+A
A-

جابري: التعايش المشترك سمة البحرين

نظم مجلس جابري الثقافي أخيرًا بقرية الجسرة، ندوة بعنوان “البحرين جزيرة التسامح”، قدم ورقتها عضو مجلس الشورى محمد الخزاعي، وأدارتها باهرة جابري، وسط حضور لافت لعدد من المهتمين والمتابعين لشؤون التسامح والتعايش الديني في البحرين.

ورحبت باهرة جابري بجمع الحضور الذين اكتظت بهم قاعة المجلس، مؤكدة أن التعايش المشترك سمة تلازم البحرين منذ التأسيس الأول، بالرغم من الاختلافات الثقافية والدينية، مضيفة “نتشارك جميعًا في بوتقة واحدة، وهي بوتقة الإنسانية”.

وأضافت جابري “التسامح والتعايش والتآخي جاءت بكل الكتب السماوية المقدسة، بأن نتمازج إخوة، وشركاء على هذه الأرض الطيبة”.

واحة السلام

بعدها، استلم الخزاعي طرف الحديث، قائلًا “تظل البحرين دائمًا واحة للسلام والأمان لجميع القاطنين فيها، ولاشك أن كثيرا منا يعلم بأنه ومنذ أقدم العصور عرفت البحرين نتيجة لاتصالها بحضارات العالم، والانفتاح والتسامح، فحضارة دلمون القديمة كانت صلة وصل بين حضارات المشرق القديمة، الهندوسية والفارسية، وحضارة ما بين النهرين، والتي كانت قائمة على التجارة والتي كانت تحتم على الناس التعامل مع غيرهم من البشر، بغض النظر عن ثقافتهم وديانتهم”. وتابع “لذلك كانت ثقافة المجتمع تقوم على التسامح، واحترام مشاعر الآخرين، وعدم التمييز بين الناس بسبب المعتقد، وبتطور الأزمان تطور المجتمع البحريني من مجتمع حضارة دلمون التي كانت مهدا لحضارة إنسانية عريقة؛ بسبب صلاتها بحضارة وادي الرافدين الآشورية، والتي كان ينظر إليها سكان تلك الحضارة باحترام، وتبجيل؛ بسبب اعتقادهم أن دلمون لها طبيعة مقدسة”. وأردف الخزاعي “تغنى بدلمون شعراء الملاحم القديمة، واعتبروها جنة الكون، بسبب خضرتها، وصفاء مائها، كما أن البعض منهم كان يفضل أن تنقل وتدفن فيها رفات موتاهم؛ لأنها أرض مقدسة، وأرض للخلود، ولربما ولهذا السبب وجد علماء الآثار، أن البحرين بها واحدة من أقدم مقابر ما قبل التاريخ، ولعل المدافن التلية المنتشرة في شمال ووسط جزيرة البحرين، شاهد على حضارتها القديمة”. ومضى قائلا “وتحيي لنا ملحمة جلجامش الشهيرة، كيف أنه سعى إلى دلمون بحثًا عن زهرة الخلود بمياه الخليج المحيط بها، وبذلك يعتبر هذا الملك الآشوري أول غواص في تاريخ المنطقة، وربما تعلم الغاصة الذين امتهنوا صناعة الغوص على اللؤلؤ أسرار هذه المهنة من هذا الملك الأسطوري”.

ويقول، وسط انتباه جمع الحضور “قبل دخول البحرين في الإسلام، كان سكانها يشكلون خليطًا من الوثنيين، ومن أهل الكتاب، حيث كان يوجد في المحرق وبالتحديد في سماهيج، دير للرهبان المسيحيين، وهذا يدلنا بشكل لا لبس فيه على ثقافة التسامح التي يتمتع بها أهل البحرين، منذ قديم الزمان”.

وأضاف الخزاعي “من ينظر لوضع البحرين الآن، يجدها واحة للسلام، والتآلف، والتسامح، وفي البحرين توجد مئات المساجد، والمآتم، إضافة لعدد من الكنائس، والمعابد، لمختلف الديانات، وبسبب ثقافة التسامح، والتعايش، بين مختلف الديانات في مجتمع البحرين، تميز عن غيره من مجتمعات الخليج، بوجود جاليات متنوعة من غير المسلمين، الذين يلقون معاملة إنسانية من غير تميز أو تفرقة”.

حرية للأقليات

وتابع “ولربما ما يميز مدينة المنامة عن غيرها من المدن في البحرين، أنها كانت - ولا تزال - مركزًا أمميًا، حيث تجد أحياءها تعج باليهود والمسيح والهندوس، والوثنيين، والجميع يمارس طقوسه الدينية، وحياته الخاصة، بكل حرية”.

ويردف “شخصيًا، نشأت وترعرعت بأحد الأحياء القديمة في مدينة المنامة، والقريبة من شارع الشيخ عبدالله، والذي كان عبارة عن شريان حياة في ذلك الوقت، وعندما تعود بي الذاكرة إلى أيام الصبا، لازلت أتذكر منزلنا القديم، وجيراننا الذين كانوا يحيطون بنا، وفي مقابل البيت كان هنالك مسكن لعائلة هندوسية، وإلى الغرب منا، ملاصقة لنا، كان هنالك عائلة مشهورة من قرية دمستان، هي عائلة الحاج أحمد الطويل، وبجانبه مسكن عائلة باكستانية، وأخرى سعودية من الأحساء، وليس بعيد عنا مساكن لعوائل يهودية، ونصرانية”.

ويضيف الخزاعي قائلًا “كان هذا مجتمع البحرين الذي عرفته، والآن لا يستطيع أحد أن ينكر أن الغالبية من السكان المحليين الذين يدينون بالدين الإسلامي، فإن الجاليات والأقليات الأخرى، تعيش في أجواء من التعايش، والحرية، والممارسة الدينية، لمعتقداتها التي كفلها ميثاق العمل الوطني، ودستور البلاد”.

وأبان “خير دليل على هذه الأجواء الفريدة، وجود العديد من الكنائس، والمعابد، فممارسة الحريات الدينية يشير لتميز نمط العيش المشترك الذي اعتاد عليه المواطنون والمقيمون في هذا البلد على حد سواء”.