+A
A-

الأمل المنهك

الأمل يعني توقع. التوقع يعني انتظار، الانتظار يعني قلق.

فلذلك منهك، يصبح ألمًا وإن بدا أملًا! فشخص يمر بظروف سيئة مادية، معنوية، صحية، أيًا كانت، يأتي إليه آخر على اعتبار أن يساعده فيخنقه بقصص ومواعظ مقصدها أن يكون لديه أمل بتغيير حاله. فيزيد صاحبه المبتلى ضغطا نفسيا إضافيا وهو الآمل بأن يتغير حاله. فيصبح قلقًا لانتظاره التغيير! مما يتعبه أكثر لا يساعده.

هناك خلط بين أن أعزي أحدًا وأواسيه في مصابه وبين أن أزيده غمًا بأن أشعره بأن ما يمر به هيّن وأن عليه التغيير وأنه لا يجب عليه أن يحزن أو حتى يبكي! لست ضد المواساة والتعزية، لكن لست من محبي الأمل. أنا مع التفاؤل بأن أؤمن أن الحال لا يدوم حسنه ولا سيئه، وأن المبتلى مأجور، وأن الله لا يضيع له تعبًا ولا حزنًا. وأن من حقه أن يحزن ويبكي ويتوقف ليستجمع قواه. وأن ما أصابه ليس بهين، وأنه صبر والله لا يضيع أجر الصابرين. وأنه قوي والله لا يكلف نفسًا إلا وسعها. وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه. وأن عليه أن يتعامل مع الوضع كما هو دون مخدر “الأمل”؛ لأن نشوته لحظة وعذابه طويل. أن يفعل ما يسعده وما يستطيعه دون انتظار أي شيء، لأن الانتظار للضعفاء وأنت لست كذلك. سيتغير الحال لا محالة ولكن رفقًا بأنفسنا ومن حولنا.

فاطمة الجمعة