشآت ومواقع العمل بتوفير أوقات الراحة المطلوبة للعمال، سواء في فترة تطبيق قرار منع العمل وقت الظهير أو قبله.

صيام مع شدة التعب

كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة والنصف من ظهر يوم الأربعاء 22 مايو ونحن نتجوّل ضمن “جولة البلاد الرمضانية”.. إن التحرك في السيارة مع التكييف أمر لا بأس به حتى وإن كان مستوى البرودة ضعيفًا! فهو أهون من النزول لعدة دقائق تحت أشعة الشمس، وهذا ما كان مع المهندس محمد علاء الذي يرافق أحد أصدقائه في مواقع عمل، ولهذا فإنه يقول إن الكثير من العمال هنا يواصلون الصيام مع شدة التعب، فيما أن هناك البعض الآخر لا يصوم، والأمر على أية حال متروك للعبد فهذا شأنه بينه وبين ربه، والحمد لله على نعمة الصيام ونسأل الله التوفيق للجميع.

ابتسامته.. شقاقية “ما في آكل”

وعلى الرغم من الخضرة والماء، فوجه “محمد أمير” ليس “حسنًا” على الإطلاق وهو يعمل في زراعة أحواض نباتية وسقايتها بالماء، لكنه يقول مصرًّا ومؤكدًا أنه يعمل في هذا الحر الشديد ويستمتع بعمله ويكمل صيامه ولا يفطر أبدًا إلا في الضرورة وهذا لا يحدث إلا نادرًا، ولعلّه من خلال “ابتسامته الشقاقية” يصدقنا القول، ونتركه لنمضي وهو يكرّر وراءنا: “أنا لازم روزا.. ما في آكل”.

تحويل العمل للفترات الليلية

العمل تحت أشعة الشمس في سائر أيام فصل الصيف مرهق وقاتل أحيانًا! فما بالك في شهر رمضان المبارك، ولهذا فإن قطاعات كثيرة حوّلت العمل إلى الفترات الليلية خلال الشهر الفضيل، وعودًا إلى التذكير بالقرار رقم (3) لسنة 2013 بشأن حظر العمل وقت الظهيرة في الأماكن المكشوفة، والذي تشرف على تنفيذه وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في الفترة ما بين الساعة 12 ظهرًا وحتى الرابعة عصرًا ففي الغالب يتم تنفيذه في الفترة من يوليو حتى نهاية أغسطس من كل عام، وذلك من أجل تعزيز أدوات الحماية اللازمة لوقاية العمال من أمراض الصيف والإصابات المهنية المحتملة، بما في ذلك تنظيم ساعات العمل لضمان عدم تأثر إنجاز المشاريع والأعمال التي تقوم بها في جميع محافظات مملكة البحرين.

وفي الوقت ذاته، وكما هو معلوم من بيانات وتصريحات سابقة صادرة عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، فإن الوزارة تهتم ببحث المؤسسات ودعوتهم إلى توعية العمال بشأن أمراض الصيف، والوقاية منها عبر بيان مخاطر العمل في فترة الصيف، ومنها الإجهاد الحراري الذي يعد من أخطر الأمراض التي قد تلحق بالعمال نتيجة تعرضهم لأشعة الشمس مباشرة وخاصة خلال ساعات فترة حظر العمل المذكورة، وتدريبهم على الإسعافات الأولية وإيجاد الحلول الفنية المناسبة لتقليل درجة الحرارة في مواقع العمل المختلفة، وتقديم الرعاية الصحية المناسبة لهم، فضلاً عن توفير المياه الكافية والأغطية الواقية للرأس والقفازات والأحذية المناسبة للعمال، وذلك حفاظًا على سلامتهم.

أهم شي “ايسيات الناس”

نعود إلى العمال ومع العامل زاهد عمران الذي لا يكترث لحرارة الشمس أبدًا، لكنه في الوقت ذاته يشكر مشرف العمال غير المسلم والذي يتعاون معهم في تخصيص أوقات للراحة وكذلك اختيار الأماكن المظللة للعمل ولا يتشدّد معهم، وزاهد بالفعل زاهد في الحياة على ما يبدو، فالصوم بالنسبة له من العبادات التي تفتح له الطريق للتوفيق والنجاح، أما شاهين سليمان فلا يخفي القول ولا يظهره.. فلم يبين لنا ما إذا كان صائمًا أم لا.. ولا ندري أصلًا ما إذا كان مسلمًا أم غير مسلم، كما لا ندري ما إذا كان اسمه هذا حقيقيًّا أم لا، لكن على أية حال هو يقول بأن شهر رمضان يكون فيه العمل صعبًا من أجل تلبية متطلبات الزبائن الكرام وأهم شي “ايسيات” الناس! فالمنازل التي تتعطل فيها أجهزة التكييف أو الثلاجات في هذا الحر وفي موسم مهم كشهر رمضان، يتعرّض أصحابها للكثير من المشاكل، لهذا فنحن نعمل من الصباح الباكر حتى ساعات متأخرة من الليل لكي نساعد الناس ورمضان كريم.