+A
A-

اللقيمات والقطايف... من أين جاءت؟

تتنوع أطباق مائدة شهر رمضان المبارك وتختلف في كل بيت، إلا أن الغالبية تعتمد على إثراء مائدتها بالأطباق الشعبية القديمة تتقدمها “اللقيمات” الذهبية، التي وصفها البعض بنجمة مائدة رمضان الى جانب القطايف الذي لا يخلو بيت في الشهر الفضيل منه خصوصا بالقشطة والجبن.. فمن اين جاءت هذه الحلويات الينا؟

أهالي منطقة الخليج يتفقون على حب اللقيمات وتحضيره في رمضان، إلا إن الاختلاف يكون في طبيعة العجينة فالبعض يفضلها مقرمشة والبعض الآخر يفضلها قطنية، بالإضافة إلى “التشريبة” فهناك من يفضلها بشيرة السكر أو بدبس التمر.

“اللقيمات” هي حلوى منزلية على شكل كرات هشة وبعد قليها يتم غمرها في العسل، وتعرف في مصر والعراق “لقمة القاضي”، وفي مسميات أخرى “الزلابية”، وتسمى في اليونان وقبرص “لوكو ماديس”. ويقال أن أصلها في بغداد وكان القاضي في أول عمله، يتقاضي هذه الحلوى كراتب، لذلك سميت ب”لقمة القاضي”، وانها انتقلت بعد ذلك لسائر الدول العربية واختلفت مسمياتها. ورواية أخرى تقول إن أصولها يونانية وتم نقلها من خلال محلات الحلويات اليونانية في مدينة الاسكندرية المصرية، ولتنتقل بعدها إلى كل الدول العربية. وستجد “اللقيمات” أو “لقمة القاضي” في غالبية دول الشرق الأوسط والبحر المتوسط، ولكن بأسماء مختلفة، ولكن تظل الحلوى واحدة مع إضافات حسب كل منطقة، ففي الخليج يضاف لها لون الزعفران، وتحشى بالجبن أحيانا.

وبدأت بعض النساء في المنطقة بادخال تغيرات جديدة على اللقيمات مثل استبدال دبس التمر بشوكولاة النوتيلا وزبدة اللوتس والتزيين بالفستق المبشور، وكذلك إضافة ملونات الطعام، لا يزال بالإمكان رؤية نساء الخليج وهن يقلين حلوى اللقيمات المصنوعة يدوياً في وقت دخلت المطاعم حلبة المنافسة على تقديم حلوى اللقيمات، من خلال تشكيلة من النكهات والإضافات التي تساهم في جذب الكثير من الزبائن.

وسواء كانت محشوة بالجوز أو الجبن، للقطايف عشاق كثر، تاريخيا تعود للعصر الأموي، إذ يعد الخليفة سليمان بن عبد الملك الأموي أول من تناولها في رمضان لاحتوائها على الكثير من السكر. وفي رواية أخرى، كان الطهاة في العهد الفاطمي يتنافسون على تقديم أجمل ما تصنعه أيديهم للسلطان للحصول على رضاه، فقام أحدهم بصنع فطائر محشوة بالمكسرات وزينها بشكل جميل، ومن روعة لذتها تهافت عليها الحاضرون وهم “يقطفون” الحبات من بعضهم البعض، فأسماها صاحبها بالقطايف. الرواية الأخيرة تقول إن أصل القطايف من الأندلس، حيث انتشرت في المدن العربية هناك، ومنها انتقلت إلى بلاد الشرق في العهد الإسلامي. فكما اختلف الكثيرون حول تاريخها، اختلفوا أيضًا حول ارتباطها بالشهر الفضيل، حيث رأى البعض أنّ ذلك يعود كما قيل للعصر الأموي، وأنّ الخليفة سليمان بن عبد الملك تناولها في شهر رمضان، بينما يرى الغالبية أنّ “القطايف” أصبحت أحد طقوس شهر رمضان، لأنّه يتم صنعها على شكل هلال نسبة لهلال الشهر!

ولفرط لذتها، تغنّى بها الشعراء في قصائدهم وأبياتهم، وعبّروا عن عشقهم لها في عصور مختلفة، وقارنوها بنظيرتها “الكنافة” بأسلوب فكاهي يوحي بالتنافس بينهما، ومنهم أبو الحسين الجزار، إبان عصر الدولة الأموية، حيث قال:

وما لي أرى وجه الكنافة مُغضبًا.. ولولا رضاها لم أرد رمضانها

تُرى اتهمتني بالقطايف فاغتدت.. تصُدُ اعتقادًا أن قلبي خانها

ومُذ قاطعتني ما سمعت كلامها.. لأن لساني لم يُخاطب لسانها.

وقال زين القضاة السكندري، واصفًا إياها بعُلب مصنوعة من العاج محشوة بحجر الزبرجد:

لله در قطائف محشوة.. من فستق دعت النواظر واليدا

شبهتها لما بدت في صحنها.. بحقاق عاج قد حشين زبرجدا.