+A
A-

علي الديلمي... محترف “التأمين” بمختلف ضروبه

الفضول في  المعرفة كان سببا لابتعاثه إلى بريطانيا

رفضه للرشوة كان نقلة نوعية في حياته المهنية

التسهيلات للتأمين” تضم أكثر من 30 ألف مشترك

كنت أتابع الحالات بمفردي عند تأسيس “التسهيلات للتأمين”

أنصح دائما بأن نجاح الشخص بالحياة يكمن في إنسانيته

لا تجعل الآخرين يتخذون قرارك بل دعه نابعا من ذاتك

“بابكو” إحدى المحطات الأساسية في حياتي المهنية

 

أفاد المدير العام لأكبر الشركات البحرينية في التأمين علي الديلمي أنه نشأ وترعرع في كنف أب تاجر وفر له كل متطلبات الحياة، بيد أنه اختار أن يكون نفسه بنفسه بعيدا عن الاعتماد على الآخرين حتى وإن كان والده، لذا التحق بشركة “بابكو” في بداية حياته المهنية وذلك منذ نهاية سبعينات القرن الماضي. وفي هذه المؤسسة العريقة أبدى رغبة صادقة في التعليم ليرشحه المسؤولون فيها لبعثة دراسية في بريطانيا. عرف عن الديلمي روحه المرحة وبساطته في التعامل مع الناس والموظفين، مبدع في مجاله، طموحه غير متناه ليحقق مع المثابرة  أكبر أهدافه. لم يبخل أثناء الحديث معه بتقديم النصائح للشباب؛ لكي يحققوا النجاح سواء في الحياة العامة أو في مجال العمل، فهو مدرسة ثرية في كل محطات حياته، إذ كان من مؤسسي شركة التامين منذ 30 عاما. “البلاد” التقته وأجرت معه الحوار الفريد التالي:

 

* حدثنا عن حياة علي الديلمي وبداياته؟

ولدت وترعرعت في فريج المخارقة بالعاصمة المنامة، كان جدي محمد الديلمي تاجرا في المواد الغذائية، وانتقلت هذه المهنة لوالدي أحمد الديلمي. وقد درست جميع المراحل الدراسية في المدارس الحكومية بالبحرين.

* ما أول عمل بدأت به حياتك المهنية؟

كان أول عمل لي نوعا من التحدي، حيث إنني دائم الفضول وأريد البدء من الصفر رغم أنني عشت حياتي بحالة مادية جيدة بفضل الوالد رحمه الله، ولولا طموحي الكبير لما وصلت لمنصبي الحالي.

عندما استكملت التوجيهي قررت تكوين نفسي بنفسي وعدم الاعتماد على ما يملكه الوالد، كان رحمه الله حريصا كل الحرص على التعليم والعلم والدراسة والانضباط والمثابرة وتحقيق النجاحات، فبعث أخي إلى مصر للدراسة، وأختي للعراق، وجميع إخواني مهندسين ودكاترة، ولكني طلبت من الوالد أن أبدأ العمل في شركة نفط البحرين “بابكو” في العام 1979 تقريبا. في البداية رفض الفكرة، حيث كان بحاجة لي معه، ولكن طلبتُ أن يمنحني فرصة وإذا لم أنجح سأكمل معه، ولأن رؤيته كانت تتبلور حول تكوين شخصيتنا واستقلالها وافق على طلبي.

كان راتبي آنذاك قليلا نحو 175 دينارا وأنا ابن تاجر وأعود للمنزل من العمل بملابس مليئة بزيت الآلات والماكينات، فكنت أخشى أن يراني الوالد بهذه الهيئة، فيغضب وأن يغير رأيه ويرجعني للعمل معه بمبلغ أكبر، كنت أبدل ملابسي قبل العودة للمنزل حتى لا يراني إلى أن حصلت على بعثة من الشركة للدراسة في بريطانيا.

* كيف حصلت على فرصة البعثة؟

كنتُ عاملا بسيطا ومشاكسا في “بابكو”، ولغتي الإنجليزية متواضعة جدا، وعندما كان الموظفون الأجانب يعبرون من أمامي كنت أوقف الواحد منهم وأقول له إنني أنظف مثلا هذه القطعة، ولكن لا أفهم ما هو مكتوب عنها.. هل تستطيع الشرح لي؟ كنت أتعمد ذلك حتى يكتشفوا شغفي بالتعلم، لذلك أخبرني مسؤول أنه لأول مرة يرى شخصا يريد أن يتعلم، فتكرر الموقف أكثر من مرة وخلال شهر واحد اتصل هذا الشخص بالمدير وأخبره أن هذا ليس بمكان مناسب لعلي الديلمي، فهو يريد أن يتعلم، فتم ابتعاثي إلى المملكة المتحدة.

* وكيف التحقت بقطاع التأمين؟

بعد أن رجعت من بعثة “بابكو” لمدة عامين لاحظت أن مكاني المناسب ليس فيها، فرغبت في دخول مجال البنوك، إذ كان الوالد كثير السفر ويعتمد عليّ وأنا بعمر 15 عاما وأخي 13 عاما في توقيع شيكات بآلاف الدنانير ودفع رواتب العمال.

ذهبت لمقابلة عمل في الشركة الوطنية للتأمين وبالصدفة كان رئيسي قادم من “بابكو” أيضا، وهو سمير الوزان. كانت الوظيفة الأولى لي في التأمين فاحص سيارات الحوادث، وحدثت لي نقلة نوعية حينما أرسلني مديري ذات يوم لفحص بعض السيارات، فذهبت بسيارتي وجاء إليَّ مالك الكراج وأنا أفحص إحدى السيارات وأعطاني مفتاح سيارة كرسيدا جديدة، وقال لي إنها هدية (كانت أشبه برشوة)، ولم أستطع أن أقول أي شيء بسبب الخوف إذا قبلت ستكون دليل على الرشوة بعد أن أعطتني الشركة الثقة، وكنت واعيا، وإذا رفضت في  الوقت نفسه سيتصل بمديريَّ ويخبرهم إنني طلبت سيارة جديدة وسيهاجمني، فأخبرته أنني جئت بسيارتي ولا أستطيع أخذها في الوقت الحالي، ولكن سأرجع عصرا لأخذها، ومباشرة خرجت إلى الشركة دون أن أستكمل بقية العمل، وذهبت إلى الوزان وأخبرته أن أحد ملاك  الكراجات قام برشوتي بسيارة جديدة فاندهش، واكتشف أن الموضوع متداول، فأخذني للرئيس الأكبر في الشركة وكان أجنبيا، وقال له إن هذا الموظف يقول إنه لن يعمل مرة أخرى إذا كان الوضع بهذه الطريقة وأخبره بالموضوع، فقال رئيس الشركة “نحن نبحث وبحاجة لمثل هذا النوع من الرجال”.

كنت من أول البحرينيين الذين درسوا التأمين وأول المتخصصين في المجال، ولم يكن المجال متوافر في البحرين، حيث تم إرسالي إلى سويسرا في العام 1986 لمدة 4 أشهر، بعدها تم ترقية الوزان ليكون نائب المدير العام وتشجعت حينها وقلت ما دام الوزان وصل لهذا المنصب، أستطيع أنا أن أصل أيضا، وخلال أقل من 7 سنوات أصبحت مديرا.

* وكيف بدأت مع شركة تسهيلات البحرين؟

كانوا يبحثون عن بحريني للبدء بقسم التأمين للشركة، وتم ترشيحي لهذه المهمة، بدأت لوحدي مع موظفة فقط، حيث كنت أصدر البوالص وغيرها رغم أنني مدير، واجتهدت أكثر وازدادت الحالات لدي وذهبت حينها للإدارة وأخبرتهم بضرورة أن تكون هناك شركة خاصة للتأمين، وتطوعت بأن أكون المسؤول، وأنا على قدر المسؤولية وأقبل التحدي. أسست الشركة وأخذت المبادرة وأصبحت المدير العام لأكبر شركة وساطة في المملكة. دخولي لمجال التأمين كان اختيارا نابعا من قناعتي الذاتية، حيث مضى على عملي في هذا المجال 30 سنة، حيث أحببت هذا المجال بشغف؛ لذا أبدعت فيه واليوم أنا سائر فيه بكل حرفية وشغف وحب، فمن يحب عمله لابد أن يبدع فيه، “التسهيلات للتامين” أصبحت اليوم تقدم أفضل الخدمات التأمينية، وتضم أكثر من 30 ألف مشترك.

* ما الذي تعلمته في طفولتك وبقي معك حتى الآن؟

منذ عمري 6 سنوات، فقد كان الوالد يأخذنا معه بشكل يومي للسوق المركزية، حيث كان يعلمنا العمل والمثابرة منذ الصغر، وقد تعلمنا منه كيفية البيع والشراء، وتعلمتُ شخصيا من والدي الانضباط في العمل وكذلك تشكيل علاقات اجتماعية طيبة مع كل الناس، حيث كان يحظى بمحبة الناس وخدمتهم، واكتساب الإخوان حوله انطلاقا من قول الإمام علي (ع) أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، فوالدي كان منضبطا في عمله وحياته وله علاقات اجتماعية واسعة، وهذا ما انعكس علينا كعائلة بشكل عام حتى اليوم.

* كيف يقضي الديلمي يومه، وأوقات فراغه؟ وما هواياته؟

هناك يوم مخصص أقضيه مع عائلتي أسبوعيا، كما نقضي كل يوم جمعة في بيت الوالد مع والدتي العزيزة، فهي الحضن الدافئ الذي ينسينا كل هم وغم الحياة، لذلك أحرص تماما على الجلوس مع والدتي باستمرار، فرضا الأم نعمة لا تقدر بثمن ورضا الله من رضا الوالدين، وهذا الأمل جعل العلاقة بيننا ككل في عائلة الديلمي علاقة محبة وتقارب وتعاضد كبير جدا على قاعدة صلبة من الإخوة، فتجدنا دائما في حال تزاور وتواصل، وكان للوالد رحمه الله دور بارز في تأصيل وزرع هذه المحبة بيننا، وهو ما انعكس على علاقتنا الاجتماعية مع الناس.

أنا مهتم برياضة كرة القدم ومتابعة المباريات، وأشجع فريق ريال مدريد، وكذلك ألعب كرة قدم بين الحين والآخر مع الأصدقاء إذا توافرت الأجواء والظروف، كما أن لدينا فريقا لكرة القدم في التسهيلات للتأمين، ولدي اهتمامات رياضية عامة، وليس في مجال كرة القدم فقط، كما أمارس رياضة المشي يوميا.

* كم عدد أفراد عائلتك؟

لدي 3 أبناء، ولدان وبنت، كما لدي حفيدتين فاطمة وليلى، ابني الأكبر حسن درس الطب وتخصص في الجراحة العامة، حيث تخرج بتفوق من جامعة ويل كورنيل الأميركية، فهو استشاري جراحة الأوعية الدموية في نيويورك، وأما ابني الآخر حسين، فهو أيضا متفوق دراسيا وتخرج في كلية الهندسة الكهربائية ببريطانيا من جامعة مانشستر، ويعمل حاليا مهندسا في بابكو. وابنتي أمينة تخرجت في الجامعة الأهلية بالبحرين بتفوق في تخصص economic and finance، لكن ميولها أخذتها إلى اتجاه آخر، فاستكملت دراستها في أميركا في تخصص makeup artist والسبب في اهتمام أبنائي بالجانب التعليمي والتفوق يعود إلى والدتهم، فهي متعلمة ولديها حرص شديد على الدراسة.

  

*ما النصيحة التي توجهها لأبنائك؟

أهمها أن يكون الابن إنسانا، دائما ما كنت أكرر على أبنائي القول إن نجاحك في الحياة يكمن في إنسانيتك أولا وأخيرا مهما كان مركزك ومنصبك، فمن يكون إنسانا سيكون ناجحا انطلاقا من إنسانيته، فالناس صنفان: إما أن يكون أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، فلابد أن تعامل الناس كما تحب أن يعاملوك بغض النظر عن جنسه أو عرقه أو طائفته ودينه ونسبه، فالدين المعاملة.

  

*هل أنت من محبي القراءة؟

بالتأكيد خصوصا في مجال الإدارة والتسويق والأعمال والتأمين، كذلك القراءات الدينية خصوصا دراسة القرآن الكريم.

 

* وماذا عن السفر والسياحة؟

من ضمن برنامجي السنوي أخصص الذهاب مرتين للسفر خارج إطار العمل للاستجمام والسياحة سواء مع العائلة أو بشكل أحادي، وزادت رحلات السفر مع زوجتي حاليا؛ نظرا لكون ابني حسن يدرس في نيويورك وسيستقر قريبا هناك، فمرة على الأقل في السنة أسافر إلى أميركا. ليس هناك بلد معين أسافر له، ولكن أحب السفر للأماكن المقدسة وإلى أميركا بحكم تواجد ابني الأكبر هناك، والدول الأوروبية عموما.

 

*حكمة تؤمن بها في الحياة؟

لا يتخذ خيارك وقرارك الآخرون، وإنما دع قرارك نابعا من ذاتك وقناعتك وتخطيطك السليم، ولا ضير في الاستشارة للاستنارة، لكن دع القرار يعود إليك في النهاية وليس لأحد غيرك، وحكمة أخرى أقولها هي أن الإنسان العامل خصوصا يستطيع أن يفرض احترامه وتميزه بإخلاصه في عمله.

* ما دور أم حسن في حياتك؟

لها دور كبير في حياتي ونجاحي وتحقيق طموحاتي، فهي إنسان مثقف أقوم باستشارتها والأخذ برأيها عند اتخاذ القرارات، إن كانت للأولاد أو في العمل، فهي تعطيني أفضل طريقة رد من الممكن أن أحل بها بعض المعوقات التي تصادفني، كما أنها شريكتي دائما  خصوصا في مرحلة تعليم الأبناء.

   

* ما أول سيارة امتلكتها؟

كانت تويوتا سليكر، في بداية عملي في “بابكو” العام 1980، قمت بشرائها بالأقساط عن طريق الوكيل في تلك الأيام، وكنت أدفع نصف راتبي تقريبا، فاعتمدت على نفسي منذ البداية ولم آخذ من الوالد أي مبلغ في دراستي أو للأولاد وكذلك في زواجي.